حمص: عصابات سرقة نشطة برعاية أمن النظام

11 يناير 2024
تتعاون العصابات مع أجهزة النظام في حمص (فرانس برس)
+ الخط -

تسرق عصابات أي شيء في عموم مدن وبلدات الريف الشمالي لمحافظة حمص، وسط سورية، ويستفيد عناصرها من الفلتان الأمني وفساد رجال الأمن في تنفيذ العمليات ووضع السكان تحت رحمتهم 

تنشط عصابات السرقة في الريف الشمالي لمحافظة حمص، وسط سورية، في غياب سلطة تردع عملياتها، وهي تجبر العائلات على الخضوع لها، خصوصاً تلك التي غادر شبانها إلى شمال سورية بعد سيطرة النظام على المنطقة عام 2018، أو إلى لبنان في الفترة ذاتها.
يقول مصطفى المحمد، الذي يسكن في المنطقة، لـ"العربي الجديد": "بقي في المنطقة الشبان الذين يعملون تحت كنف القوات الأمنية للنظام، والذين يعرف عنهم أنهم يتعاطون المخدرات ولا يمكن ردع اعتداءاتهم على الناس أو سرقتهم المنازل ومقتنيات الأراضي الزراعية. وبالنسبة لي شخصياً لم يبقَ لدي ما يُسرق، إذ استولت العصابات على المعدات الزراعية في أرضي، ومضخة مياه وكابل كهرباء وغيرها، والمشكلة أن الجميع يعرف اللصوص في مناطق الريف الشمالي، لكن ذلك لا يعني وضع حدّ لهم".
يضيف: "سرقت العصابات أيضاً كل مقتنيات منزل أخي حين كان فارغاً ولا يقيم فيه أحد. ونحن نعيش هذا الواقع منذ عام 2018، فأي بيت يخلو من السكان يُسرق خلال وقت قصير، كما تسرق الأغنام والأبقار والدراجات النارية، وتنتشر هذه السرقات بكثرة في الوقت الراهن، ولا حلول لها مطلقاً".
ويصف عبد الرحمن الفهد (29 عاماً)، النازح المقيم في مخيمات قاح، شمالي إدلب، جرائم السرقة "بأنها لا تحتمل، خاصة بعدما طاولت حتى كابلات ومعدات الإنترنت التي يضطر النازحون لوضعها في الخارج، ما يجعلها في متناول اللصوص الذين لا يجدون صعوبة في سرقتها".
ويتحدث خالد تلاوي، الذي يسكن في مدينة تلبيسة، لـ"العربي الجديد"، عن أن الأهالي يحاولون حماية أنفسهم من هذه العصابات ومشاكل الفلتان الأمني باعتبار أن الجهات التابعة للنظام لا تتدخل لوقف هذه العصابات، وحالياً تحاول لجان أمنية من أهل المدينة وضع حدّ للسرقات والفلتان الأمني، وفي تلبيسة تضم اللجنة الأمنية 200 شخص ينظمون دوريات لحمايتها".


يتابع: "تحدث سرقات كثيرة، وأخيراً اقتحمت عصابة بيت طبيب في المدينة وسلبته مبالغ مالية تحت تهديد السلاح. وبعد مدة اعتقلت اللجنة الأمنية اللصوص وأعادت المال للطبيب الذي يسكن عند أطراف المدينة، ما سهّل اقتحام أفراد العصابة لبيته". يحذر الأهالي عبر مجموعات أنشئت على "واتساب" بعضهم بعضاً من اللصوص، ويبلغون عن أي مشهد مريب يلاحظونه في الشارع خلال الليل حين لا يستطيع أفراد اللجان الأمنية التجول لتجنب التعرض لإطلاق نار مباشر".

تحاول لجان أمنية من أهل حمص وضع حدّ للسرقات والفلتان الأمني (فرانس برس)
تحاول لجان أمنية من أهل حمص وضع حدّ للسرقات والفلتان الأمني (فرانس برس)

في المقابل، يتعاون أفراد عصابات السرقة مع أجهزة أمن النظام لحماية أنفسهم ضمن منطقة ريف حمص الشمالي، وهذا ما يؤكده الناشط الإعلامي خضر العبيد في حديثه لـ"العربي الجديد"، ويوضح أن "معظم اللصوص في المنطقة هم عناصر فصائل كانت مرتبطة بالنظام وأجهزته الأمنية، وبعد إجراء تسويات بقي هؤلاء الأفراد في المنطقة، وحين توقفت الإمدادات المالية عنهم وساء الوضع في المنطقة أصبحوا يمتهنون السرقة والتشليح والسلب. وهم ينفذون العمليات بالتنسيق مع القائد المسؤول عنهم المرتبط بدوره بأحد جهازي الأمن العسكري أو المخابرات الجوية. ويحصل هذا القائد على نسبة من هذه السرقات مقابل ضمان عدم مساءلة اللصوص.
أيضاً يشير العبيد إلى أن "العصابات تضم شباناً عاطلين من العمل ومطلوبين للخدمة العسكرية لذا لا يستطيعون التوجه إلى مدينة حمص، وهذا الأمر شائع حالياً مع تفشي المخدرات بين فئة من شبان المنطقة يفعلون أي شيء لتوفير المبالغ المالية اللازمة للحصول على المواد المخدرة، سواء من خلال السرقة أو السلب أو التشليح".
ويوضح العبيد أن "العصابات تضم عناصر من فصائل ارتبطت بالنظام السوري قبل حصول تسويات، والذين يعملون بحماية قادة مرتبطين بالنظام مباشرة، ومنهم المدعو صفوان الوسطى، الذي أدخل الروس إلى مدينة تلبيسة، ويعمل برعاية الأمن العسكري، كما تضم تجار مخدرات ومروجيها. ويعرف الأهالي أفراد العصابات لكنهم لا يستطيعون مواجهتهم أو وضع حدّ لهم، علماً أن من يتعرض لهم أو يقف في وجههم مباشرة قد يُقتل، وهم يسرقون بقوة السلاح".


يتابع: "تعيش في المنطقة عائلات غادر أبناؤها بعد اتفاق التسوية إلى الشمال السوري أو الخارج، وهي عاجزة فعلياً عن فعل أي شيء في حال دهمت عصابات منازلها. وتضم مدينة تلبيسة سوق مسروقات مصدرها منازل في ريف حمص الشمالي، ومن يفقد شيئاً يذهب إلى هذه السوق كي يجد ما فقده، وإذا عثر عليه يُجبر هذا الشخص على دفع ثمن معين لاستعادة ما سرق منه، وقد يتعرض لتهديد في حال حاول المفاصلة على السعر الذي يعرضه اللصوص".
ويقول عبد الكريم أبو محمد، الذي يسكن في منطقة الحولة، لـ"العربي الجديد": "ينشط في المنطقة لصوص يسرقون ألواحاً للطاقة الشمسية ومنازل غادرها السكان، ولا يستطيع الأهالي التصدي لهؤلاء اللصوص لأن أجهزة الأمن تغطي عملياتهم".
وإلى جانب الفلتان الأمني غير المسبوق، يعاني سكان الريف الشمالي لمحافظة حمص من الحرمان من الكهرباء والمياه وغياب وسائل النقل، وتتعمّد أجهزة الأمن إضافة إلى العصابات ملاحقتهم وابتزازهم.

المساهمون