على خلفية العاصفة المتوسطية "دانيال" التي بدأت تضرب شرقي ليبيا، ابتداءً من أمس الأحد، أعلن رئيس الحكومة الليبية المكلّفة من مجلس النواب أسامة حماد أنّ عدد الضحايا الذين سقطوا من جرّاء الفيضانات في مدينة درنة، شمال شرقي ليبيا، ارتفع إلى أكثر من ألفَي قتيل، في حين أنّ المفقودين يُقدَّرون بالآلاف.
بدوره، أفاد المتحدث باسم جيش شرق ليبيا، في مؤتمر صحافي عقده مساء اليوم الاثنين، بأنّ أكثر من ألفَي شخص لقوا حتفهم في فيضانات درنة، في حين فُقد أثر ما بين خمسة آلاف وستّة آلاف آخرين.
وأشار حماد، في تصريح لتلفزيون "المسار" المقرّب من قيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بعد ظهر اليوم الاثنين، إلى أنّ "أحياء كاملة في درنة اختفت بسكانها وراحت مع البحر".
لكنّ رئيس الحكومة لم يذكر أيّ معطيات جديدة استند إليها في تصريحاته، في الوقت الذي ما زالت فيه فرق الإنقاذ عاجزة عن الوصول إليها بسبب قطع السيول الطرقات الرئيسية المؤدية إليها.
من جانبه، وجه رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، نداء استغاثة للدول والمنظمات الدولية "لتقديم المساعدة والدعم للمناطق المنكوبة" شرق البلاد.
وعبر المنفي، في بيان له ليل الاثنين، عن يقينه بأن "التضامن العالمي سيكون له تأثير إيجابي في إعادة بناء المنطقة وتعافيها من هذه الكارثة الطبيعية".
ودعا المنفي في بيانه جميع المواطنين إلى الالتزام بتعليمات السلامة والتحذيرات الصادرة عن المؤسسات المعنية وضرورة التعاون والتضامن لتجاوز الأزمة.
وقال عضو غرفة الطوارئ التابعة لبلدية مدينة درنة، عبد القادر أبو ملاسة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن فرق الإسعاف وجهاز الهلال الأحمر بمدينة درنة تمكنت من انتشال ونقل 352 جثة من ضحايا الفيضان.
وأفاد بأنه تم دفن هذه الجثث في مقبرة منطقة مرتوبة (جنوب شرق درنة بنحو 25 كليو متر) بسبب امتلاء مقابر المدينة بمياه الفيضانات.
وأكد أبو ملاسة أن العدد النهائي لضحايا الفيضانات من غير الممكن تحديده اليوم أو غداً، وقال "من ساعات قليلة نظمنا كل الفرق في غرفة واحدة لتلقي البلاغات حول المفقودين والاستغاثات بشكل موحد، ضمن جهود تنظيم العمل، وأعداد المفقودين لا تزال غير مضبوطة حيث يتم التبليغ من أسرة مفقودة ثم يكتشف لاحقاً أنها غادرت لمنطقة مجاورة".
وتابع "لا يزال هناك جهود للبحث عن مفقودين في عدة أماكن، منها تحت ركام بعض المباني التي جرفتها المياه، أو التي نقلتها السيول الى داخل البحر، والآن لدينا بلاغ بوجود عشرات الجثث جرفتها السيول الى داخل مخازن ميناء المدينة".
وطاولت الفيضانات التي تسبب فيها الإعصار المتوسطي "دانيال"، مدن البيضاء وشحات ودرنة وسوسة، بالإضافة لعدد من القرى والمناطق الواقعة بين هذه المدن.
وقد تمكّن عدد من الناشطين من نشر تسجيلات فيديو صوّرها سكان في مدينة درنة تمكّنوا من الخروج منها عبر مسارب ترابية. وأظهرت التسجيلات آثار دمار واسع في مساكن المدنيين القريبة من ضفّتَي الوادي الذي يشقّ وسط المدينة.
يُذكر أنّ عدد سكان مدينة درنة لا يتجاوز 200 ألف نسمة، وهم يتوزّعون بمعظمهم في المناطق والأحياء الواقعة على شقَّي الوادي الذي يقسم المدينة إلى نصفَين، في حين تقع المدينة القديمة وعدد من أحيائها الشعبية في منتهى مصبّ الوادي على شاطئ البحر.
وكانت بلدية المدينة قد أعلنت، في وقت سابق، إخلاء الأحياء الشعبية الواقعة من سكانها قبل وصول العاصفة، إلا أنّ الأضرار التي أشار إليها رئيس الحكومة تركّزت بحسب ما يبدو في المدينة القديمة، لا سيّما وأنّ المباني قديمة.
تضامن دولي
في سياق متصل، وجّه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بإرسال مساعدات عاجلة إلى المناطق المتضرّرة من الفيضانات في شرق ليبيا، بحسب ما أعلن الديوان الأميري القطري في بيان.
وكان أمير قطر قد أرسل، في وقت سابق، برقية تعزية إلى رئيس المجلس الرئاسي في دولة ليبيا محمد المنفي عن ضحايا الفيضانات التي اجتاحت شمال شرقي البلاد، متمنياً الشفاء العاجل للمصابين.
بدورها، أعلنت الحكومة الجزائرية استعدادها إرسال مساعدات عاجلة إلى ليبيا، على خلفية الفيضانات.
وأفاد بيان للخارجية الجزائرية بأنّ "الجزائر تعرب عن كامل استعدادها للوقوف إلى جانب الأشقاء الليبيين ومدِّهم بيد الدعم والمساعدة للتخفيف من وطأة وتوابع هذه الكارثة". وعبّرت الخارجية عن تضامن الجزائر مع دولة ليبيا، حكومة وشعباً، وتعاطفها معها في مواجهة آثار هذه المحنة.