- لم تعلق نقابة الأطباء السورية على الاتهامات، بينما كشفت جولات الرقابة عن استخدام مستهلكات قسطرة معاد تدويرها وإرسال فواتير وهمية، مما يعكس مستوى الفساد في القطاع الصحي.
- القضية تبرز مشكلة استغلال المرضى في القطاع الطبي بحلب، حيث يتم دفعهم نحو عمليات غير ضرورية لتحقيق مكاسب مادية، مما يدفع العديد للبحث عن العلاج خارج البلاد.
يواجه أطباء في مدينة حلب، شمالي سورية، تهمة الشروع في القتل التام وسرقة المال العام، بسبب استخدام أدوات طبية مستعملة بعد تعقيمها في عمليات القسطرة القلبية. وكتب الإعلامي رضا الباشا الذي يتابع ملفات الفساد في محافظة حلب، منشوراً على موقع "فيسبوك"، عن مذكرة توقيف قضائي صدرت بحق "9 من كبار أطباء القلب في حلب بتهمة الشروع في القتل وسرقة المال العام، على خلفية قضية استخدام أدوات طبية مستعملة بعد تعقيمها في عمليات القسطرة القلبية". أضاف الباشا أن من بين الأطباء المطلوبين أسماء أطباء كبار ومقربين من مسؤول كبير في حلب سبقت ملاحقة مقربين منه بملفات خدماتية.
وطاولت هذه التهم أطباء وفنيين وفق مصادر إعلامية تابعة للنظام السوري، من دون أن يصدر أي تعليق رسمي عن نقابة أطباء سورية أو فرع النقابة في محافظة حلب.
ونقلت صحيفة "الوطن" الموالية للنظام عن مدير صحة حلب، زياد حاج طه، قوله إنه خلال جولات الرقابة على المستشفيات، رصدت عناصر الرقابة أحد المستشفيات الخاصة تسوّق مستهلكات قسطرة معاد تدويرها، مبيناً أن هناك 6 أطباء وفنيين يعيدون استخدام مستهلكات القسطرة لمرضى مختلفين بأمراض خطيرة، فضلاً عن إرسال الأطباء والمستشفى فواتير وهمية لصرفها لدى الجمعيات الخيرية، من دون الإشارة إلى المستشفى ضمن مدينة حلب.
في هذا السياق، يقول طبيب التخدير أحمد أبو عيسى، الذي يعمل في أحد المستشفيات الخاصة في مدينة حلب، لـ"العربي الجديد" إن أسماء الأطباء وعددهم أمر غير معروف حتى الآن، وهم على ذمة التحقيق، والتهمة الموجهة إليهم هي استخدام أدوات مستعملة سابقاً في عمليات القسطرة القلبية. يتابع: "حتى الوقت الحالي، لا يوجد إدانة لأي من أطباء القلب والشرايين في حلب، وإنّما الأطباء يخضعون للتحقيق بسبب إعادة استخدام الأدوات بعد تعقيمها". يضيف: "بحسب المعلومات التي عرفناها، فإن الأطباء يلقون باللوم على الفني الذي كان يبيع الأدوات اللازمة لعملية القسطرة لهم، ولا يمكن معرفة التفاصيل إلا بعد صدور نتائج التحقيقات في القضية".
ويلفت أبو عيسى إلى أن استخدام أدوات طبية مستعملة في عمليات القسطرة غير مقبول من الناحية الطبية أو الأخلاقية، مؤكداً أن هذه الأدوات غير مخصصة للتدوير وإعادة الاستعمال وفق المبادئ الطبية، وحتى لو كانت إعادة الاستعمال بموافقة المريض. لكن في الوقت الحالي، ما من التزام بأي من أخلاقيات أو قوانين المهنة". يضيف: "من الصعب الإدلاء بتفاصيل غير دقيقة بخصوص إيقاف الأطباء في مدينة حلب، لكن هناك فساد واضح في القطاع الصحي ضمن المدينة، ونحن نترقب نتائج التحقيق في حال تمت إدانتهم".
ويحاول الأطباء في المدينة استغلال المرضى من خلال دفعهم للتوجه إلى عياداتهم الخاصة، أو إجراء العمليات حتى دون الحاجة إليها، وقد تحوّل القطاع الطبي في مدينة حلب إلى قطاع استثماري من دون بعد إنساني، وفق بعض الأهالي.
ويقول عمرو الكيالي وهو من أبناء مدينة حلب، لـ"العربي الجديد"، إنه خضع في وقت سابق لعملية قسطرة، لكنه نجا كما يبدو من مضاعفاتها. ويرى أن الأطباء "تحولوا إلى تجار"، لافتاً إلى أنهم "لا يعتمدون على التشخيص، بل يبادرون فوراً لإجراء عملية قسطرة قلبية، من دون أي تقدير لوضع المريض المادي. كل ما يهمهم هو المردود المادي. القسطرة مهمة لمعرفة حالة المريض، لكن لا يعقل أن كل مريض يراجع طبيبا متخصصا بأمراض القلب والشرايين يكون مصيره إجراء عملية قسطرة".
إلى ذلك، يقول أحمد الخضر، الستيني المقيم في مدينة حلب، لـ"العربي الجديد"، إنه لا يعتمد أبداً على تشخيص الأطباء في المدينة، وهو يعاني من مرض السكري، وقد أجرى عملية قسطرة قلبية قبل نحو عشرة أعوام. ويوضح: "في الوقت الحالي، أعتمد على الأطباء خارج سورية، وأرسل لهم الفحوصات والصور وتخطيط القلب، لأن الأطباء هنا يضخمون المشكلة لابتزاز المريض".
يشار إلى أن قسطرة القلب هي اختبار أو علاج لبعض مشكلات القلب أو الأوعية الدموية، مثل انسداد الشرايين أو عدم انتظام ضربات القلب. وفيها يُستخدم أنبوب رفيع مجوف يُسمى أنبوب القسطرة. يوجَّه الأنبوب عبر أحد الأوعية الدموية إلى القلب. وتوفر قسطرة القلب تفاصيل مهمة عن عضلة القلب وصمامات القلب والأوعية الدموية في القلب.