يهدف "الكتاب الأبيض" الذي أعلنته الحكومة البريطانية في الثاني من فبراير/ شباط الجاري، إلى رفع مستوى البلاد بحلول عام 2030، عبر 12 مهمة تنشد تحسين حياة الناس عبر إعادة تشكيل جذرية لقطاع الإيجارات الخاص، وخلق خدمات تعليم وإنترنت ونقل أكثر فاعلية.
لكن بعض خطط قطاع الإيجارات يثير جدلاً، خصوصاً تلك التي تتعلّق بالمالكين وأهمها إطلاق استشارة حكومية جديدة حول تقديم سجلات لهم، وتعزيز جهود التضييق على أولئك "المحتالين".
وللمرّة الأولى تعتمد لندن خطة تفرض تلبية كل مالكي المنازل الخاصة المؤجرة الحد الأدنى من معايير المنازل اللائقة، وتقليص تلك غير اللائقة بنسبة 50 في المائة، مع توفير تحسينات أكبر للمناطق ذات المستوى المنخفض. كما تلحظ الخطط إلغاء عمليات الإخلاء "في حال عدم ارتكاب خطأ" والتي يوردها البند رقم 21 في قانون الإيجار، ما ينهي الوضع غير العادل على صعيد طرد المستأجرين من المنازل بلا سبب.
ويمنح البند 21 أصحاب عقارات القطاع الخاص حق استعادة ممتلكاتهم من المستأجرين من دون الحاجة إلى إثبات "وجود أي خطأ"، لذا يشار إليه أحياناً بعبارة إخلاء.
إلى ذلك تلحظ الخطط، إزالة القاعدة الحالية للتمويل الحكومي للإسكان الذي تنفق نسبة 80 في المائة من موازنته على مدينة لندن وجنوب شرقي إنكلترا، وتخصصها لشمال إنكلترا وميدلاندز.
وستدعم الحكومة ملكية منازل من خلال إنشاء "صندوق جديد لتسوية بناء المساكن" بميزانية 1.5 مليار جنيه إسترليني (1.69 مليار دولار)، والذي سيقدم قروضاً لمطوّرين صغار ومتوسطين، ويدعم أجندة تجديد مناطق تعتبرها الحكومة أولوية.
وبين الخطط الأخرى التي تسعى الحكومة إلى إنجازها، تدريب مئات آلاف الأشخاص على كسب مهارات مهنية، ومحاولة تقليص التفاوت الكبير في متوسط العمر الصحي المتوقع للشخص، والعمل لخفض معدل الجرائم الخطرة في المناطق الأكثر تضرراً.
وستلتزم الحكومة أيضاً بناء مساكن اجتماعية ميسورة الكلفة، ما يفي بالالتزامات التي تعهدت بها الحكومة بعد مأساة الحريق الذي اندلع في برج غرينفيل غرب لندن عام 2017، وتسبب في مقتل 58 شخصاً وجرح 30 انضموا إلى حوالى 600 شخص تواجدوا في شقق تضم غرفة نوم واحدة أو غرفتين، واشتكوا من سوء تدابير السلامة المتعلقة بالحرائق ومشاكل أخرى في البناء.
وإذا أنجزت خطط "الكتاب الأبيض" سيفي رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بوعد رفع مستوى المجتمعات المنسية والمحرومة، الذي شكل الموضوع الرئيسي لحملة الانتخابات العامة لحزب المحافظين الذي يتزعمه عام 2019، حين حقّق المحافظون مكاسب ضخمة في معاقل لحزب العمال كانوا عجزوا عن خرقها سابقاً.
ويعتبر وزير الإسكان والمجتمعات مايكل غوف أّنه "جرى تجاهل مجتمعات عدة وتقليل قيمتها لعقود، وتُركت مناطق في دائرة التدهور في وقت كانت أخرى تزدهر، ما جعل المملكة المتحدة أشبه بطائرة نفاثة بمحرك واحد فقط. وخطط الكتاب الأبيض تهدف إلى إنهاء الظلم التاريخي".
نشر الازدهار والفرص
وسيهتم الكتاب الأبيض بنشر الفرص والازدهار في المملكة المتحدة عبر رفع الأجور والتوظيف والإنتاجية في كل المناطق، ومحاولة تعزيز قدرة المدن الكبرى على المنافسة عالمياً. وهذه المرة الأولى التي تضع فيها الحكومة خططاً لتضييق الفوارق الاقتصادية للمناطق في صلب جدول أعمالها.
وتستهدف الخطة جعل وسائل النقل العام المحلية في أنحاء البلاد أشبه بتلك التي في لندن، مع تحسين الخدمات والأسعار، وتوفير تغطية إنترنت ممتازة لغالبية السكان، ورفع نسبة أطفال المدارس الابتدائية الذين يحققون المستوى العالي المنشود في القراءة والكتابة والرياضيات إلى 90 في المائة، وأولئك في المناطق منخفضة المستوى أكثر من الثلث. كما تنشد الخطة خفض جرائم القتل والعنف الخطير وجرائم الأحياء خصوصاً في المناطق الأكثر تضرراً.
ويقول المواطن غانثر (34 عاماً) لـ"العربي الجديد": "يهمني خصوصاً وضع حد لجرائم السرقة التي تنتشر في شكل كبير في بعض الأحياء، علماً أن أربعة منازل تعرضت للسرقة في الشارع السكني الذي أعيش فيه ويبعد 20 دقيقة عن وسط لندن، آخرها الشهر الماضي. ونأمل في أن تحد خطة رفع مستوى البلاد من الجريمة والفقر والمخدرات كي نعيش بأمان، فنحن نشعر بقلق دائم رغم نشر الآلاف من كاميرات المراقبة وغيرها".
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
