استمع إلى الملخص
- بعد الإفراج، تزوج حسين من روبين وهربا إلى ريف إدلب بحثاً عن الأمان، بينما انتقلت زوجته الأولى وأولاده إلى لبنان. استقر الزوجان في إدلب بعد تنقلات عديدة.
- في 2019، اعتقلت روبين أثناء زيارة لعائلتها وتعرضت للتعذيب قبل الإفراج عنها. يعيش حسين وروبين الآن بعيداً عن عائلاتهم ويعانون من الفراق وضيق العيش.
قبل أن تندلع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، كان حسين الحلبي يعمل في تجارة الأدوات المنزلية، ويملك محلاً كبيراً ومستودعات في مسقط رأسه مدينة حماه، ويعيش مع زوجته الأولى اللبنانية الجنسية وأربعة أولاد حياة مستقرة في هناء وسرور ووفرة من المال.
استمر ذلك حتى قرر حسين وزوجته قضاء إجازة في لبنان الذي لم يصلوا إليه معاً إذ اعتقلته المخابرات الجوية على طريق دمشق - بيروت في يوليو/تموز 2011، وتابعت زوجته طريقها إلى مدينة صيدا اللبنانية.
بدأ التحقيق مع حسين في الفروع الأمنية للنظام السوري، وبالتالي المتاعب. وكانت الصدمة الكبرى العبارة الأولى التي قالها المحقق: "أنت مموّل للإرهاب وقائد مجموعة إرهابية"، وهو ما نفاه حسين الذي رد: "أنا مجرد تاجر أدوات منزلية، وعملت في السابق سائقاً على خط حماه - بيروت".
تتالت الأسئلة والاتهامات من المحقق في جو من الخوف والرعب عاشه حسين الذي سُئل حينها عن شقيقين له هاجرا من سورية في ثمانينيات القرن الماضي، وعن ولديه الذين شاركا في تظاهرات سلمية في حماه مع بداية اندلاع الثورة، ثم نقِل مغطى العينين ومكبل اليدين إلى زنزانة منفردة.
أمضى حسين أكثر من شهر في زنزانة منفردة، وعانى الضرب والإهانة، سمع ألفاظاً نابية وكلاماً بذيئاً، وخضع لجلسات تحقيق عدة، ثم طلب محقق في أحدها مبلغ عشرة ملايين ليرة سورية للإفراج عنه. وانتهت المفاوضات بين المحقق وحسين بمبلغ خمسة ملايين ليرة سورية مقابل تغيير التهمة من مموّل للإرهاب إلى متظاهر.
انتهت فترة اعتقاله لكن بشاعتها لا تزال تعيش حتى اليوم في ذاكرة حسين الذي قال لـ"العربي الجديد: "عشت الموت مرات في اليوم الواحد، شاهدت كيف يسقط ضحايا التعذيب موتاً، لا ذكرى قاسية تعادل الاعتقال سوى مجزرة حماة عام 1982".
بعد نحو عام من خروج حسين من المعتقل، تزوج زوجته الثانية روبين المتحدرة من مدينة حماة. وبعد فترة قصيرة من الزواج تسرّب خبر لحسين بأن اسمه مدرج للمرة الثانية ضمن قائمة المطلوبين لدى المخابرات الجوية، فغادر بيته إلى ريف إدلب الخارجة عن سيطرة النظام. سافرت زوجته الأولى مع أولادها إلى مدينتها صيدا اللبنانية حيث عائلتها، أما روبين فبقيت لأشهر في حماه، وحاولت تحصيل ما أمكن من أموال عبر بيع أغراض أو استرداد ديون من تجارة الأدوات المنزلية، لكنها لم تحصل إلا على جزء بسيط قبل أن تلتقي حسين في ريف إدلب.
تنقّل حسين مع زوجته روبين بين مدينة معرة النعمان جنوبي إدلب وقرى عدة في ريفها بحسب نسبة الأمان، ثم نزحا إلى مدينة إدلب عندما سيطرت قوات النظام السوري على المنطقة نهاية عام 2019، واستقرا فيها.
وبعدما ابتعدت روبين سنوات عن عائلتها في مدينة الرستن قررت زيارتهم عام 2019، فحصلت "غلطة العمر"، كما تقول، فحين وصلت إلى أهلها قررت الذهاب إلى مدينة حماة لتسجيل أطفالها في دفتر العائلة، لكنها لم تصل إلى هناك إذ اعتقلت مع طفلها الرضيع عند حاجز تابع للأمن العسكري (أحد فروع النظام) على طريق المصافي.
تقول روبين لـ"العربي الجديد": "لا يمكن أن أصف الأيام التي قضيتها في المعتقل. تنقلت بين فروع عدة وتعرضت للإهانة والتعذيب. أُغلقت عيناي، وتكبلت يداي، ونُقلتُ إلى فرع المخابرات الجوية، وكانت أقسى مرحلة حيث قضيت ربما عشرين يوماً في زنزانة منفردة".
نُقلتْ روبين إلى أفرع أمنية عدة في دمشق وحماة ثم أخلت محكمة حماة سبيلها بمساعدة زوجها وأهلها الذين دفعوا أموالاً هنا وهناك.
تخبر روبين: "لا يمكن أن أنسى أيام السجن المنفرد في فرع المخابرات الجوية حين شعرت أنني لن أرى الشمس مجدداً، وانهارت أعصابي وحاولت الانتحار".
انتهى كابوس حسين وروبين، لكن الآثار النفسية مستمرة حتى اليوم، فحسين لا يزال بعيداً عن زوجته الأولى وأولاده، وروبين بعيدة عن عائلتها، وجميع أفراد العائلة يتألمون من الفراق، ويعيشون في ضيق بعد نهب معظم أموال حسين في حماه.