حرب غزّة والأوضاع المادية يلقيان بظلالهما على عيد الأضحى في الأردن

19 يونيو 2024
يحتفلون بالعيد في عمان (محمد صلاح الدين/ الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- رغم الظروف الصعبة من حرب وأوضاع اقتصادية متدهورة ومأساة وفاة حجاج، حافظ الأردنيون على تقاليد عيد الأضحى بإداء الصلاة وذبح الأضاحي والزيارات العائلية، مجددين العلاقات الأسرية والاجتماعية.
- استمرار العائلات في إعداد وجبات العيد التقليدية ومحاولة إدخال الفرحة على الأطفال بالملابس والألعاب، رغم الضغوط الاقتصادية واختيار بعضهم لعدم تقديم أضحية أو شراء ملابس مستعملة.
- الأردنيون سعوا للحفاظ على قيم العيد وتقاليده مع التأكيد على أهمية العلاقات الاجتماعية والأسرية، متأملين في ظروف أفضل رغم التأثير الكبير للأحداث الجارية على مظاهر الاحتفال.

تمسّك الأردنيون بإحياء طقوس عيد الأضحى هذا العام، لكنهم تأثروا بأجواء الحرب على غزة والأوضاع الاقتصادية الصعبة السائدة، قبل أن يعلموا بمأساة وفاة عشرات من المواطنين الحجاج في السعودية، ما جعلهم يأسفون لعدم اتخاذ السلطات إجراءات مناسبة لتجنب ما حصل. 

وبعد الاستعداد لعيد الأضحى، توجه الأردنيون لإداء الصلاة في يوم العيد، ثم ذبح المقتدرون الأضاحي، وبعدها أجريت الزيارات وجرى تبادل التهاني. واستمرت هذه المراسم حتى ساعات متأخرة من الليل فشكل العيد بالتالي فرصة لاجتماع العائلات، وإحياء العلاقات بين الأهل والأقارب، واسترجاع الذكريات العائلية.

وتناولت غالبية العائلات الفطور الصباحي الذي تضمن معجنات وحلوى مصنوعة في البيت (كعك العيد) التي تعتبر الحلوى العائلية الشهيرة للأسر باعتبارها رئيسية في الأعياد. أما من ذبحوا أضاحي فتناولوا "معاليق" كبدة وقلب ورئتي الأضحية على الإفطار، و"المنسف" على الغداء، والذي تضمن لحم الضان ولبنا وخبز القمح البلدي أو الأرز.

قالت سميرة لـ"العربي الجديد": "حلّ عيد الأضحى هذا العام بحزن خيّم على الجميع، فما يحدث في غزة من حرب إبادة بشعة أزال كل الأفراح النابعة من القلب. صحيح أننا لم نستطع إلغاء تقاليد العيد، لكن كيف كان يمكن أن نفرح وقد استشهد عدد من الأهل في فلسطين وأصيب آخرون، وبات غالبيتهم نازحين بلا بيوت أو طعام. حتى الحلوى لم يكن لها طعم ومذاق بالنسبة لنا".

أضافت: "لا يمكن إلغاء الزيارات العائلية إلى الأهل والأصدقاء، فالعيد ليس فقط لتقديم التهاني، بل أيضاً للاطمئنان على الأشخاص الأعزاء من خلال التواصل المباشر معهم بدلاً من الاعتماد على الاتصالات الهاتفية والرسائل. وعموماً لم نبالغ في تحضير العيد، واشترينا ملابس للأطفال وصنعنا الكعك والمعمول في البيت".

وتخبر أيضاً أن زوجها اعتاد ذبح أضحية كل عام، وفعلنا ذلك هذا العام رغم ارتفاع الأسعار، فالوضع المادي سمح بذلك".

ورأى الموظف محمد جميل، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ فرحة العيد الكبرى للأطفال، أما كبار السن فتظل فرحتهم برمز العيد الذي يجلب عليهم ضغوطاً اقتصادية صعبة والتزامات اجتماعية ثقيلة في ظل وضع مالي مترد".

وأوضح أّن "الأولوية كانت لشراء ملابس للأطفال، وتأمين احتياجات العيد من حلويات ومستلزمات ضرورية، وتقديم هدايا في إطار علاقات صلة الرحم للأخوات والعمات والخالات التي تفرضها واجبات دينية واجتماعية. والوضع المادي لم يسمح بتقديم أضحية يتجاوز ثمنها نصف راتبي".

أضاف: "تذكرنا في العيد إخوتنا في غزة الذين لم يحرمهم العدوان الغاشم فقط من الاحتفال بالعيد، بل من أبسط تفاصيل الحياة. وفي العيد لا بدّ أن تكون كل مشاعرنا معهم".

بدوره، قال محمد المومني وهو موظف، لـ"العربي الجديد": "جاء عيد الأضحى هذا العام في ظل ظروف صعبة، فحرب الإبادة في غزة نزعت الفرحة من كل بيت عربي، والظروف الاقتصادية زادت الأعباء على الأردنيين، خاصة أن العيد حلّ في منتصف الشهر، والرواتب انتهت من جيوب الموظفين منذ بداية الشهر".

تابع: "حاولنا أن ندخل الفرح إلى قلوب الأطفال عبر شراء ملابس لهم، واشترى مواطنون كثيرون ملابس لأطفالهم من محلات الملابس المستعملة، ونأمل في أن يأتي العيد المقبل بظروف أفضل".

أما رانيا سلامة وهي موظفة وأم لأربعة اطفال، فقالت لـ" العربي الجديد": "اشتريت ملابس لأطفالي وبعض الألعاب وكذلك الحلوى لإدخال الفرح إلى قلوبهم. الأوضاع في غزة كانت في بال الجميع، لكن حتى أهل غزة حاولوا اقتناص لحظات الفرح وعلى الجميع أن يفعلوا ذلك فربما تأتي أيام أكثر صعوبة في المستقبل، مثل جائحة كورونا قبل أعوام لا سمح الله".

وقال أستاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور يوسف الخطايبة لـ"العربي الجديد": "عيد الأضحى أو ما يعرف بالعيد الكبير له بهجته، لكن عادات عدة تغيّرت وفُقدت كثير من مظاهر الاحتفالات بالأعياد بسبب الفقر وزيادة نسب البطالة وغلاء الأسعار وتدني الدخل".

أضاف: "الأعياد أيام رمزية لتأكيد مظاهر اجتماعية أهمها تبادل الزيارات بين الأقارب والأصدقاء، لكن فقد الجزء الأكبر منها اليوم. وفي السابق كانت تنتهي الكثير من الخلافات بين الأقارب والجيران بالتسامح، أما اليوم فلم يعد العيد يوماً لإنهاء الخلافات القائمة بين أقرب الناس من أصدقاء وأقارب".

ورأى أنه "في ظل التوترات السياسية المحيطة بالمجتمع الأردني والعدوان على غزة، ساد شعور لدى غالبية الأردنيين بعدم الاهتمام بمظاهر العيد كما  في السابق بسبب العدوان ونتائجه، وبشاعة الإجرام الصهيوني في حق سكان غزة، ما أفقد كثيرين بهجة العيد". وأكد الخطايبة أن "العودة إلى جمال أعياد الماضي في العلاقات الاجتماعية لا تحصل إلا من خلال الأفراد أنفسهم، ويجب أن يحاول الجميع الحفاظ على القيم الجميلة السابقة التي تتعلق بصلة الأرحام واحترام الجيران، وتجاوز الخلافات وخلق اجواء اجتماعية إيجابية. وفي هذه الأيام أصبحت الكثير من العلاقات قائمة على المصالح، وليس على القيم الإنسانية والدينية المرتبطة بالأعياد".

المساهمون