حرب السدود في السودان

07 سبتمبر 2024
بعد انهيار سد أربعات، 25 أغسطس 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- انهار سد أربعات في شرق السودان، مما أدى إلى فيضانات مدمرة اجتاحت مدينة طوكر والقرى المجاورة، وأسفرت عن مقتل العشرات وانهيار مئات المنازل.
- الأزمة الاقتصادية وآثار الحرب السابقة زادت من معاناة السكان، الذين اضطروا للاعتصام بالجبال هرباً من المياه والعقارب والثعابين.
- السلطات المحلية لم تتمكن من تقديم المساعدة الكافية، مما أثار شكوكاً حول دور التعدين العشوائي في انهيار السد، مع تعذر إحصاء الضحايا بدقة.

في رابعة النهار ينهار سد أربعات، وتتضاعف معاناة من ظنوا أنهم في أمان من الكوارث ما داموا بعيدين عن مناطق القتال، وإن كانت الأزمة الاقتصادية، وآثار الحرب التي اندلعت في 15 إبريل/ نيسان الماضي قد طحنتهم وهدّدت حياتهم. وها هي حرب من نوع آخر تباغتهم، تقتل وتسحل، وتمحو قرى بكاملها، وتحولها إلى ركامٍ من طينٍ في واحدة من أفقر مناطق شرق السودان، على بعد أربعين كيلومتراً من مدينة بورتسودان. انهار السد، واجتاحت الأمطار والسيول والفيضانات مدينة طوكر والقرى القريبة من السد بولاية البحر الأحمر في 26 أغسطس/ آب. مياه جارفة طاول ارتفاعها في بعض المناطق خمسة أمتار، تسببت في مقتل العشرات، وانهيار مئات المنازل، بحسب بيان لمنظمة الهجرة الدولية.
إنها الكارثة التي لا قبل للأهالي بالتعاطي معها، ولا قبل لحكومتهم بالتصدي لها في ظل وضع شديد التردي، وقد بدأ يتكشّف حجم المأساة الذي اضطر مئات المواطنين للاعتصام بالجبال، حيث لا عاصم من الماء التي لا تزال تحاصر العالقين هناك بين العقارب والثعابين الهاربة بدورها من المياه، وبين صدى صوتهم الذي لم يرتد إليهم بما يطمئن.
يقول شهود عيان إن الوضع كارثي في محيط قرى خور أربعات وطوكر والأوليب، وفي الطريق إلى تلك المناطق وعلى طول مجاري الخيران، عشرات الجثث وسط عجز وذهول وصدمة، مع عدم القدرة على إسكات صرخات الأطفال والنساء، في مأساة إنسانية لم تشهدها المنطقة قبلاً.
من وصل صوتهم ظلوا يشكون من فقدان أسرهم، وحاجتهم للغوث، ومن تقاعس السلطات التي لم توفر المروحيات لإجلاء العالقين في الجبال كما هو الحال في مثل هذه الأوضاع الإنسانية الحرجة، بل لم تصل إلى المنطقة المنكوبة أية آليات سوى واحدة تفتقر إلى الوقود، بحسب إفادة أحد الناجين، والذي وصف موقف السلطات بالسلبي تجاه المتضررين.

الأرقام وحدها لا تحدّد حجم الكارثة، رغم حديث الدوائر الرسمية عن 132 قتيلاً في السيول والفيضانات التي اجتاحت عشر ولايات، ووصل عدد الأسر المتضررة إلى 31 ألفاً و666 أسرة. وذكرت دوائر أممية نقلاً عن السلطات المحلية قولها إن منازل نحو 50 ألف شخص تضررت من السيول، وإن هذا الرقم لا يشمل إلا المنطقة الواقعة غربي السد لتعذّر الوصول إلى المنطقة الواقعة إلى الشرق منه.
ما يزيد من خطورة الكارثة هو ما ورد على لسان أحد المسؤولين بأنه يتعذّر إحصاء الضحايا لأن من بينهم مدنيين خارج سجلات القرى. الأمر الذي أشعل شكوك البعض بأن حفريات التعدين العشوائي غير المنظم لها دور في انهيار السد.
فهل ينجلي الموقف لتعرف الأسباب، وتعالج النتائج؟
(متخصص في شؤون البيئة)

المساهمون