حتى الأرانب!

14 مارس 2022
دخلت الأرانب في ثقافة الأطفال لا سيّما من خلال أفلام الكرتون مثل "باغز باني" (Getty)
+ الخط -

 

كنا نتحسب في طفولتنا للظهور المفاجئ للأرانب تحت أرجلنا والذي يخضُّنا لدى قطع السهل بين القرية والنهر، حيث أشجار الأكاشيا (أكاسيا/ سنط) المتفرقة، والشجيرات الكثيفة بالشوك. يحدث الأمر ذاته للكبار لكنهم يخفونه عنا كي لا تشملهم ضحكاتنا ونحن نحاول اللحاق بلا جدوى بالأرنب الذي يقفز. ولعلَ بعض الكبار كانوا يضمرون عقيدة التطيُّر المجافية للطبيعة التي تقول إن "لقاء الأرنب يجلب النحس".

بعد خمسة عقود افتقدنا الكثير من هذه المظاهر، فبعد الاختفاء الأبدي لفصائل عدة من الحيوانات والطيور والأشجار والكائنات الأخرى في بيئتنا مع إنهاء موجة جفاف قاسية في ثمانينيات القرن العشرين حقبة غنية من التنوُّع الأحيائي، يواجه الأرنب البري اليوم خطر الانقراض والالتحاق بهذه القائمة.

والمعروف عن الأرانب أنها حيوانات تنشط فجراً وعند الغروب، وبينها المستأنس الذي يُرَبى من أجل لحومه وفرائه الناعم، والبري مثل "سيرنجهاس" الأفريقي و"الكاب" القافز. وتتغذى الأرانب ببصيلات وجذور النباتات، وتعيش في جحور طويلة ذات مدخل واحد أو أكثر، ويمكن أن تلد الأنثى أكثر من مرة في السنة. وهي حيوانات شديدة الحساسية للأمراض والظروف البيئية المختلفة، وتتميز بالحذر وسرعة الهرب قفزاً، حيث قد تصل سرعتها عند المطاردة إلى 30 كيلومتراً في الساعة. لكنها رغم ذلك لا تنجو كثيراً من هجمات الصقور والطيور الجارحة، والكلاب المدربة وأسلحة القنص الحديثة لدى هواة الصيد.

دخلت الأرانب في ثقافة الأطفال كرمز للوداعة والهدوء منذ حكايات كليلة ودمنة، مروراً بالأرنب المتعجّل في "أليس في بلاد العجائب"، والأرنب والسلحفاة، و"باغز باني" في أفلام الكرتون الشهيرة. 

موقف
التحديثات الحية

يصنفها البعض كحيوانات غازية تضر بالنظام البيئي إذا دخلته كما حدث في أستراليا حين قام الإنكليزي توماس أوستن (1859) بإطلاق 24 أرنباً في الغابة لتشجيع رياضة الصيد، فتكاثرت على مدى السنوات لتصل إلى عشرات الملايين، وكادت أن تدمر النظام البيئي لولا استخدام السلطات بعد محاولات للقضاء عليها تقنيات بيولوجية تمثلت في إطلاق نوع من البعوض القاتل لها، فتراجع عددها أكثر من 90 في المائة، كما أورد تقرير صحافي نشر عام 2019.

أيضاً، يربط خبراء الاتحاد العالمي لصون الطبيعة تهديدات الانقراض التي يواجهها حيوان الوشق الأيبيري الإسباني، باختفاء 80 في المائة من قوته الأساس الذي تشكله أرانب قضت عليها أمراض متواترة بدءاً بالتهابات خمسينات القرن الماضي، إلى التسمم الدموي النزفي في الثمانينيات، والصيد المفرط من الإنسان.

وأخيراً، أنشأ الصيادون السودانيون اتحاداً بعدما أدركوا خطورة فقدان الثروات البرية الذي حصل في بعض الدول، فهل من خطوة لاستعادة جزء مما فقدنا؟

(متخصص في شؤون البيئة)

المساهمون