جمعيات مغربية: مسار تعديل مدونة الأسرة غامض

14 مايو 2023
مغربيات يطالبن بالمساواة والإنصاف في الرباط (أبو آدم محمد/الأناضول)
+ الخط -

انتقدت منظمات وفعاليات نسائية ما اعتبرته غموضاً يلف ملف تعديل مدونة الأسرة في المغرب، وعدم معرفة الجهة التي ستقدم إليها مطالبها، في حين أكد العاهل المغربي محمد السادس في خطاب قبل نحو عام، على اعتماد منهجية تعددية وتشاورية في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية، وخصوصيات المجتمع المغربي، مع اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح، وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية. تقول رئيسة "فيدرالية رابطة حقوق النساء"، سميرة موحيا، إنه في الوقت الذي تشتغل فيه المنظمات النسوية من خلال "التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة"، والتي تضم سبع جمعيات نسائية، على إعداد مذكرة بشأن المقترحات، ومع المجلس الوطني لحقوق الإنسان (حكومي) لصياغة مذكرة مماثلة، فإن الغموض يلف هوية من سنتوجه إليه بشأن تغيير المدونة. وتضيف موحيا لـ"العربي الجديد": "تطرح أسئلة حول ما إذا كان الأمر سيسند إلى وزارة العدل، أم أن البرلمان هو الذي سيضطلع بالمهمة، أم سيتم تأسيس لجنة لصياغة وإعداد مسودة المشروع. إلى حد الساعة نجهل أجوبة تلك الأسئلة، وأملنا ألا يتأخر الأمر أكثر لأنه كان من المفترض ملاءمة مدونة الأسرة مع الدستور الصادر في عام 2011 بعد إقراره مباشرة. لدينا حالياً قانونين، مدونة الأسرة والقانون الجنائي، ويتضمنان مقتضيات تتنافى مع الدستور، وأخرى تمييزية، فضلا عن فراغات وإشكاليات في التنفيذ، وإشكاليات تطرح عراقيل في التطبيق. التطورات التي عرفها المجتمع المغربي، وتطور بنية الأسرة، ومكانة النساء، يتعين أخذها بعين الاعتبار في تغيير القانون الجنائي ومدونة الأسرة".

ودعا وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، في أبريل/ نيسان الماضي، إلى فتح نقاش موسع حول إصلاح مدونة الأسرة، معتبراً أن كل القضايا الواردة فيها قابلة للنقاش، في حين ترى "فيدرالية رابطة حقوق النساء" أن المعيار الرئيسي الذي ينبغي الانطلاق منه يتمثل في واقع معاناة المغربيات، وليس الفقه وقواعده الذكورية التي ارتبطت بسياقات اجتماعية وسياسية لم تعد قائمة حالياً.                                   من جهتها، ترى الكاتب الوطني لمنظمة "النساء الاتحاديات"، حنان رحاب، أن ملف تعديل مدونة الأسرة ما زال في وضعية النقاش المجتمعي الذي تقوده الحركة النسائية والجمعيات الحقوقية، وأن التعبئة المجتمعية الهادئة تساعد على تسيير فعل التغيير والإصلاح الذي يحتاجه الواقع الأسري المغربي. وتوضح لـ "العربي الجديد " أن "هناك منهجية معتمدة في إصلاح مدونة الأسرة منذ إحداث أول قانون للأحوال الشخصية، والتي ترأس لجنة الإعداد الأولى لها في سنة 1957، ولي العهد آنذاك الحسن الثاني، ولجنة الإصلاح في عام 1993، كانت بمبادرة ملكية، وعبر لجنة ملكية، وهو ذات المنهج الذي اعتمد في عام 2004".

مغربيات يطالبن بالمساواة والإنصاف في الرباط (أبو آدم محمد/الأناضول)
مغربيات يطالبن بالمساواة والإنصاف في الرباط (أبو آدم محمد/الأناضول)

وتضيف رحاب أن "الدعوة كانت صريحة لمواكبة النقاش المجتمعي المدني والحقوقي والسياسي حول إصلاح مدونة الأسرة، ونريد أن يخرج النقاش من دائرة التنابز والسجال العقيم، والصراع باسم الاختلاف الأيديولوجي. النقاش المجتمعي انطلق بعد خطاب الملك الذي دعا فيه إلى تجديد مدونة الأسرة لتجاوز أعطابها، وهذا يقتضي أن نكون حاضرين، سواء من أجل جعل المدونة أكثر ترجمة لتطلعات النساء، أو من أجل التصدي للنزعات التي تهدف إلى استمرار الانتقاص من المرأة من خلال توظيف قراءة جامدة للنصوص الدينية". وتتابع: "راكم المجتمع المغربي رصيداً من تدبير الحوار المجتمعي، مما يجعله يدبر لحظات النقاش العمومي بشكل يخدم مصلحة الوطن، لأن الهدف في نهاية المطاف هو البحث عن الحلول والمقاربات الأقرب إلى الصواب في ظل مجتمع له خصوصياته".

ومنذ سنوات، تطالب العديد من الجمعيات النسائية والحقوقية في المغرب، بتغيير شامل لمدونة الأسرة على خلفية ثغرات في مقتضياتها، وبدا لافتاً بعد الخطاب الملكي، انخراط كثير من الجمعيات في نقاش عمومي بشأن تغيير جذري للمدونة وفق تصور جماعي، وتقديم مقترحات تستجيب للواقع، وللتطورات التي عرفها المغرب على المستوى التشريعي والاقتصادي والثقافي، وللتحولات الاجتماعية خلال عقدين من تطبيق المدونة.
وفي خضم النقاش الدائر حول المدونة، حددت الجمعيات النسائية والحقوقية تعديلات مقترحة في موضوعات من بينها الميراث، والوصية، والإرث بالتعصيب، والكد والسعاية، وميراث الأجانب، وزواج القاصرات، وزواج المغربيات المسلمات بغير المسلمين، وحضانة الأطفال بعد الطلاق، وحق الزيارة، والتعويض عن المسكن، والنيابة الشرعية، والطلاق للضرر، وفترة ما قبل الطلاق، والنسب، والنفقة، والمتعة.

المساهمون