أقدمت مجموعة من الشبان من ذوي الفتاة القاصر عيدة السعيدو، من حي الزهور في منطقة غويران بمدينة الحسكة شمال شرقي سورية، على قتلها بداعي "الشرف"، بعد أن أطلقوا عدّة أعيرة نارية على الفتاة في منزل مهجور، وقاموا بتصوير الواقعة بدم بارد.
ويظهر في الفيديو أحد المتهمين مطالباً بإطلاق النار بشكل مباشر على رأس الفتاة وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة. ونُفذت الجريمة قبل ثلاثة أيام من قبل ذوي الفتاة، وتمّ نشر التسجيل على موقع "يوتيوب" (قام بحذفه لمخالفته قواعد النشر) يوم أمس الخميس.
ومنفذو الجريمة هم شبان من عشيرة "الشرابيين" أقدموا على قتل أختهم في منزل مهجور بريف الحسكة بداعي "الشرف"، وذلك بعد هروب الفتاة من منزل أهلها مع شاب.
ويظهر في الفيديو، الذي نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أربعة من المتورطين في الجريمة، ومن بينهم، وفق مصادر محلية، ابن عمّ الفتاة.
وكان الشاب الذي هربت معه الفتاة قد تقدّم، في وقت سابق، لخطبتها، لكن أهلها رفضوا لأسباب عشائرية. ورفضت الفتاة بعدها الزواج بابن عمها، ومن ثم هربت مع الشاب المرفوض من قبل ذويها، ليلاحقها أفراد من عائلتها ويقدموا على قتلها رمياً بالرصاص بريف مدينة المالكية، شمالي محافظة الحسكة.
وأشارت المصادر إلى أنّ الشاب تمكّن من الفرار إلى خارج المنطقة، وذلك بعد ملاحقة أفراد عائلة الفتاة له بدافع قتله بحجة "غسل العار".
وأدان "مركز الأبحاث وحماية حقوق المرأة في سورية"، في بيان له أمس الخميس، الجريمة، وطالب الجهات الأمنية المختصة بالقبض على الفاعلين وإدانتهم وفقاً للقانون وإنزال أشد العقوبات بحقهم، مضيفاً "ننصّب أنفسنا مدعين شخصيين بحق كل من له علاقة بارتكاب هذه الجريمة البشعة".
وقالت محامية تعمل في مناطق "الإدارة الذاتية" الكردية، فضّلت عدم ذكر اسمها لدواع أمنية، حيث تقع المنطقة التي وقعت فيها الجريمة تحت سلطة الإدارة، لـ"العربي الجديد "، إنّ "التسجيل المصوّر يظهر جريمة مكتملة المعالم، لا سيما أنّ الفتاة قاصر، وحتى القوانين الخاصة بالإدارة الذاتية تعتبر ما حدث جريمة عقوبتها السجن ما بين 6 و20 عاماً".
وأضافت: "طالبنا الجهات الأمنية بالقبض على الفاعلين، وإنزال أشد العقوبات بحقهم، كون ما حدث جريمة لها جوانب عديدة، إضافة للقتل، وأضمّ صوتي للمنظمات النسائية بالوقوف ضدّ هذه الجرائم، وكنساء، لا يمكننا التنازل عن حقنا في الادعاء الذي أصدره مركز أبحاث وحماية المرأة السورية الذي يعمل في مناطق الإدارة الذاتية".
وعن هذه الجريمة وجرائم القتل بداعي "الشرف"، قال المحامي عبد الناصر حوشان، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المشرّع السوري تعامل مع بعض القضايا بناءً على دافع الجريمة، واعتبر أنّ الدافع الشريف عذر محل من العقاب، أو سبب من أسباب التخفيف القانونية، موضحاً أنّه "تمّ تعديل المادة 548 ليصبح الدافع الشريف عذراً مخففاً في كلّ الأحوال، وقد تمّ التمييز بين حالتين: الأولى الزنا بالجرم المشهود واعتبرته عذراً محلاً، والثاني، حالة الريبة مع آخر واعتبرته عذراً مخففاً، لكن للأسف يتم التعامل مع هذه القضايا بحسب عادات وتقاليد وأعراف كل منطقة، وتختلف سبل معالجتها باختلاف هذه الأعراف والتقاليد، وأغلبها تأخذ بعادة القتل ظناً بأنّ ذلك سيمحو العار".
ولفت حوشان إلى أنّ "منطقة غويران تقع تحت سيطرة قسد والإدارة الذاتية، ومن المعلوم أنّ النظام القضائي والتشريعي في هذه الإدارة لا يرقى إلى تسميته نظاماً قضائياً أو تشريعياً، إذ إنه لا توجد قوانين تحكم ولا تشريعات تضبط، حتى إنها لا تأخذ بالقوانين السورية، وتعتبر هذه القضايا من قضايا الرأي العام، يُترك الحكم فيها للقضاة الذين لا يحملون أي مؤهلات قانونية، إذ لا يشترط أن يكون القضاة حقوقيين".
وكانت "الإدارة الذاتية" قد أعلنت، في عام 2014 عن المرسوم التشريعي رقم 22 الخاص بالمرأة، وجاء في المادة 17 منه "تجريم القتل بذريعة الشرف واعتباره جـريمـة مكتملة الأركان المادية والمعنوية والقانونية ويعاقب مرتكبها بالعقوبات المنصوص عليهـا فـي قـانــون العقوبـات جريمـة قتـل قصد أو عمد"، لكن تبقى آلية معاقبة الجناة غامضة مع غياب إحصائيات دقيقة حول جرائم القتل بداعي "الشرف"، وكيفية التعامل معها، لتبقى القوانين المتعلقة بهذه الجرائم طيّ الصفحات وفي التشريعات الورقية لا أكثر، مع استمرار ارتكاب هذه الجرائم.