جريمة الكحالة تهز لبنان: شابٌ قتله رصاص الغدر والإجرام قبل هجرته مع عائلته إلى كندا

22 ديسمبر 2020
كان يستعد للهجرة إلى كندا (تويتر)
+ الخط -

ودّعت بلدة الكحالة في قضاء عاليه محافظة جبل لبنان، اليوم الثلاثاء، ابنها الشاب الثلاثيني جو بجاني الذي قُتِل في وضح نهار الإثنين أمام منزله بينما كان يهمّ بالمغادرة في سيارته، بمسدس كاتم للصوت على يدّ مجهولين فرّوا تاركين الزوج والأب لطفلتين مضرجاً بدمائه في بلدٍ باتت المآسي والجرائم والكوارث والتلويح بالاغتيالات عناوينه الوحيدة مقابل دولة عاجزة عن تأمين أبسط الحقوق وعوامل الحماية لمواطنيها.

وتعدّدت الروايات بشأن الجريمة المروعة التي وقعت أمس، وطاولت بجاني وهو موظف في شركة اتصالات ويعمل أيضاً في مجال التصوير الحرّ "Freelance"، ولا سيما العسكري مع الجيش اللبناني، نظراً إلى حرفية تنفيذها سواء بالسلاح أو الإعداد لها الذي يدل عن وجود عامل سبق التصور والتصميم في الجريمة. ومن أبرزها، ربط الجريمة بانفجار مرفأ بيروت، والإشارة إلى أنّ الضحية كان التقط صوراً وُصِفَت بـ"الحساسة" والخطيرة من شأنها أن تساهم في كشف بعض خيوط المجزرة التي وقعت يوم الرابع من أغسطس/آب الماضي، الأمر الذي أدى إلى اغتياله أو "تصفيته".

ووثق مقطع فيديو انتشر سريعاً على وسائل التواصل الاجتماعي لحظة حصول الجريمة، وأظهر كيف باغت شخصان غير مقنعين الضحية بينما كان يصعد إلى سيارته ويستعدّ لإيصال طفلتيه إلى المدرسة كما قيلَ وتردّد، وتم إطلاق النار عليه، وأخذ شيء من السيارة رجّح أنه هاتف بجاني قبل الفرار سريعاً.

وأشار مصدر أمني بحديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ البحث عن المرتكبين مستمرّ وبحسب المعلومات الأولية كان هناك أكثر من شخصين، فهناك المنفذ، والمساعدون الذين أمّنوا الطريق وراقبوها، خصوصاً أن بلدية الكحالة كانت تسيّر دوريات وتنظم إجراءات مشددة مرتبطة بفيروس كورونا، ما يدلّ على التخطيط الواضح لتنفيذ هذه الجريمة.

ولفت إلى أنه من المبكر الكشف عن تفاصيل الجريمة وأسبابها والدوافع التي أدّت إلى ارتكابها، لذلك تمت الاستعانة بالكاميرا الموضوعة أمام المنزل والتي وثقت الحادثة لمحاولة كشف هوية الفاعلين، وكذلك الكاميرات المحيطة بالمكان علّها توصلنا إلى رصد الأشخاص ومعرفة وجهتهم.

وقال أحد أقرباء بجاني لـ"العربي الجديد"، إنّ الشاب الثلاثيني كان يحب لبنان كثيراً لكنه بعد انفجار مرفأ بيروت، بدأ يعيد حساباته من أجل طفلتيه فهو يخاف عليهما ويريد أن يؤمن لهما مستقبلاً أفضل في بلدٍ مستقرّ أمنياً واقتصادياً، وهو كان يتحضّر للهجرة إلى كندا مع عائلته الصغيرة خلال فترة قصيرة، لكن للأسف قتله رصاص الغدر وخطف منه أحلاماً كثيرة كان ينوي تحقيقها إلى جانب زوجته نائلة الخوري.

وأشار إلى أنّ "بجاني من خيرة الشباب، وجميع سكان الكحالة يحلفون باسمه من كثرة طيبته وحبّه للغير، من هنا نستبعد أن تكون الجريمة عادية أو من باب السرقة ولكن لن نستبق التحقيقات ونتمنى أن تكشف جميع الملابسات علماً بأننا في وطنٍ تقتل الحقيقة مع الضحية والمغدور".

وكان بجاني قد أعلن، في 31 أغسطس/آب الماضي، عبر منشور على صفحته "فيسبوك"، أنه "بعد 15 عاماً من التصوير والتركيز على التصوير العسكري في لبنان والخارج، خاصة لإظهار صورة التقدّم، القوّة، وصورة الحضارة للجيش اللبناني للخارج، قرّرت اليوم اعتزال التصوير العسكري في لبنان"، مضيفاً، "الواحد بدّو يترجاهن تيصوّرن، وبس يروح تيصوّر بحس حالو إرهابي. استروا ما شفتوا منّا. خلّونا نصوّر يلي بقدِّر".

وأحدثت الجريمة ردود فعل شعبية غاضبة بداية من أهالي البلدة الذين نفّذوا وقفة احتجاجية أمس في الكحالة وقطعوا الطريق بالتزامن مع قرع أجراس الكنائس، معتبرين أن ما حصل هو عمل جرمي منظم نفّذته مافيا محترفة، وهددوا بخطوات تصعيدية إن لم يكن التحقيق سريعاً خلال 48 ساعة.

كما عبّر اللبنانيون عن استنكارهم لاستمرار الدولة في سياسات الهدر والفساد والإهمال، الذي ينسحب أيضاً على التحقيقات البطيئة في كلّ جريمة تحصل وتمرّ من دون إلقاء القبض على المرتكبين وكشف الحقيقة كاملة، وآخرها في مطلع الشهر الجاري أيضاً وكان مقتل العقيد المتقاعد في الجمارك منير أبو رجيلي الذي وجد جثة في منزله الجبلي إثر تعرّضه لضربات بآلة حادة على الرأس، وربطت الجريمة بمحاولة لطمس الحقيقة في انفجار مرفأ بيروت من خلال إسكاته، وحتى الساعة لم تكشف الحقيقة.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

والتقى وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي، اليوم الثلاثاء، رئيس بلدية الكحالة جان بجاني الذي اطلع منه على الاتصالات التي أجراها منذ اللحظة الأولى على مقتل الشاب بجاني مع المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان الذي أكد العمل على الإسراع في التحقيقات في الجريمة المروعة التي أودت بحياته.

وشدد وزير الداخلية على متابعته الحثيثة للقضية حتى كشف المجرمين، مؤكداً، أن جريمة الكحالة المنظمة "لن تمرّ".

وكان رئيس بلدية الكحالة، قد اعتبر أنّ الجريمة التي حصلت "وراءها قصة كبيرة، وهي بحسب طريقة تنفيذها تدل على ارتكابها من قبل مافيا خطيرة"، مشدداً، على أنّ "بجاني من الشباب أصحاب السمعة الطيبة ومهذب ولا مشاكل شخصية له مع أحد، وهو محبّ". وناشد رئيس البلدية، الأجهزة الأمنية والقضائية الإسراع في التحقيقات وتوقيف المرتكبين وإنزال أشد العقوبات بهم.

المساهمون