جرائم الاغتصاب لا تتراجع في الهند

22 مارس 2024
رفض لجرائم العنف والاغتصاب بحق النساء (بيبلوف بهويان/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في حادثة مروعة بالهند، تعرضت السائحة الإسبانية-البرازيلية فرناندا وزوجها لهجوم عنيف واغتصاب جماعي لفرناندا، مما أثار جدلاً حول جرائم الاغتصاب في البلاد.
- الزوجان شاركا تجربتهما المؤلمة عبر فيديو، مؤكدين على العنف الذي تعرضا له ولكنهما دعوا لعدم التعميم والاستمرار في زيارة الهند، مما لقي دعمًا واسعًا من المجتمع الدولي.
- الحادثة تسلط الضوء على مشكلة العنف الجنسي في الهند، حيث تشير الإحصائيات إلى تعرض امرأة للاغتصاب كل 18 دقيقة، مما يستدعي تحركًا أكبر من السلطات والمجتمع لحماية النساء.

ما شهده الزوجان الإسبانيان في الهند من عنف واغتصاب أعاد إلى الواجهة الأرقام المرتفعة لجرائم الاغتصاب في البلاد، وسط تكتم السلطات على حجم المأساة حفاظاً على صورة البلاد.

تتحوّل قضية الاعتداءات الجنسية على النساء والفتيات والأطفال في الهند إلى ظاهرة مقلقة، في ظل تكرار جرائم الاغتصاب الجماعية بحق سائحات. وتُحاول السلطات معالجة هذا المنحى الخطير الذي يخلّف مئات آلاف الضحايا سنوياً. آخر ضحايا جرائم الاغتصاب الجماعي في الهند كانت الإسبانية من أصل برازيلي فرناندا، التي تجوب العالم مع زوجها الإسباني فيسينتي بالدراجة النارية منذ 5 سنوات، وقد وثقت رحلاتهما التي شملت نحو 60 بلداً، ويتابعها على "إنستغرام" 355 ألفاً. حملتهما جولاتهما إلى مختلف القارات وأكثر المناطق عزلة. وكانت تجربة الهند من الأكثر إثارة. 

وتنقل صحيفة إنديا إكسبرس أنه في إحدى الأمسيات، نصب الزوجان خيمة على تخوم مدينة دومكا في شمال شرق الهند في طريقهما إلى نيبال، بعدما لم يجدا فندقاً. الحظ العاثر للزوجين قادهما إلى مواجهة مع مجموعة من الشبان، الذين استخدموا سكيناً لتهديدهما بعد اقتحام الخيمة، فضربوا الزوج ثم رموا فرناندا (38 عاماً) أرضاً ليتناوبوا على اغتصابها.
شرح الزوجان في فيديو ما حصل لهما، وقد ظهرت عليهما آثار الكدمات والضرب. قالت فرناندا: "حدث شيء لا نتمناه لأحد. قام 7 باغتصابي. ضربونا وسرقوا أغراضنا".
ساعتان من الاعتداء الوحشي تحت تهديد القتل فتحتا مجدداً السجال حول سجل الهند مع الاغتصاب والذكورية والدفاع في بعض الأحيان،وبصورة مثيرة للجدل، عن مرتكبي العنف الجنسي، من خلال تحميل المرأة مسؤولية ما جرى لها، والخلط بين "مؤامرة تشويه سمعة الهند" وتكذيب الضحايا، خصوصاً حين تكون الضحايا سائحات أجنبيات. الأمر نفسه حدث على وسائل التواصل الاجتماعي مع القضية الأخيرة، إذ هاجم البعض فرناندا وزوجها، واعتبرا أنهما شاركا عن "طيب خاطر" في ارتكاب هذه الجريمة.
يشار إلى أن الضحية فرناندا وزوجها أصرا على عدم التعميم، وطالبا الناس بالاستمرار في زيارة الهند، إذ "يمكن أن يحدث الأمر لأي شخص، لابنتك أو أختك أو والدتك وفي كل بلد في العالم، ولا يمكن لأحد القول إن الأمر يقتصر فقط على الهند وقد حدثت أمور مماثلة مرات عدة في إسبانيا والبرازيل والولايات المتحدة. لذلك، لا تقولوا إن السبب هو أننا في الهند".
أثارت هذه القضية العديد من ردود الفعل في المجتمع الهندي، وأعرب كثيرون عن دعمهم منشور الزوجين الإسبانيين على "إنستغرام". وكتب الصحافي ديفيد جوزيف فولودزكو على منصة إكس أن "مستوى الاعتداء الجنسي الذي تشهده الهند يفوق أي شيء آخر"، مشيراً إلى أن "هذه مشكلة حقيقية في المجتمع الهندي، وتتطلب المزيد من الاهتمام، وآمل حلها في الوقت المناسب".
وكان لافتاً ردّ المتحدثة باسم هيئة حقوق الإنسان في الهند ريكا شارما، التي تنتمي إلى حزب رئيس الوزراء القومي المتشدد ناريندرا مودي، إذ اعتبرت أن الكتابة على وسائل التواصل "تشهير بدولة بأكملها". أضافت أن الكتابة على وسائل التواصل "ليست فقط ذوقاً سيئاً لكنه غير مقبول، لأن البيانات تفيد بخلاف ذلك. فالهند تأخذ سلامة المرأة على محمل الجد".

هكذا يرفض العنف ضد النساء (فرانس برس)
هكذا يرفض العنف ضد النساء (فرانس برس)

وتشير الأرقام إلى أنه في عام 2022، تعرضت امرأة كلّ 18 دقيقة للاغتصاب، أي حوالى 90 امرأة يومياً وأكثر من 31 ألفاً و500 اغتصاب سنوياً، بحسب المكتب الوطني لمكتب التحقيقات الجنائية NCRB. وفي عام 2020، كشف عن تعرض شابة (19 عاماً) لاغتصاب جماعي ثم القتل، من دون الاهتمام بقضيتها كونها تنتمي إلى طبقة دنيا في المجتمع المقسم إلى طبقات، إلى حين خروج تظاهرات ذكرت الهند باحتجاجات عام 2012. ففي ذلك العام، تعرضت شابة جامعية في الـ22 من عمرها لاعتداء جنسي وحشي جماعي وقتلت على متن حافلة. وراهن المجتمع الحقوقي والمدني على أن تؤدي صدمة الكشف عن الجريمة إلى تغيير في ثقافة وقوانين المجتمع. 

أرقام هائلة

ومع أن قضية 2012 أدت إلى صدور أحكام بالإعدام، فإنّ الاعتداء الجنسي واعتماد الخطف والعبودية الجنسية جزءاً من وسائل تصفية الحسابات بين الأسر يستمران في الهند، رغم تراجع الأرقام في بدايات جائحة كورونا 2020. وذكرت صحيفة "إنديا توداي" في ديسمبر/ كانون الأول الماضي أن الوكالة الوطنية لتوثيق الجريمة في الهند وجدت زيادة في نسبة الجرائم ضد النساء بنحو 4 في المائة عام 2022. وبحسب تلك الأرقام، فإنه خلال 12 شهراً فقط، سجلت 445 ألفاً و256 قضية (فقط التي جرى الإبلاغ عنها) عنف ضد الإناث، ومن بينها أكثر من 31 في المائة ارتكبت من الأزواج أو الأقارب، ونحو 19 في المائة جريمة خطف نساء وفتيات (لتصفية حسابات)، ونحو 26 في المائة حالات اعتداء جنسي واغتصاب.
وعام 2022، عاد الشارع الهندي للاحتجاج والتعبير عن الغضب والإحباط من قيام السلطات بإطلاق سراح مجموعة رجال من 11 فرداً، ارتكبوا جريمة الاغتصاب الجماعي والقتل في ولاية غوجارات عام 2002. وكان من المفترض أن يقضي المحكومون عقوبة مدى الحياة لكن أطلق سراحهم، قبل أن تتدخل المحكمة العليا في يناير/كانون الثاني الماضي لإعادتهم إلى السجن.

ومع أن السلطات الهندية أعلنت اعتقال 3 من المتهمين في قضية الزوجين، لا يزال 4 من المتهمين طلقاء، وتعمل الشرطة على إيجادهم لتقديمهم إلى المحاكمة. وأظهرت قصة فرناندا وزوجها انقساماً قديماً جديداً في المجتمع، وخصوصاً مع شيوع ثقافة تحميل الضحية مسؤولية اغتصابها والاعتداء عليها بسبب ملابسها والخروج مساء، مع أن حوادث استهداف السائحات تكررت خلال السنوات الأخيرة.
وشهد عام 2014 جريمة اغتصاب جماعي لدنماركية كان أبطالها 6 ذكور في نيودلهي،  وقد هددوها بالقتل بهدف اغتصابها بعدما تاهت قرب المتحف الوطني. يشار إلى أن العديد من الضحايا كن برفقة أزواج وصديقات أو عائدات من العمل والدراسة.

المساهمون