تحول برنامج دعم المؤسسات والشركات الصغيرة المتضررة من الإغلاق بسبب جائحة كورونا في ألمانيا إلى مصدر للحصول على الأموال، إذ عمد كثيرون إلى الاحتيال على السلطات، وإظهار أن شركاتهم أو محالهم تعاني من صعوبات مالية بسبب الوباء، بل كان من بين مقدمي الطلبات شركات لم تكن موجودة أساسا قبل ظهور كورونا.
وذكرت التقارير الرسمية أن المحققين في 61 مكتبا للتحقيقات الجنائية ووحدة الاستخبارات المالية التابعة لجهاز الجمارك ينكبون على تدقيق 25400 حالة احتيال متعلقة بمساعدات كورونا المخصصة للشركات، وقالت صحيفة "دي فيلت" إن "فضائح الاحتيال للاستفادة من مساعدات كورونا خلقت نوعا من السخط بين المسؤولين الألمان"، مشيرة إلى أن الحكومة المركزية وحكومات الولايات تتهم بعضها بعضاً بالمسؤولية عن إساءة استخدام برنامج المساعدات، ويتبادلون المطالبات بالتوسع في التحقيقات لاسترداد الأموال.
وأفادت "دي فيلت" بأن الادعاء العام في ولاية برلين يقوم بالتحقيق مع أربعة من مديري المصارف، وأن هناك تحقيقا في 50 قضية ضد جمعيات يتوقع أن تصدر لوائح اتهام بحقها قريبا، ونقلت عن رئيس قسم الجرائم الاقتصادية في مكتب الشرطة الجنائية في برلين أن "حجم عمليات الاحتيال أكبر بكثير من عدد الحالات المعلنة، وهناك أكثر من 10 آلاف تقرير حول احتيال للحصول على الدعم".
في غضون ذلك، برز تصريح لنائب رئيس نقابة الشرطة قال فيه إن "جريمة الاحتيال تكيفت مع الوباء، والمجرمون يتفاعلون مع الوضع الاستئثنائي. كلما كان الأمر يتعلق بالمال فإن المحتالين يسارعون إلى المشاركة، ويجب وقف عملياتهم بكل الطرق المتاحة، ومن الخطأ الاعتقاد بأن الجريمة آخذة في الانخفاض بسبب كورونا، وإنما يبحث المجرمون عن أساليب جديدة".
من جهته، أعرب نائب كتلة الاشتراكي الديمقراطي في البرلمان عن قلقه إزاء العدد الكبير من حالات الاحتيال التي سجلتها الشرطة، وطالب بالكشف عن الجرائم، ورسم صورة للوضع من أجل توضيح ما إذا كانت أجهزة مكافحة الجريمة المنظمة متورطة.
وحسب تقرير لصحيفة "برلينر تسايتونغ"، فإن معظم حالات الاحتيال جرت في ولايات شمال الراين فستفاليا وبرلين، وغالبيتها ما زالت معلقة، وفي مدينة ديسلدورف وحدها هناك 4619 حالة، وفي برلين 2600 حالة، و1500 في بافاريا، و1400 في ولاية هيسن، و1369 في ساكسونيا السفلى، والمئات من الحالات في ولايات أخرى، منها هامبورغ وسارلاند وبريمن.
وقدر مسح لصحيفة "دي فيلت" الأضرار الناجمة عن الاحتيال للحصول على مساعدات كورونا في أنحاء البلاد بمئات ملايين اليوروهات، وقالت شبكة التحرير الألمانية إن "القضاء بصدد اتخاذ عقوبات صارمة بحق المتحايلين للاستفادة من أموال إعانات كورونا، خاصة أنها تدفع من أموال دافعي الضرائب".
وذكرت عدداً من الحالات، منها الحكم على رجل يدير محلاً لبيع البيتزا بالسجن مدة ثلاث سنوات، بعد أن تقدم 18 مرة للحصول على مساعدات كورونا الطارئة، ووصل المبلغ الإجمالي الذي تلقاه إلى ما يقارب 488 ألف يورو، إذ كان يبدل اسمه، وأحيانا يبدل اسم المطعم ويقوم بفتح حسابات جديدة، حتى إنه في إحدى المرات قام بتسجيل نفسه بعد يومين من تفتيش الشرطة منزله.
وفي ولاية سارلاند، تقدم رجل ثلاث مرات للحصول على المساعدات الطارئة بقسيمة قيمتها 9000 يورو لشركات غير موجودة، وحكم عليه بالسجن مدة عامين وشهرين، وأحد الأشخاص قدم طلبات الإعانة في 6 ولايات، وهو يخضع حاليا للمحاكمة في ميونخ.
وخصصت وزارة المالية الاتحادية 50 مليار يورو كمساعدات اقتصادية خلال الفترة الممتدة من نوفمبر/تشرين الثاني 2020 إلى يونيو/حزيران 2021، عدا عن الدعم الذي يقدم عن الأطفال للعائلات ومراكز الرعاية الصحية، وتشير التوقعات إلى أن يصل عجز الميزانية هذا العام إلى 180 مليار يورو، بعد أن كانت 130 مليارا في عام 2020.