أطلقت هيئة النقل في العاصمة البريطانية لندن استشارة عامة لخطة الحكومة توسيع منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية "أوليز" في لندن، والتي حددت موعد تنفيذها في 29 أغسطس/ آب 2023.
وتدرس الحكومة توسيع منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية "أوليز" في أنحاء لندن التي يعيش فيها أكثر من نصف مليون مصاب بالربو، ويقول ثلثهم إن حالتهم تزداد سوءاً بسبب رداءة الهواء.
تواجه الخطة، التي من المقرر أن تشمل كل مناطق العاصمة، انتقادات كونها تزيد أعباء الناس الذين يعانون في الأصل من أزمة تكاليف المعيشة والارتفاع الجنوني لأسعار الطاقة، لكن عمدة لندن، صديق خان، يصرّ على أن "تطبيقها ضروري لأن تهديد الهواء السام على الصحة العامة كبير حالياً وعلى المدى الطويل. وستكلف الانبعاثات الضارة خدمات الصحة الوطنية والرعاية الاجتماعية 10.4 مليارات جنيه إسترليني (13 مليار دولار) إذا لم تتخذ إجراءات أخرى لتحسين جودة الهواء".
وقد ساعدت منطقة "أوليز"، التي يدفع فيها سائقو المركبات في وسط لندن التي لا تلتزم بالحد الأدنى من معايير الانبعاثات رسوماً 12.50 جنيهاً إسترلينياً (15.68 دولاراً)، في خفض التلوث الناتج من ثاني أكسيد النيتروجين بمقدار النصف، ما أفاد مباشرة أكثر من 8 آلاف من سكان المنطقة الذين يعانون من الربو، إضافة إلى آلاف السكان الذين يدخلون المنطقة بانتظام للعمل أو الترفيه.
ويتصدر تلوّث الهواء نقاشات السياسة في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بسبب آثاره السلبية على تغير المناخ وإنتاجية العمل، وقطاع الرعاية الصحية، كونه يساهم في أمراض القلب والأوعية الدموية وسرطان الرئة وأمراض الجهاز التنفسي، خاصة الربو.
وتظهر أرقام الوصفات الطبية لخدمات الصحة الوطنية في بريطانيا أن نحو مليون شاب تتراوح أعمارهم بين 16 وما دون استخدموا علاجات للربو العام الماضي، علماً أن عدد الوفيات بسبب الربو لدى الأطفال والشباب في المملكة المتحدة يفوق عددها في أي دولة متقدمة أخرى.
وفي شأن الآراء التي يبديها مقيمون في لندن من توسيع منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية "أوليز" إلى كامل مدينة لندن، يقول تيم، وهو شاب في العشرينات، لـ"العربي الجديد": "يمكن أن نرفض ببساطة دفع هذه الضريبة التي تفرض علينا في وقت نرزح تحت وطأة ارتفاع أسعار المواد الغذائية والبترول والطاقة. أفهم أنها محاولة لتخفيف تلوّث الهواء وإنقاذ أرواح الناس، لكنّها تضرب الطبقة الفقيرة في البلاد العاجزة عن دفع الضرائب أو شراء سيارة جديدة تتناسب مع معايير منطقة الانبعاثات المنخفضة، وأعتقد بأن الحكومة تملك وسائل عدة لتخفيف تلوّث الهواء، من دون فرض ضرائب جديدة على الناس".
يضيف: "تستخدم والدتي مرات قليلة سيارة صغيرة للتبضع وزيارة الأقارب. وفي حال فرض ضرائب تشمل أعوام تصنيع السيارات، ستضطر إلى شراء سيارة جديدة لا تملك ثمنها. وأنا لا أرى أنّ هذه السيارة الصغيرة تتسبب في قتل مئات من الأطفال، واعتبر أن قرار الحكومة يهدف إلى جمع مزيد من المال على حساب الناس".
وتقول نيفين (35 عاماً): "لا يقتصر تلوّث الهواء على الشوارع، بل يوجد أيضاً في المنازل الرطبة التي يسكنها فقراء". وأسأل لماذا لا تدعم الحكومة المقيمين في هذه الأماكن قبل أن تفرض مزيداً من الضرائب؟" .
سكان يعارضون خطة "أوليز" بسبب الضريبة
في المقابل، تبدي باتريسيا سعادتها بالخطة التي ستدفع الناس إلى الاستغناء عن سياراتهم واستبدالها بدراجات هوائية أو المشي، خاصة حين تكون المسافات قريبة. وتصفها بأنها "رائعة، بدليل أن تأثيراتها الإيجابية ظهرت في الأماكن التي طبقَت فيها، وستتوسع على المدى البعيد".
ويرى خبراء أن العيش قرب مدخنين والتعرض لتلوّث الهواء والعيش في منزل بارد أو رطب يمكن أن تساهم بشكل كبير في زيادة إصابات الأطفال بأمراض الجهاز التنفسي. ويعدّ الربو من الأمراض الخطيرة التي يجهل كثيرون أنها قد تؤدي إلى الوفاة.
وسلّط تقرير نشرته منظمة الربو في المملكة المتحدة عام 2019 الضوء على حقيقة أن بعض الناس كانوا أكثر عرضة لخطر الوفاة من الربو بسبب مستوى دخلهم ومكان إقامتهم. وأفاد بأن تلوث الهواء في لندن خلّف نحو 4 آلاف وفاة لشبان في لندن عام 2019.
وترتفع معدلات الإصابة بالربو لدى السود والأقليات والمجموعات العرقية في إنكلترا وويلز، وهي عالية بين أحفاد الجيل الثاني والثالث من ذوي الأصول الجنوب آسيوية وأفريقية، وبينهم مهاجرون من دول الكاريبي وأطفال أيرلنديين يعيشون في إنكلترا.
ويؤثر الهواء الرديء خصوصاً على مجتمعات الغجر والرحالة بسبب إقامتهم في مواقع مجاورة لطرق سريعة، ومناطق ذات جودة هواء رديئة. وتزداد حالات الربو لدى الأطفال والشباب الذين ينتمون إلى الفئات الأكثر حرماناً.
وكان رئيس الوزراء البريطاني الحالي بوريس جونسون باشر تنفيذ خطة منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية (أوليز) عام 2015، حين شغل منصب عمدة لندن. وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2021، جرى توسيع الخطة بعد التأثير الإيجابي الذي حققته في تقليل الانبعاثات الضارة، علماً أن تلوّث الهواء الخارجي في لندن كان الأسوأ مقارنة بأي منطقة في المملكة المتحدة في السنوات التي سبقت تنفيذ منطقة الانبعاثات المنخفضة، وأيضاً بين الأكثر سوءاً في أوروبا.