جدار فاصل جديد في رام الله.. عزل ونهب ومعاناة

02 مايو 2024
يهدد جدار الفصل بلدات فلسطينية في الضفة الغربية (دان كيتوود/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- سلطات الاحتلال الإسرائيلي تبدأ بناء جدار من الباطون الصلب يمتد من مدخل بلدة سنجل إلى ترمسعيا وصولاً لمستوطنة "شيلو"، بهدف عزل البلدتين ومصادرة أكثر من 30 ألف دونم، مما يفاقم معاناة الأهالي.
- المشروع يُعتبر جزءاً من "صفقة القرن"، حيث يُبرر بحماية المستوطنين، لكن نائب رئيس بلدية سنجل يرى أن الهدف الحقيقي هو ربط المستوطنات الإسرائيلية وإنشاء تجمع استيطاني ضخم.
- الجدار يفرض قيوداً شديدة على حركة المواطنين ويحول دون وصولهم لأراضيهم الزراعية، مما يدفع الأهالي والمسؤولين للسعي قانونياً لمنع إقامته، ويُنظر إليه ككارثة تحول سنجل إلى "سجن كبير".

بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مخطط بناء جدار من الباطون الصلب بطول عدة كيلومترات يمتد من مدخل بلدة سنجل وصولاً إلى مدخل بلدة ترمسعيا، وكلتاهما تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة رام الله في وسط الضفة الغربية، وينتهي عند الإشارات الضوئية الموجودة على مدخل مستوطنة "شيلو" المقامة على أراضي جنوب مدينة نابلس، ليعزل الجدار البلدتين، وينهب أكثر من 30 ألف دونم من أراضيهما، ما يعني تكبيد الأهالي المزيد من المعاناة.

وسيُقام الجدار على طول "شارع 60" الواصل بين محافظتي رام الله ونابلس، وفي حال الانتهاء من بنائه سيلتهم عدداً من المنازل المأهولة المملوكة لأهالي بلدة سنجل، ويجعل بقية السكان يعيشون في سجن بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إذ سيصبح الوصول إليهم أو التواصل معهم شبه مستحيل.
يقول نائب رئيس بلدية سنجل، بهاء فقهاء، لـ"العربي الجديد": "يجري كل ذلك لتنفيذ ما يعرف باسم (صفقة القرن). لا أبالغ، فالاحتلال ماضٍ في مشروعه الاستعماري، وكل المبررات التي يسوقها كاذبة. هو يدّعي أنه يريد حماية المستوطنين من الحجارة التي يرميها الشبان على مركباتهم خلال المرور من هذا الطريق. لكن هل يبرر هذا سرقة أكثر من ثلاثين ألف دونم؟ هل يبرر حصار بلدتين كبيرتين وعزلهما عن محيطهما؟ المخطط الاستيطاني لن يرحم أحداً، لذا علينا أن نتصدى له بكل قوتنا".
وتحيط ببلدة سنجل من جهاتها الأربع خمس مستوطنات إسرائيلية ومعسكر لجيش الاحتلال، وقد سرقت المستوطنات والمعسكر من البلدة أفضل أراضيها وأخصبها. ويؤكد فقهاء: "يريدون من خلال مخطط الجدار وصل تلك المستوطنات ببعضها، ما يعني أننا سنكون أمام تجمّع استيطاني ضخم محميّ بأبراج المراقبة العسكرية المزودة بالكاميرات الإلكترونية. هذه المستوطنات لا يفصل بعضها عن بعض إلا الأراضي الزراعية التابعة لبلدة سنجل، ولا سبيل لربط بعضها ببعض إلا عبر مصادرة هذه الأراضي التي تبلغ مساحتها آلاف الدونمات، وبالمقابل، ستتقلص أراضي البلدة المتاحة للسكن والزراعة".
وسيقيّد الجدار حركة المواطنين في سنجل، ويجبرهم على استخدام طرق بديلة للوصول إلى الشارع الرئيسي، ليضاف إلى الكثير من القيود المفروضة أصلاً على الأهالي، خصوصاً بعد إنشاء بوابة حديدية عند المدخل الرئيسي للبلدة، وإغلاق المداخل الأخرى كافة بالسواتر الترابية بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
غير أنّ الخطورة الأكبر لهذا المشروع، بحسب بهاء فقهاء، تتمثل بمنع مواطني سنجل من الوصول إلى آلاف الدونمات الزراعية الموجودة على الطرف الثاني من "شارع 60"، وهذا ما يثير المخاوف من كون المشروع مقدمة لاستكمال بناء الجدار على طول شارع نابلس القديم الواقع شماليّ سنجل، وبالتالي عزل البلدة بالكامل عن الأراضي المصنفة "ج" المملوكة لأهالي سنجل، تمهيداً لمصادرتها.

تقارير عربية
التحديثات الحية

ويوضح فقهاء أنه "جرى التواصل مع أصحاب الأراضي المتضررة من إنشاء الجدار، ومع فريق من المحامين، ونسابق الوقت لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في المدة القصيرة التي حددها الاحتلال للاعتراض. سنحاول بكل السبل منع إقامة الجدار لأنه سيسبّب كارثة، وسيجعل سنجل مجرد سجن كبير".
يقول الناشط عوض أبو سمرة لـ"العربي الجديد": "ستختفي البلدة تماماً خلف الجدار، ولن يسمح لأصحاب الأراضي الزراعية التي سيُقام فوقها الجدار بالوصول إليها، وفي حال السماح بإقامة هذا الجدار، سيكون الحصار الاستيطاني والعسكري الإسرائيلي مطبقاً على البلدة التي ستكون محاصرة من كل الجهات".
وسيؤدي الجدار أيضاً إلى محاصرة بلدة ترمسعيا المجاورة، وبعد استكمال بنائه، لن يعود بمقدور المسافر عبر الطريق رؤية البلدة التي طالما تغنّى المارّون بمركباتهم بجمال مدخلها المزيَّن بالنخيل على جانبيه، وبالطراز الحديث لبيوتها، وأغلبها مشيَّد وفق نظام "الفيلات" المكونة من طابقين يعلوهما "القرميد".

المساهمون