انتظر أهالي محافظة شمال سيناء تعويضهم عن آثار الحرب على الإرهاب، عبر تعويضات مالية عن المنازل والمزارع التي خسروها خلال عمليات قوات الجيش المصري ضد تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم داعش الإرهابي، ففوجئوا بإرغامهم على دفع فواتير الكهرباء والمياه بأثر رجعي عن السنوات التي كانوا مهجرين قسرياً فيها، بينما الكهرباء والمياه مقطوعة عن مناطقهم بشكل كامل.
يقول أحمد أبو عكر، إنه كان أحد سكان قرى جنوب الشيخ زويد المهجرين قسراً، وإنه عاد إلى قريته أخيراً، بعد إحكام سيطرة قوات الجيش على المنطقة، لكنه صدم بوجود قرار من شركتي الكهرباء والمياه لإجباره على دفع الفاتورة الجديدة، ومستحقات مالية قديمة عن الكهرباء والمياه الخاصة بمنزله خلال الفترة التي كان فيها مقيماً خارج سيناء، بعد تهجيره من منزله على يد قوات الجيش في عام 2017، حتى لا يتضرر أثناء مطاردتها العناصر الإرهابية في المنطقة، وبعد أن عاش بضعة أسابيع صعبة، كان انقطاع الكهرباء والمياه جزءاً منها.
يضيف أبو عكر: "حينما عدنا إلى قرانا، توقعنا تكريماً وتقديراً من قوات الجيش والجهات الحكومية المختلفة، إلا أن أياً من تلك التوقعات لم يتحقق، بل على العكس، وجدنا أننا مطالبون بإعمار منازلنا وإحياء أراضينا من أموالنا الخاصة، ولا وجود لأدنى مستوى من الاهتمام بالمواطنين في القرى التي كانت مهجرة قسرياً، ثم بتنا مطالبين بدفع فواتير كهرباء ومياه لم نستخدمها، إذ كانت مقطوعة عن المنازل بسبب الخراب الذي طاول البنية التحتية في مدينتي رفح والشيخ زويد خلال سنوات الحرب على الإرهاب منذ عام 2013".
وكتبت صفحة "أخبار كهرباء رفح والشيخ زويد" تعليقاً على القضية: "ألم يكفهم ما حدث للناس خلال السنوات السبع الماضية خلال الحرب على الإرهاب، وصمودهم، وتعاونهم لأقصى حد. أهذا تكريمكم لهم؟ تطالبونهم بدفع فواتير الكهرباء بأثر رجعى. الكهرباء كانت تنقطع عنهم لأسابيع، والكهرباء غير مستقرة طوال سبع سنوات مضت في مدينة الشيخ زويد وضواحي رفح. نناشد السادة المسؤولين، المحافظ، والنواب، ورئيس قطاع كهرباء العريش، ورئيس شركة توزيع كهرباء القناة، ووزير الكهرباء إعفاء مدينتي الشيخ زويد ورفح من فواتير الكهرباء القديمة".
ويقول عادل السواركة، وهو أحد مزارعي مدينة الشيخ زويد، إنه توجه إلى شركة الكهرباء للسؤال عن عداد بئر المياه، ليتفاجأ بأن الحساب المالي لا يزال سارياً، رغم أن التيار الكهربائي مفصول عن المنطقة منذ سبع سنوات، كما أن أشجار الزيتون التي يسقيها من مياه البئر ماتت، وأصبحت بلا قيمة، وحين سؤاله موظف الشركة عن استمرار تسجيل مبالغ مالية عليه برغم عدم استفادته من خط الكهرباء غير الفعال، كان الرد أن الحساب يتم بالمتوسط من دون زيارة ميدانية، بمعنى أنه في حال كان يدفع 1000 جنيه (32 دولاراً) في الوقت الطبيعي قبل انقطاع الكهرباء، فإنه يجري احتساب 500 جنيه (16 دولاراً).
يضيف السواركة: "أهالي رفح والشيخ زويد كانوا بصدد البحث عن طرق قانونية لمحاسبة شركات المياه والكهرباء عن سوء الخدمة المقدمة للأهالي قبيل تهجيرهم من قراهم، وبعد عودتهم أصبح الوضع أسوأ بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، وعدم وجود أي مساع لإصلاح المشكلة، باستثناء بعض جهود المهندسين المحليين من أبناء المدينتين، فضلاً عن ضعف الكهرباء الواصلة إلى المنازل، والتي تتسبب باحتراق الأجهزة الكهربائية وشبكات الإنارة، وهذه شكاوى مسجلة وموثقة في جميع قرى رفح والشيخ زويد، لكنه في ظل عدم وجود رقابة أو متابعة حكومية، أو حتى الاستماع لشكاوى الأهالي في المنطقة، تذهب حقوقهم سدى، فيما تبحث الشركات عن حقوق وهمية".
وبدأ سكان قرى رفح والشيخ زويد توجيه مناشدات ورسائل تطالب نواب شمال سيناء في البرلمان، والمشايخ الذين لهم علاقة بالجهات الحكومية والأمنية بالتدخل عند شركة توزيع الكهرباء، لمطالبتها بعدم إجبار المواطنين على دفع أموال مقابل خدمة لم يتلقونها بسبب الظرف القاهر الذي عاشوه خلال السنوات الماضية، في حين تتجاهل جميع الجهات ما يطالب به أهالي سيناء لإنصافهم.
ويقول مصدر في شركة القناة لتوزيع الكهرباء لـ"العربي الجديد"، إن قرار تحصيل المبالغ المالية المستحقة على المواطنين قانوني بغض النظر عن الظروف التي عاشوها، فالنظام المعمول به في الشركة يقضي بأن أي خط كهرباء يتم توصيله يجب أن يجري الحساب عليه بشكل شهري، ولكن في ظل الظروف الأمنية التي كانت تعيشها محافظة شمال سيناء، واستهداف طواقم الشركة من قبل المجموعات الإرهابية، كانت هناك مشكلة في التحصيل بشكل شهري.
وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنه "لا يمكن إسقاط الفواتير المسجلة على حسابات المشتركين في مدينتي رفح والشيخ زويد من قبل إدارة الشركة، وفي حال قررت أي جهة إعفاء المواطنين، يجب أن تُدفع المبالغ المستحقة عليهم لصالح الشركة بشكل مباشر، ولم يتحدث إلى الشركة أي مسؤول من سيناء بخصوص إعفاء المواطنين من المبالغ المالية المتراكمة منذ سبع سنوات، وبالتالي فإن الشركة ستواصل تحصيل الأموال بأثر رجعي، بإضافة 500 جنيه من الرصيد المستحق على فاتورة كل شهر جديد، إلى حين انتهاء المبلغ القديم".
ويطالب الأهالي بتدخلات حكومية عاجلة للتخفيف من المعاناة التي عاشوها خلال السنوات الماضية، وقد استطاعوا انتزاع الموافقة على عدد من المطالب، ومن بينها فتح محطات الوقود، وإزالة عشرات الكمائن المقامة على الطرق، والسماح بالوصول إلى مناطق وقرى كانت مغلقة بشكل كامل، فضلاً عن تقدم في ملفات الاعتقال والإخفاء القسري، وتسجيل عوائل القتلى والجرحى ضمن "شهداء مكافحة الإرهاب".