"جامعة الخابور" مشروع لتأمين التعليم العالي في شمال سورية

05 سبتمبر 2024
يتبنى مسؤولو "جامعة الخابور" شعار إنهاض المجتمع (بكر القاسم/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **نقص مؤسسات التعليم العالي**: مناطق شمال وشمال غربي سورية تعاني من نقص حاد في مؤسسات التعليم العالي، مع تركيز الجامعات في مراكز المحافظات الكبرى. "جامعة الخابور" تسعى لسد هذه الفجوة وتقديم تعليم عالي الجودة يتماشى مع احتياجات سوق العمل المحلي.

- **التحديات والاعتراف الدولي**: الجامعات في شمال غربي سورية تواجه تحديات كبيرة، منها عدم الاعتراف الدولي بالشهادات. الجامعات التركية في المنطقة تتبع النظام التعليمي التركي، بينما الجامعات المحلية تعترف بها فقط الحكومة المؤقتة أو حكومة الإنقاذ.

- **أمل ومستقبل التعليم**: افتتاح "جامعة الخابور" يمثل بارقة أمل للطلاب في مناطق سيطرة المعارضة السورية شرقي الفرات، حيث تهدف الجامعة إلى تقديم تعليم عالي الجودة برسوم مخفضة، مما يجعلها خياراً جذاباً للطلاب المحليين.

تحتاج مناطق شمال سورية المعزولة بالكامل، إلى جامعات. ويتحضر أكاديميون حالياً لإطلاق "جامعة الخابور" من أجل تقديم التعليم العالي لأهل المنطقة.

تتلاقى الحاجة إلى وجود جامعات في مناطق شمال غربي سورية، مع أهداف توفير التعليم العالي في تلك المناطق التي تعاني من فجوة في مجال التعليم سواء لناحية جودته والاعتراف به أو لناحية ربطه بسوق العمل، وتعتبر التحديات هائلة في ظل غياب المؤسسات لأن الجامعات الأساسية في سورية كانت موجودة في مراكز المحافظات، منها ست حكومية فقط، أما مناطق شمال وشمال غربي سورية فلم تضم أي جامعة.
وقد افتُتح العديد من الجامعات في منطقة شمال غربي سورية، منها حكومية تشرف عليها حكومة الإنقاذ وهي جامعة إدلب، وجامعة حلب التي تشرف عليها الحكومة المؤقتة، إضافة إلى جامعات خاصة.
لكن مع انعزال الطلاب في المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة السورية شمال شرقي سورية، تحديداً الجزء الشمالي من محافظة الرقة والجزء الغربي من محافظة الحسكة، بات وجود جامعة في المنطقة مهماً جداً ما دفع أكاديميين سوريين إلى إطلاق "جامعة الخابور".
وتُعتبر هذه الجامعة الأولى من نوعها، بحسب ما يوضحه رئيس مجلس أمنائها حسن محمد أبو قصرة الذي يُخبر "العربي الجديد" أن الجامعة ستبدأ باستقبال الطلاب بدءاً من العام الدراسي المقبل بعدما حصلت على موافقة مبدئية من مجلس التعليم العالي في الحكومة السورية المؤقتة، وقدمت طلب الترخيص في نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي".
ويلفت أبو قصرة إلى أن "المنطقة تحتاج إلى جامعات، وقد وفرنا البناء الذي كشفت عليه اللجنة الفنية المكلفة من مجلس التعليم العالي. ونحن حالياً في طور تجهيز هذه المباني لاستيفاء باقي الشروط من أجل الحصول على الترخيص النهائي، وإصدار قرار الافتتاح. نحن الآن في طور الترخيص، وقد لقينا رد فعل إيجابياً جداً من أهالي المنطقة والطلاب الذين ساعدونا على تذليل العقبات التي واجهتنا. نريد أن نقدم نموذجاً فريداً من نوعه في التعليم العالي الخاص بأهلنا في المنطقة، وستمنح الجامعة بالتأكيد فرصة لكل الطلاب من أجل الالتحاق بها، وستضع برامج لاستقبال الطلاب المنقطعين تمهيداً لتقديم أفضل خدمة للمنطقة".

وشكل مجلس أمناء "جامعة الخابور" لجاناً من أهل التخصص لكتابة خطط دراسية لكل اختصاص قرر افتتاحه. ويقول أبو قصرة: "ستكون الجامعة منافسة من حيث السمعة الأكاديمية والإدارية. نحن عند وعدنا، وأخذنا على عاتقنا شعار إنهاض المجتمع، وسنعمل على ذلك. الطالب ليس هدفاً للاستثمار، وبالنسبة إلينا إذا كان الاستثمار بالطالب أو بجدواه الاقتصادية فقط، فهذا أمر خاطئ اقتصادياً وأخلاقياً، فالمال لا يتقدم على المادة العلمية والأكاديمية". يتابع: "سنخرّج كوادر تنفع المنطقة وتفيد سورية. كما ستكون الأقساط مخفّضة، وتشمل النقل ورسم التسجيل، والهدف من جامعتنا تقديم خدمة للمنطقة والاستثمار في اسم الجامعة. وستكون جامعة الخابور عبر هذه الخطة من أفضل جامعات المنطقة خلال السنوات المقبلة، وسيكون الاستثمار المالي باسم الجامعة بعيداً عن الطالب والمادة العلمية".

غياب الجامعات في شمال غربي سورية فجوة كبيرة (بكر القاسم/ فرانس برس)
يترك غياب الجامعات شمال غربي سورية فجوة كبيرة (بكر القاسم/ فرانس برس)

الاعتراف الدولي

وفي منطقة شمال غربي سورية، توجد نحو 11 جامعة مرخصة من وزارة التعليم العالي في الحكومة السورية المؤقتة، وفق ما يوضحه الأستاذ الجامعي أسامة عبد الهادي الذي يقيم في المنطقة ويقول لـ"العربي الجديد": "جميع الاعترافات حتى الآن محلية، ولم تحصل أي جامعة على اعتراف تركي. علاقتنا مع الجانب التركي كانت تحصل عبر مفاوضات بين اليوك التركي وجامعة حلب، لكنها فشلت في ضم الجامعة إلى نظام التعليم التركي". ويشير إلى أن "فروع الجامعات التركية الموجودة في غازي عنتاب التركية، والتي لها فروع في مدينة عفرين بريف حلب تتبع وحدها لتركيا، أما باقي الجامعات فمحلية تعترف بها وزارة التعليم العالي في الحكومة المؤقتة. وفي إدلب تعترف حكومة الإنقاذ بالجامعات، في وقت ليس هناك أي اعتراف دولي حتى الآن. زعم البعض أن جامعة حلب أدرجت في قائمة اليوك التركي، واعتبروا الأمر اعترافاً، لكنه ليس كذلك، وفي كل الأحوال أدرجت الجامعة للدراسة ثم حذفت، وأنهى الأتراك المفاوضات من دون ضم جامعة حلب".
ويجري استخدام الشهادات الصادرة عن الجامعات المحلية في مناطق شمال غربي سورية، حيث يوجد نحو 40 ألف طالب بين جامعة حلب وجامعة إدلب. وتضم جامعة إدلب نحو 16 ألف طالب، وجامعة حلب نحو 12 ألف طالب، ويتوزع الباقون على الجامعات الخاصة الصغيرة.
ويقول عبد الهادي: "إذا اعترفت الدول بالحكومة السورية المؤقتة ستعترف بالجامعات، وإذا لم يحصل ذلك فلن تعترف بالجامعات". ويلفت إلى وجود مشكلة تتمثل في عدم وجود دراسة حقيقية لمدى حاجة السوق للخريجين في الاختصاصات.

يتابع: "تخرّج الجامعات الآن عدداً كبيراً من الطلاب الذين لن يجدوا بعد فترة فرصاً في سوق العمل. التعليم الأكاديمي تضخم على حساب التعليم المهني، ويجب أن يكون هناك تعليم مهني وحرفي يشغّل السوق. تساهم الجامعات في زيادة البطالة، سواء أدركت ذلك أم لا، ونؤكد ضرورة تنظيم العمل الجامعي، ودعم الجانب المهني، وإنشاء ورش ومختبرات لتعليم الناس واستخدامهم كأيدٍ عاملة".

أمل للطلاب

وينظر بعض الطلاب، ومنهم مأمون العقيدي، إلى افتتاح "جامعة الخابور" في منطقة سيطرة المعارضة السورية شرقي الفرات بأنه "أمر جيد من الناحية العملية فالمنطقة بلا جامعات منذ سنوات، والخروج منها للدراسة في جامعات إدلب أو حلب صعب للغاية، ويُجبر الطالب على سلوك طرق تهريب. أما الحصول على منح أو قبول في جامعات تركية فصعب أيضاً، لذا يشكل وجود جامعة بارقة أمل بعدم ضياع سنوات من الدراسة". وعلى صعيد الاعتراف بالشهادة الجامعية، يقول العقيدي: "نريد الحصول على الشهادة الجامعية في الوقت الحالي، وليس البقاء من دون تعليم. بالنسبة لي الخيار هو بين عدم التعلّم والتعلّم بشهادة غير معترف بها. وخياري هو الثاني لأنه الأفضل للمستقبل".

المساهمون