جامعات تونس الخاصة منشغلة بمصير طلابها من دول أفريقيا جنوب الصحراء

23 فبراير 2023
يؤثّر رفض مواطني دول أفريقيا جنوب الصحراء في تونس على الطلاب منهم (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

تثير الحملة المتصاعدة في تونس ضدّ المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء قلقاً كبيراً في الجامعات الخاصة، لا سيّما بين الطلاب الذين يتابعون تعليمهم في تونس، وذلك عقب تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيّد عن "ترتيب إجرامي" أُعِدّ في مطلع هذا القرن لتغيير تركيبة تونس الديمغرافية من خلال توطين مهاجرين غير نظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء فيها.

وأعلنت جامعات خاصة عن تشكيل خلايا أزمة، وأصدرت بيانات دعت فيها طلابها إلى التزام الحذر وسط احتمالات استهدافهم بأعمال عنفية، بسبب رفض وجود مهاجرين أفارقة في البلاد من قبل جزء من التونسيين.

وأفادت الجامعات في بياناتها بأنّها خصّصت مستشارين قانونيين من أجل مساعدة الطلاب، في حال أوقفتهم القوات الأمنية في سياق ملاحقة المهاجرين غير النظاميين.

ويتابع أكثر من ثمانية آلاف طالب من دول أفريقيا جنوب الصحراء تعليمهم في الجامعات التونسية، بينما تعمد الجامعات إلى استقطاب مزيد من طلاب تلك الدول.

ويعبّر رئيس الجامعة الوطنية للتعليم العالي الخاص محمد دمّق عن قلقه إزاء تأثير "تزايد العنصرية ضدّ المهاجرين الأفارقة"، لافتاً إلى أنّ "الجامعة سوف تطلب من السلطات بطريقة رسمية البعث برسائل طمأنة لطلاب الجامعات وحمايتهم من كلّ أشكال الاستهداف".

ويقول دمّق لـ"العربي الجديد"، إنّ "جامعة التعليم العالي تطالب بتسوية سريعة لأوضاع إقامة الطلاب، بناءً على شهادات التسجيل التي تصدرها الجامعات بهدف ضمان عدم ملاحقتهم أمنياً".

ويبيّن رئيس الجامعة الوطنية للتعليم العالي الخاص أنّ "الطلاب من دول أفريقيا جنوب الصحراء يشكّلون ما بين 10 و15 في المائة من مجموع طلاب مؤسسات التعليم الخاص"، مشيراً إلى أنّ "استهدافهم بممارسات عنصرية أو التأخّر في تسوية أوضاع إقامتهم القانونية يحرم البلاد من إيرادات مهمة بالعملة الصعبة"، ويشرح أنّ "معدّل إنفاق الطالب من بين هؤلاء، سنوياً، يقدّر بثمانية آلاف يورو (نحو 8.470 دولاراً أميركياً)".

ويتحدّث دمّق عن "غياب كلّ جهد رسمي من أجل مساعدة الجامعات الخاصة على تعزيز تدفّق الطلاب من دول أفريقيا جنوب الصحراء، في حين تبذل دول أخرى جهوداً كبيرة في هذا الإطار"، ويؤكد قائلاً: "نحن قلقون من تداعيات تزايد العنصرية على انتساب هؤلاء الطلاب إلى الجامعات التونسية الخاصة"، مبيّناً أنّ "عددهم تراجع بالفعل من 12 ألف طالب في عام 2013 إلى ثمانية آلاف في الوقت الراهن".

في الإطار نفسه، عبّر مجلس الأعمال التونسي الأفريقي، اليوم الخميس، عن "انشغاله العميق" إزاء الحملة الأخيرة التي يتعّرض لها الأفارقة من جنوب الصحراء في تونس، ودعا إلى "الحفاظ على الروابط الإنسانية والاقتصادية والمالية مع الشركاء الأفارقة". 

وحثّ المجلس، في بيان له، السلطات على "بعث رسالة قويّة لطمأنة الطلاب وإعطاء تعليمات واضحة لقوّات الشرطة بشأن دورهم في حماية أمن وسلامة الناس، بما في ذلك حقوق الأجانب".

كما استنكر المجلس بشدّة "الممارسات العنصرية التي تنشر حالة من الاضطراب والريبة بين الطلاب من أفريقيا جنوب الصحراء المرسمين (المسجّلين) في الجامعات التونسية ومراكز التكوين (التدريب)"، مشدّداً على "تمسّكه بمبادئه التأسيسية والقيم الأفريقية".

وعبّر المجلس أيضاً عن تمسّكه بنوعية العلاقات وتكريس الثقة اللازمة بين الفاعلين الاقتصاديين الأفارقة، ورأى ضرورة "التمييز ما بين المقيمين من جنوب الصحراء بصورة قانونية، وبين الهجرة غير الشرعية التي يجب تنظيمها طبقاً للقوانين التونسية والدولية".

قيس سعيّد: لا عودة إلى الوراء

في سياق متصل، أكد الرئيس التونسي قيس سعيّد أنّ اتهامه بالتمييز العنصري "أكاذيب يطلقها الذين تعوّدوا على ذلك"، في إشارة إلى مواقف عديدة مندّدة بتصريحاته في ما يتعلق بالمهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وأضاف أنّه "من غير الممكن مقارنتي ببعض المنتمين إلى اليمين المتطرّف".

وأكّد سعيّد أنّ "ثمّة مخططاً بالفعل لتوطين المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء ولتغيير تركيبة تونس الديموغرافية"، شارحاً أنّ "الدولة ومؤسساتها لن تتهاون في هذا المجال".

وإذ دعا الرئيس التونسي إلى "عدم التعرّض لمواطني دول أفريقيا جنوب الصحراء"، مطمئناً المقيمين النظاميّين، شدّد على أنّه "لا مجال للبقاء في تونس إلا بصورة قانونية"، وأوضح أنه "لن أسمح بأيّ اعتداء على الأفارقة في تونس، لأنّهم بدورهم ضحايا في بلدانهم ويتعرّضون للاستغلال في تونس بصفة غير قانونية.. ولا بدّ من تطبيق القانون على الجميع". وتابع سعيّد أنّ "الأمر وصل ببعضهم إلى حدّ إنشاء محاكم في بعض المناطق من الجمهورية التونسية".

المساهمون