- واجه المرسوم انتقادات من نشطاء وحقوقيين، معتبرين إياه محاولة لتحسين صورة النظام واستقطاب الأنصار، وأن الجائزة قد تُمنح لمجرمي الحرب بدلاً من الأبطال الحقيقيين.
- تساءل البعض ساخرين عن إمكانية حصول شخصيات مثيرة للجدل على الجائزة، بينما أعرب آخرون عن شكوكهم في منحها لمن يستحقها فعلًا، مشيرين إلى الحاجة لإصلاحات جوهرية بدلاً من مراسيم تكريمية.
أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد، أمس الثلاثاء، مرسوماً لاستحداث جائزة الدولة التقديرية للشجاعة والعطاء تشمل "الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين من السوريين والأجانب". وأشار المرسوم الذي ضجت به وسائل الإعلام الرسمية إلى أن "الجائزة تندرج في سياق تقدير وتكريم كل من قدم مثالاً يحتذى في الشجاعة والعطاء والمبادرة ومساعدة الآخرين".
وبحسب المرسوم، تشمل الجائزة "الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين من السوريين وغير السوريين الذين شكلوا نماذج في العطاء، ويمكن أن تمنح مرات للشخص نفسه إذا تعددت مساهماته في درء المخاطر وتنفيذ عمليات حماية وإنقاذ". وأورد نص المرسوم: "تمنح الجائزة لأشخاص أظهروا أو يظهرون حالات البطولة والإقدام في درء الخطر عن المواطنين والممتلكات العامة والخاصة في الكوارث الطبيعية والأحداث الطارئة والإنسانية التي قد تتعرض لها سورية".
ورأى نشطاء وحقوقيون ومتابعون للشأن السوري أن "المرسوم يهدف إلى خلق حركة للنظام الذي بات غير قادر على تنفيذ تحركات خارجية، ولا يستقبل إلا مسؤولين خارجيين نادرين". ورصد "العربي الجديد" مئات التعليقات والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي التي طالبت بحصول غالبية الشعب السوري على الجائزة لصموده وبقائه على قيد الحياة.
وعلّق عروة العلي (اسم مستعار لناشط حقوقي من اللاذقية) بالقول لـ"العربي الجديد": "يحاول بشار الأسد أن يستقطب أنصاره من خلال مراسيم وزيادات وهمية في الرواتب والمنح، ويعمل بسياسة (طعمي تسعة ليأكل عشرة)، علماً أنه يحصّل هذه الجوائز والمنح من جيوب الشعب".
أضاف: "لن تمنح هذه الجوائز لشجعان وذوي عطاءات، بل لمن استباح دم الأطفال في الغوطة وإدلب والمحافظات السورية، وهذا أمر خطير لأنه يرسّخ مفهوم الجريمة وخيانة الشعب والدولة باعتباره بطولة وعطاء. ستُمنح هذه الجوائز لمجرمي الحرب ومرتكبي عمليات إبادة، لذا يجب أن تسمى جائزة النظام التقديرية للتشبيح وقتل الشعب".
وقال وزير سابق في دمشق، فضل عدم كشفه هويته، في حديث لـ"العربي الجديد": "ستكون الجوائز عينية، عبارة عن وسام أنيق وأموال تُمنح من الضرائب والرسوم وأموال المواطنين التي سرقت وستسرق من خلال الحوالات البنكية الخارجية بالعملة الصعبة التي يوفرها من هجرهم الأسد وجيشه والفصائل المسلحة، وأيضاً من أموال المساعدات الأممية التي تأتي للنازحين في الداخل ويسرقها النظام عبر ما يسمى الأمانة السورية للتنمية". وأكد المصدر ما سبق أن أشار إليه الناشط عروة العلي، وقال: "ليست الجائزة إلا تحويراً للجريمة، ولن ينالها إلا موالو الأسد الذين أحرقوا البلد وقتلوا وشردوا الشعب لضمان بقائه على كرسي السلطة".
وتحدت الناشطة الحقوقية سلام عباس أن يمنح النظام الجائزة لمن يستحقها فعلاً، وأشارت إلى أن "أكثر من يستحق الأوسمة والجوائز هو على سبيل المثال لا الحصر منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) التي أنقذت فرقها آلاف الأطفال خلال قصف النظام عشوائياً مدنهم وأحياءهم ومنازلهم". تابعت: "أنا واثقة من أن النظام لن يفعل ذلك لأن مقياس البطولة والشجاعة لديه هو قتل الشعب وتشريده وتهجيره وإفقاره والتنكيل بمعتقلي الرأي".
بدوره، لفت سالم العجوة إلى أن النظام "سيحصّل قيمة الجوائز من جيوب المواطنين عبر فرض ضرائب وإتاوات، والنظام معتاد على لعبة تبديل الطرابيش".
وكان لافتاً تنديد عنصر عسكري في جيش النظام السوري بالمرسوم، ومطالبته باستبداله بعفو أو تسريح من الخدمة الاحتياطية في الجيش، وكتب معلّقاً على منشور المستشارة الإعلامية للأسد لونا الشبل التي شاركت نشر المرسوم: "نريد مرسوماً يريحنا من الاحتياط الذي أهدر عمرنا وجعل أولادنا يعيشون في قهر". وتابع ساخراً: "تعبنا من مخدات ريش النعام والأسرّة العسكرية".
كما علّق يمان خطاب (اسم مستعار) على الخبر ساخراً: "يجب منح الجائزة لوسيم الأسد (ابن عم بشار، وهو رجل أعمال) الذي لعب دوراً كبيراً في نشر حبوب الكبتاغون وإنتاجه وتصديره، أو للمناضل رفعت الأسد الذي سرق البنوك ونهبها وصادر بعض الأموال، وأمن بالتالي مستقبل عائلة الأسد في بنوك أوروبا، أو أيضاً للمناضلة بثينة شعبان وخلفها ابنها ليكمل أسطوله من السيارات والفنادق الفارهة، أو لفراس معلا أو للسيد حمشو لما قدماه لقطاع السيارات على صعيد الاستيراد والاحتكار".
وسأل عماد علي (اسم مستعار): "هل يستحق الأسد هذه الجائزة على احتفاظه بحق الرد على القصف الإسرائيلي المتكرر لسورية؟".
يذكر أن بشار الأسد أصدر عام 2012 مرسوم استحداث جائزة الدولة التقديرية للأدب والفنون، ومنحها إلى عدد من الممثلين والكتاب الموالين.