ثورة الطبيعة على البشر

17 يونيو 2021
من تظاهرة في السلفادور في يوم الأرض رفضاً للاحتباس الحراري (إيميرسون فلوريس/ Getty)
+ الخط -

حسناً فعلت كورونا بإنقاذها لنا ولكوكب الأرض!
أظهرتُ العبارة على الشاشة الضوئية، وطلبت أن يختار كل مشارك في ورشة التدريب موقعاً من القاعة، يمثل رأيه، بعدما يقرأ العبارة جيداً. على الجانب الأيمن، وضعنا كلمة (أوافق)، تواجهها على الجانب الأيسر (أرفض)، وبينهما (أتحفّظ). وهذا نهج ظللت أعتمده خلال جلسات التدريب مع مختلف المجموعات، بهدف التعرف على المشاركين، وكسر الحواجز، والتأكيد على أن لكل مشارك معرفته ورؤاه التي يقوم الميسّر باستخلاصها وتيسير تداولها. ثم تأتي مرحلة سؤال المجموعات بدءاً بالأقل عدداً. وللمفارقة، كان الموافقون يومها هم الأقل، وقد ذكر أحدهم أن من الحسنات تعميم ثقافة الكمّامة، ونشر الوعي حول ضرورات التباعد التي أتت بنتائج موجبة في ما يخص الحد من العدوى بأمراض أخرى. وتداولنا معلومات ورؤى وأفكارا شكّلت مسار الورشة بأكملها، مثلما عرفتنا على مدى إدراك المشاركين لموضوع التدريب (التغيّرات المناخية وقدرات التكيف في البلدان ذات الهشاشة البيئية والاقتصادية).
يقول علماء نشروا بحثهم في مجلة "ساينس" عام 2010 إنّ التلوّث قد عاد إلى مستواه قبل 15 مليون عام، لكنهم لم يقولوا لنا كيف تمكنت البشرية وقتها من التكيّف مع الأمر حتى يمكننا أن نقتفي أثرهم. وهل ما يشغل العالم الآن من تحركات سياسية علمية، ومن محاولات تحقيق الأهداف المتعلقة بشأن تغيُّر المناخ بقدر المشكلة؟ 
منذ مؤتمر قمة الأرض في ريو دي جانيرو عام 1992، وحتى آخر مؤتمرات المناخ، يتواصل الحديث عن تثبيت تركيزات الغازات الدفيئة عند مستوى يحول دون حدوث الكارثة. لكن، ألم تحدث الكارثة فعلاً؟ ألم يتجاوز تدخل البشر في النظام المناخي المعدلات التي يمكن التعاطي معها؟ أمر ظلّ محور خلاف وموضوع نقاشات حادة انتقلت من اجتماعات العلماء ونشطاء البيئة والسياسيين إلى مختلف منصات الإعلام والتدريب، ما يؤشر نحو استشعار البشر للمخاطر. 

موقف
التحديثات الحية

وحدها الأوبئة والحروب الطويلة قادرة على إحداث التغييرات الجذرية في نمط حياة المجتمعات، فتتبدل ملامح الحياة. وكانت المجتمعات الإنسانية قد واجهت عبر التاريخ أوبئة انتشرت على نطاق واسع، وأودت بحياة الملايين في فترات زمنية قصيرة. وأثّرت على الأفراد الذين عاشوا تلك الخبرات الاستثنائية، إذ غيّرت جانباً من اتجاهاتهم القِيمية. والآن تتعرض الأرض للموت، وقد تلوثت الأنهار والبحار، وتلوث الجو، وثُقبت طبقة الأوزون، واختل النظام البيئي. كثُرت الأوبئة والكوارث، واندلعت النزاعات والحروب حول الموارد. قلّ هطول الأمطار فمات الزرع، زاد هطول الأمطار فانجرفت الأراضي، وأغرقت المساكن، وتشردت الأسر. فقدنا أنواعاً نادرة من الأشجار والنباتات والحيوانات والطيور، وتهدّدت أخرى بالانقراض، حتى لتصدق مقولة إن "ما يشهده عالمنا الآن هو التغيير المذهل في معدل التغيير نفسه". فمن تصدى لكل ذلك؟
أليست هي كورونا... ثورة الطبيعة على فساد البشر؟
(متخصص في شؤون البيئة)

المساهمون