ثوران بركان في أيسلندا بعد تسجيل آلاف الزلازل الصغيرة

20 مارس 2021
أدّى ثوران البركان إلى إيقاف الملاحة الجوية في البلاد (فرانس برس)
+ الخط -

ثار بركان فاغرادلسفييال، أمس الجمعة، قرب ريكيافيك، عاصمة دولة أيسلندا الجزيرية (في مجموعة دول الشمال واسكندينافيا)، وأطلق حمماً بركانية في السماء، بعد تسجيل آلاف الزلازل الصغيرة، في شبه الجزيرة، منذ 24 فبراير/شباط الماضي.

ووصل بحسب ما سجّلته سلطات رصد الزلازل، عدد الهزّات الأرضية، في الأسابيع القليلة الماضية، إلى نحو 40 ألف هزة، منها ما حصل قرب ريكيافيك، بقوة 5.4 درجات على مقياس ريختر، دون الإعلان عن وفيات أو أضرار. 

وأدّى ثوران بركان فاغرادلسفييال، في شبه جزيرة ريكيانيس، على بعد 30 كيلومتراً من العاصمة، ومن أكبر مطارات البلد الصغير، كيفلافيك، إلى إيقاف حركة الملاحة الجوية في البلاد، وسط تزايد الحمم البركانية التي حوّلت سماء المنطقة إلى اللون الأحمر. ويحدث ذلك مع استمرار الهزات الأرضية التي اعتاد عليها الأيسلنديون، إذ تشهد، شبه الجزيرة، سنوياً، آلاف الزلازل التي لم تؤثر على حياة الناس في السابق، ولم تمنع تحوّل هذه الجزيرة الخضراء إلى وجهة سياحية اسكندينافية للاستمتاع صيفاً وشتاءً بينابيعها الكبريتية الساخنة والشفق السماوي الذي يضفي على سماء المنطقة ألواناً زاهية، بفضل تفاعل شمسي ليلي للإكترونات. 

وحدّد معهد الأرصاد الجوية الأيسلندي، صباح اليوم السبت، المنطقة المحيطة، والقريبة من ريكيافيك، بـ"الحمراء" لتحذير المتطفّلين من الاقتراب من مصدر البركان الأخير، بعد أن شهدت المنطقة، تقاطر للمواطنين لمشاهدة ظاهرة تغيّر لون السماء. واضطرت طائرات هليكوبتر تابعة لخفر السواحل والشرطة، للتدخل، مساء أمس الجمعة، لحماية هؤلاء من خطر البركان الثائر، والذي نشر أيضاً غازات سامة حذّر منها الخبراء. 

وتأثّر سكّان قرية، غريندفالك الصغيرة، الذين يعيشون على صيد الأسماك، وهم الأقرب إلى البركان الثائر، من الانفجارات البركانية التي وصلت حممها إليهم، وتدخّل الدفاع المدني لمحاولة حماية السكّان من خطر غازات ثاني أكسيد الكربون الذي ظلّ ينبعث لأيام، وطالبت السكّان في قطر دائري من نحو 40 كيلومتراً، إبقاء النوافذ مغلقة. 

وتحوّل لون السماء إلى الأحمر، يشير إلى قوة ثورة البركان هذه المرة. وبقي هذا البركان مصنّف على أنه "غير نشط" خلال الـ900 عاماً الماضية، رغم وجود براكين قريبة منه، مثل بركان ريكجان، نشطة طيلة أيام السنة، دون أن تنفجر بشكل كبير، كما حصل الآن، مع تدفق للحمم وإرسال للسحب عالياً في الفضاء الجوي.

ورغم عنف الانفجارات والحمم الملتهبة، لا تتوقع السلطات، أن يؤدي الثوران البركاني الحالي، والذي انتشرت صهارته لبضعة كيلومترات، إلى تشكيل سحابة ركامية، شبيهة بتلك التي شهدتها في 2010، بعد ثوران بركان ايافيالايوكل، وأصابت الطيران الأوروبي بالشلل. وتبقى الخشية الأيسلندية من نشاط بركان جليدي آخر، أسفل نهر آيفيالاكيول، من المتوقع، أن يؤثّر ثورانه، إذا حصل، على حركة الطيران، بسبب الركام الذي يرتفع عالياً في الطبقات الجوية، ويتمدّد إلى الجنوب، مؤثراً بذلك على أجواء القارة.

وأمكن للقاطنين على بعد نحو 10 كيلومترات، مساء الجمعة، مشاهدة التوهج الناجم عن البركان، واختار البعض من بلدة غريندافيك، ركوب سيارته لمشاهدة الحدث عن قرب، دون خرق الدائرة التي فرضتها السلطات.

ويثير البركان الحالي، فضولاً بين الناس والعلماء، كونه الأكثر عنفاً لناحية الانفجارات، على عكس سابقيه، الذين لم تكن انفجاراتهم كبيرة، لكنهم كانوا أعنف من ناحية نفث الركام والغازات.

والأنشطة البركانية في أيسلندا قديمة، ويعتبر بركان "هيكلا"، الأكثر نشاطاً في الجزيرة، واستمرّ نشاطه منذ العام 1970 وحتى 1980. وساهمت ثورات البراكين الأيسلندية في تشكّل جزيرة سرتسي، الواقعة في غرب أرخبيل فيستمانايجار، وذلك بعد ثوران بركاني تحت المياه في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1963. وتبلغ مساحة الجزيرة التي شكّلها البركان، نحو 3 كيلومترات مربعة، وتعتبر منطقة محمية ومقصداً للسوّاح المحليين والخارجيين، وضمّتها اليونسكو إلى قائمة التراث العالمية.

أكبر ثوران لبركان أيسلندي، كان ثوران بركان جزيرة هيماي في 1973، حيث تمّ إجلاء جميع سكان الجزيرة، ودُفنت أجزاء كبيرة من مدينتهم تحت الرماد، وأدّى البركان إلى تشكّل ميناء طبيعي في الجزيرة. ويُعتبر بركان "لاكي"، الذي يقع على صدع بطول 25 كيلومتراً، أحد أكبر براكين العالم، ووفقاً للأرصاد الجوية الأيسلندية فإنّ "لاكي" ثار في العام 1783، واستمرّ حتى 1784، وأدّى نشاطه إلى مجاعة شديدة في أيسلندا، اضطر بعدها الكثيرين منهم للهجرة نحو النرويج، ودول اسكندينافية أخرى.

المساهمون