تونس: موجة حرّ قياسية لأسابيع

18 يوليو 2023
تونس تحت تأثير "القبة الحرارية" (فتحي بلعيد/ تونس)
+ الخط -

تستمر للأسبوع الثالث على التوالي موجة الحرّ الشديدة في تونس التي تسجل محطاتها للأرصاد الجوية معدلات ارتفاع قياسية تشمل أيضاً المناطق الأكثر رطوبة وتلك القريبة من البحر، ما يزيد الطلب على الكهرباء نتيجة الاستعمال الكثيف لوسائل التبريد.

وترتفع الحرارة من عام إلى آخر على امتداد أشهر الصيف في تونس. وتعقب ذلك غالباً انفراجات، لكن صيف العام الحالي يتميز باستمرار موجة الحرّ 20 يوماً متتالية بسبب تأثر البلاد بـ"القبة الحرارية"، بحسب ما تقوله مراكز الأرصاد الجوية التي تتوقع استمرار الحرّ على المدى المتوسط.

ويتسبب الحرّ الشديد في حالة إرهاق عامة لدى التونسيين الذين يحاولون التكيّف مع المعطيات المناخية الجديدة في ظل أزمة المياه، واستمرار ضخها خلال فترة الليل، وكذلك أزمة الانقطاعات المتكررة للكهرباء الناجمة عن أعطال أو الطلب الكثيف على الطاقة.

يقول المهندس في الأرصاد الجوية محرز الغنوشي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء: "سجلت محطات معهد الرصد الجوي سلسلة أرقام قياسية خلال الفترة السابقة، فاق أقصاها 46.5 درجة مئوية في الظل بمحافظات توزر (جنوب) والقيروان (وسط) وجندوبة (شمال غرب). وتؤكد التوقعات على المدى المتوسط استمرار موجة الحرارة".

يضيف: "تخضع تونس لتأثير موجة الحرّ العالمية نتيجة التغيّرات المناخية التي تعرفها غالبية البلدان، ودعت الأمم المتحدة العالم إلى الاستعداد لموجات حرّ أكثر شدة".

وعموماً يصف التونسيون موجات الحرّ الصيفية بأنها "وغرة" تتضمن غالباً موجات متقطعة تمتد بين شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب، وتتميز عادة بارتفاع درجات الحرارة على امتداد 24 ساعة مع هبوب رياح جنوبية تُعرف محلياً باسم "الشهيلي".

ويقول الخبير البيئي حمدي حشاد، لـ"العربي الجديد": "تتأثر تونس بـ 4 قبب حرارية تضرب الأرض على نفس خطوط العرض"، ويؤدي فارق الحرارة بين الطبقات الجوية إلى تشكل منطقة ضغط جوي عالٍ تنقل الهواء الساخن من الأسفل إلى الأعلى حيث يصطدم بمنطقة الضغط الجوي العالي، ويبقى فيها. وقد تستمر هذه القبة الحرارية أياماً أو أسابيع، وقد تكون قاتلة لكبار السن وتؤثر في المحاصيل والغذاء، أو تتسبب في اندلاع حرائق بالغابات".

وعن وقوع تونس تحت تأثير "القبة الحرارية"، يؤكد حشاد أنّ "البلاد مشمولة أيضاً بـظاهرة النينيو التي تغيّر الأنماط المناخية في المنطقة الجنوب شرقية للمحيط الهادئ، وترتفع درجات الحرارة في مياه المحيط".

ويؤكد أن" تأثيرات ظاهرة النينيو توسّعت لتشمل مناطق في المحيط الأطلسي وأجزاءً من البحر الأبيض المتوسط، ما يرفع الحرارة ويتسبب في مواسم جفاف. وهذه الظاهرة المناخية ستستمر بين سنتين وسبع سنوات".

ويشير إلى أن تونس "تواجه عدواً غير مرئي يتمثل في التغيّرات المناخية. ومن أبرز تأثيرات هذه التغيّرات تمديد مواسم الحرّ حتى نوفمبر/ تشرين الثاني، ما يتسبب في حدوث جفاف حاد، وتراجع كبير في معدلات سقوط الأمطار".

ويترافق تسارع التغيّرات المناخية في تونس مع غياب خطط الحدّ من تأثيراتها على معيشة المواطنين، ومستقبل الأجيال القادمة المهدد بشحّ الموارد المائية.

ويرجح خبراء المناخ أن تظهر آثار الاحتباس الحراري والتغيّرات المناخية في شكل أوسع وأسرع خلال السنوات المقبلة من خلال أزمات زراعية وغذائية تؤثر في المجتمع، وفي حركة الهجرة الداخلية.

لمعرفة أحوال الطقس في بلدك ودرجة الحرارة، تابعنا هنا

المساهمون