يُواصل مئات المهاجرين الأفارقة في صفاقس البحث عن مأوى، بعد أن أخلت السلطات التونسية الأحد الماضي الساحات العامة، في إطار حملات أمنية لمكافحة الهجرة غير النظامية، وتعقّب شبكات الاتجار بالبشر.
ومنذ انطلاق أزمة المهاجرين في صفاقس في يوليو/ تموز الماضي، يتخذ المئات منهم الساحات العمومية والحدائق في وسط المدينة ملاذاً لهم، في غياب المقومات الصحية الأساسية.
لكن العيش في الساحات العامة والحدائق على غرار "باب الجبلي" لم يعد مُتاحاً بالنسبة لهم عقب حملة الأحد، في إطار الجهود الأمنية التي تبذلها السلطات التونسية لكبح توافد المهاجرين على المدينة، بعد أن تحوّل القادمون من دول جنوب الصحراء إلى فريسة لشبكات الاتجار بالبشر التي تنقلهم في قوارب متهالكة نحو الضفة الشمالية للمتوسط.
ويُمثّل البحث عن مكان جديد للسكن التحدي الجديد الذي يُواجهه مئات المهاجرين، إذ يرفض الأهالي في صفاقس تأجيرهم المساكن، إما خوفاً من الملاحقات القضائية، أو بسبب رفضهم لوجودهم في مدينتهم.
ويقول عضو الفرع الجهوي للرابطة التونسية لحقوق الإنسان بصفاقس، حمّة حمادي، لـ"العربي الجديد"، إن "المهاجرين الذين كانوا يتحذون من حديقة "باب الجبلي" المأوى الأساسي لهم نقلوا في حافلات من قبل الأمن إلى مشارف مدن العامرة وجبنيانة دون أن يجري توفير بدائل للسكن الآمن لهم".
ويؤكّد أنّ "إخلاء الساحات العامة من المهاجرين كان مطلباً لعدد من سكان مدينة صفاقس، غير أنه لا يمكن أن يكون حلاً لأزمة المهاجرين الذين تواصل السلطات ترحيلهم دون إيجاد مخرج حقيقي للأزمة".
ويتابع "نُقل مئات المهاجرين إلى مدن قريبة من صفاقس، إذ تفرق بعضهم في المسالك الريفية، بحثاً عن المأوى والشغل في حقول الزيتون، بينما اختار شق آخر العودة إلى صفاقس مشياً على الأقدام".
ورجّح حمادي أنّ "يواجه هؤلاء المهاجرون الطرد مُجدداً من المناطق الريفية والمدن التي نقلوا إليها، وأن يحتلوا الساحات العامة في غياب حلول سكنية أخرى" .
واعتبر المتحدّث أن "التضييق على المهاجرين، وعدم البحث عن حلول جذرية لهؤلاء الوافدين على المدن، بالتشارك بين السلطات والمجتمع المدني يجعلهم فريسة أسهل لشبكات الهجرة غير النظامية وعصابات الاتجار بالبشر".
ورغم المضايقات التي يواجهها المهاجرون في صفاقس أكد حمّة حمادي "تواصل تدفقهم على المدينة قادمين من دول عدة من أفريقيا جنوب الصحراء، وهو ما يؤكد غياب بوادر لانتهاء الأزمة"، وفق قوله.
وفي مطلع يوليو/ تموز الماضي، طُرد مئات من المهاجرين الذين يحملون جنسيات دول أفريقيا جنوب الصحراء من صفاقس، بعد اشتباكات مع السكان.
وتعدّ سواحل مدينة صفاقس نقطة الانطلاق الأولى للمهاجرين، سواء من جنسيات أفريقيا جنوب الصحراء أو من التونسيين، في عمليات هجرة غير نظامية في اتجاه السواحل الإيطالية.
وفي وقت سابق قدّر وزير الداخلية التونسي كمال الفقي، عدد المهاجرين غير النظاميين في صفاقس بنحو 17 ألف مهاجر أفريقي، من إجمالي 80 ألف مهاجر في البلاد.
في المقابل، صادق أمس الاثنين مجلس الوزراء الإيطالي على حزمة من الإجراءات تتعلق بمكافحة الهجرة غير النظامية، ومن أهمها تمديد فترة المكوث القصوى بمراكز الاحتجاز من 6 إلى 18 شهراً وتُجدّد ثلاث مرات.
وتتعرض تونس لضغوط قوية من إيطاليا والاتحاد الأوروبي، لصد مراكب الهجرة غير النظامية، بينما ترفض السلطات التونسية قبول إحداث مراكز لإيواء المهاجرين على أراضيها.
ووصل نحو 126 ألف مهاجر في قوارب إلى إيطاليا منذ بداية العام الحالي، أي ما يقارب ضعف العدد المسجل في الفترة نفسها من عام 2022، الذي بلغ 64 ألفاً، وفقاً لبيانات وزارة الداخلية الإيطالية.