تونس: مبادرات تطوعية في شهر رمضان

تونس: مبادرات تطوعية في شهر رمضان

31 مارس 2023
يؤمن التونسيون بأهمية العمل الخيري في رمضان (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -

تؤمّن جمعيات عدة في تونس مواد غذائية ضرورية لوجبات شهر رمضان من خضار وحبوب، ومستلزمات أساسية لتحضير الطعام مثل الزيت والطحين والحليب والسكر وغيرها. ورغم فقدان عدة مواد غذائية من أسواق تونس منذ أشهر، استطاعت جمعيات تأمين كميات جيدة من المواد الغذائية الضرورية للعائلات المستهدفة. 
قبل أكثر من شهر بدأت هدى مصطفى برفقة عدد من المتطوعين في جمع مواد غذائية وتخزينها في محل صغير لتوزيعها على عائلات في المناطق، وهو عمل تنفذه هدى طوال السنة، لكنه يتكثف خلال شهر الصيام. 

وتقول لـ"العربي الجديد": "بدأنا قبل فبراير/ شباط الماضي في جمع مواد غذائية مختلفة من شركات مانحة ومتبرعين، ووضعنا كميات منها في أكياس كبيرة من أجل توزيعها، مع التركيز على احتواء كل كيس على المواد الغذائية الضرورية، وهي السكر والبن والزيت والأرز والطحين، إضافة إلى الحليب ومشتقاته. ونحن نوزع يومياَ بين 200 و300 كيس للعائلات في مناطق عدة نعلم عدد عائلاتها التي تحتاج إلى مساعدات".
تتابع: "يتواصل عملنا طوال شهر رمضان، علماً أننا نجمع أيضاً أموالاً لشراء ملابس العيد ولعب للأطفال، وتوزيعها خلال الأسبوع الأخير من رمضان".
وتعاني فئة كبيرة من التونسيين خلال هذا الشهر من ظروف حياتية صعبة، لا سيما بعدما تفاقمت خلال السنوات الأخيرة الأزمة الاقتصادية التي أثّرت كثيرا على القدرة الشرائية للمواطنين، ما زاد صعوبات تأمينهم الاحتياجات الأساسية رغم تقديم الحكومة مساعدات مالية لبعضهم. 
ومن أجل مواجهة الأزمة التي تمر بها العديد من العائلات، أطلقت مبادرات فردية للمساهمة في مساعدة المحتاجين في رمضان. وينشط متطوعون في تنفيذ مبادرات فردية في جهات عدة. 
وأمام محل تجاري كبير تقف مفيدة برفقة متطوعين شبان خصصوا عربة تتضمن لافتة كتب عليها: "جمع تبرعات لقفة رمضان" يضع فيها وافدون إلى المحل التجاري مساعدات مختلفة. 

الصورة
تشمل المساعدات مناطق عدة في تونس (العربي الجديد)
تشمل المساعدات مناطق عدة في تونس (العربي الجديد)

وتقول مفيدة لـ"العربي الجديد": "يتبرع العديد من الأشخاص بمواد غذائية خلال تبضعهم، ما يجعلنا نجمع كميات لا بأس بها من هذه المواد يومياً. ويتبرع بعضهم بلا تردد، لكن كثيرين باتوا لا يثقون بالمبادرات الفردية أو بعمل الجمعيات بسبب تجاوزات ارتكبتها تحت غطاء العمل الخيري. وعموماً ما زال عدة أشخاص يؤمنون بالعمل الخيري وأهميته خصوصاً خلال شهر رمضان، لذا لا نجد مشكلة في جمع كميات كبيرة من المواد الغذائية". 
وخلال شهر رمضان، يتضاعف عمل الجمعيات الخيرية خصوصاً في المناطق الداخلية. وتتعلق غالبية المساعدات التي تقدمها الجمعيات بإفطار الصائم، وتوفير مواد غذائية وأموال لفقراء في عدة مناطق داخلية. 
وتنفذ جمعية "ينابيع الخير" عدة برامج خيرية طوال السنة، وبينها لمساعدة محتاجين ومرضى، كما تشارك في أنشطة بيئية. وهي مثل جمعيات خيرية أخرى تكثف عملها خلال شهر رمضان نظراً إلى حاجة عدة عائلات لمساعدات غذائية ومالية. وتجمع الجمعية مساعدات من متبرعين قد يكونون أشخاصاً أو شركات، وتخزّن المواد الغذائية في مستودع جرى تجهيزه لهذا الغرض تمهيداً لتوزيع المواد في أكياس، والانتقال إلى مناطق تتواجد فيها عائلات محتاجة. 

الصورة
يعاني تونسيون كثيرون من ظروف حياتية صعبة (العربي الجديد)
يعاني تونسيون كثيرون من ظروف حياتية صعبة (العربي الجديد)

وتتعامل بعض الجمعيات مع عمداء مناطق أو مسؤولي بلديات توفر قوائم بأسماء العائلات المعوزة والمحتاجة. وبعد الحصول على هذه القوائم تحاول الجمعيات تأمين كل الاحتياجات، علماً أن زيارة قرية أو منطقة معينة لا تحصل إلا بعد تأمين كميات مساعدات غذائية كافية لكل العائلات المحتاجة فيها.
ويقول عبد الرحمن علوي، الناشط في إحدى الجمعيات الخيرية لـ"العربي الجديد": "نجمع المساعدات الغذائية قبل شهر من موعد رمضان لتوزيعها على العائلات، فيما نخصص جزءاً من الأموال التي نتلقاها لاستئجار شاحنات لنقل المساعدات، وشراء أدوية يحتاجها بعض المرضى، خصوصاً أولئك الذي يعانون من أمراض مزمنة".
يضيف: "لا نتلقى أموالاً كثيرة لكننا نحصل على كميات كبيرة من المواد الغذائية من متبرعين كثيرين، فمعظم الناس اليوم باتوا لا يثقون كثيراً بالعمل الخيري، ولا يعطون بالتالي أموالاً ويكتفون فقط بالتبرع بأدوية أو مأكولات، وهذا يكفي فكل ما نحتاجه هو تأمين بعض الاحتياجات لعائلات فقيرة". 

وتعاني تونس حالياً من أزمة اقتصادية حادة تسببت في ارتفاع نسبة البطالة، وتدهور القدرة الشرائية. وكشف المعهد الوطني للإحصاء في آخر دراسة له ارتفاع نسبة الفقر إلى 16.6 في المائة مقابل 15 في المائة عام 2015، فيما تبلغ نسبة الفقر المدقع 3 في المائة. 
وتتوزع نسب الفقر بالتفاوت بين المناطق، وترتفع خصوصاً في المناطق الداخلية والحدودية. ورغم تخصيص الدولة منحة شهرية تناهز 60 دولاراً للعائلة المعوزة، إلا أن هذا المبلغ لا يؤمن احتياجات فرد واحد. 

المساهمون