يرفع تراجع جودة مياه الصنابير من إنفاق التونسيين على شراء المياه، فيما يزيد الجفاف من نسبة ملوحة الموارد المائية والاستخدام المكثّف لمادة الكلور بهدف التعقيم. وأثار المرصد التونسي للمياه، خلال ندوة علمية في تونس، ملف جودة المياه المخصصة للشرب وسط تحذيرات من تأثيراتها على الصحة العامة.
ويقول عضو المرصد علاء مرزوقي إن "رداءة مياه الصنابير تجبر التونسيين على استهلاك مياه القوارير المعلبة"، ويؤكد في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "العائلات تضررت من جراء زيادة النفقات المخصصة لمياه الشرب، في وقت يفترض فيه أن تكون مياه الصنابير صالحة للشرب بحسب المواصفات التي تعتمدها الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه".
يضيف أن "المياه المعدنية أصبحت جزءاً من سلة إنفاق التونسيين بقيمة شهرية ترواح ما بين 100 و150 ديناراً (ما بين 30 و50 دولاراً)"، ويشير إلى أنه "سبق لمرصد المياه أن أجرى تحاليل في معهد باستور الحكومي على عينات مائية من مدن تونسية أثبتت أنها غير صالحة للشرب"، لافتاً إلى أن "النتائج التي أعلن عنها المرصد جوبهت بالتكذيب من قبل شركة استغلال وتوزيع المياه الحكومية".
ويقول المرزوقي إن "جودة مياه الشرب أمر أساسي لحماية المواطنين من الأمراض التي تسببها المياه الملوثة، ولا سيما التهاب الكبد الفيروسي"، مشدداً على "ضرورة تمسك التونسيين بالحق في مياه صالحة للشرب رغم الأزمة المائية التي تعاني منها البلاد".
ومنذ سنوات، صنفت الدولة التونسية ضمن الدول التي تجاوزت نسبة الإجهاد المائي، وهي مهددة بفقدان مواردها المائية وخصوصاً مع تغير المناخ والاستخدام غير المدروس للمياه، ما جعل صيف 2022 الأكثر عطشاً. وتجلت مشكلة شح المياه في كل البيوت التونسية من دون استثناء.
ويقول الباحث ورئيس مختبر معالجة المياه الطبيعية في مركز بحوث وتكنولوجيات المياه حمزة الفيل إن "المواصفات التونسية لمياه الصنابير تسمح بوصول نسبة الملوحة إلى حدود 2 غرام في اللتر الواحد من المياه. إلا أن هذه النسبة تجعل مياه الشرب غير مقبولة، ما يدفع المواطنين إلى شرب تلك المعلبة"، ويوضح في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "نسبة الملوحة في مياه الشرب يجب ألا تتجاوز 1.2 غرام في اللتر الواحد".
ويؤكد أن "شركة استغلال وتوزيع المياه تلجأ إلى استخدام كميات كبيرة من مادة الكلور بهدف تعقيم مياه السدود، لا سيما في ظل شح الموارد المائية التي تزيد نسبة المواد العضوية المتراكمة في المنشآت المائية المعدة للتخزين"، ومن بين الحلول، على حد قوله، شراء المياه المعدنية التي تعالج في وحدات خاصة لخفض نسبة ملوحتها.
ويرى أن "قدم شبكات توزيع المياه وضعف الصيانة هما من أسباب تراجع جودة مياه الشرب"، مشيراً إلى أن "40 في المائة من شبكة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه وتوزيع المياه التي تمتد على 57000 كيلومتر، تجاوز عمرها 29 عاماً، بينما يفترض أن يكون 20 عاماً. وتجاوز العمر الافتراضي لـ17 في المائة من طول الشبكة 49 عاماً" .
ويؤكد أن "ضعف تسعيرة المياه لم يساعد الشركة على تجديد شبكاتها، ما تسبب بتراجع جودة المياه التي تزداد ملوحة مع نقص الأمطار وزيادة الجفاف".
وتؤكد الدراسات والأبحاث التي أشرفت عليها مختلف المؤسسات والجمعيات والمنظمات الوطنية الناشطة في مجال حماية الموارد المائية منذ سنوات على خطورة الوضع وضرورة التدخل وتغيير السياسات الوطنية المعتمدة وترشيد استعمال المياه وحماية الموارد الطبيعية.
وحلّت تونس في المركز 75 عالمياً في ترتيب الدول بحسب جودة المياه من أصل 178 دولة، بحسب موقع "وورلد بيليوشن ريفيو". وأفاد الموقع بأنه يتم تحديد المياه الصالحة للشرب من خلال مؤشر حماية الأداء البيئي في الدولة.