تونس: ذوو الإعاقة الأقل حظاً في العمل

27 ديسمبر 2022
يزاول بعض ذوي الإعاقة في تونس مهناً يدوية (تييري موناسي/ Getty)
+ الخط -

لا يؤمن غالبية أرباب العمل في تونس بقدرات ذوي الإعاقة حتى لو امتلكوا شهادات تكوين أو تعليم عالٍ، والسلطات لا تنصف هذه الفئة، ولو بالحد الأدنى.

يقول عبد الرحمن المشاطي (36 سنة)، لـ"العربي الجديد": "حصلت قبل أكثر من خمس سنوات على شهادة تكوين مهني في النجارة، رغم أنني مقعد وأتنقل باستخدام كرسي متحرّك، لكنني لم أجد عملاً في أي ورشة نجارة أو مصنع للموبيليا، أو حتى أي مجال آخر، ولم أملك بالتالي حلاً إلا اللجوء إلى التجارة وبيع الخضار في الأسواق الأسبوعية لتأمين مداخيل بسيطة"، مضيفاً أن "غالبية ذوي الإعاقة في تونس يشتغلون في مهن حرة، ويعمل بعضهم في حرف يدوية أو في أعمال بيع أخرى بسيطة".
ولا تختلف تجربة رقيّة نفاتي (27 سنة)، فهي حصلت سابقاً على شهادة تكوين في صناعة الحلويات من دون أن تجد أي عمل، وتقول لـ"العربي الجديد": "يتحجج البعض بعدم قدرتهم على توفير طاولات أو معدات أستطيع استعمالها بسبب عدم قدرتي على الوقوف، وآخرون بضرورة توفير مظهر لائق لجلب الزبائن. وقد أحبطتني هذه الحجج وجعلتني لا أبحث عن عمل في أي مؤسسة، بل أفكر في شيء مختلف، فوجدت في التطريز عملاً أتقنه في البيت، وأبيع ما أنتجه عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ولم أحاول حتى الحصول على تمويل حكومي، لأنه أمر صعب".
وليست أزمة تشغيل ذوي الإعاقة في تونس جديدة، في وقت تشير فيه إحصاءات التعداد السكاني إلى وجود 241 ألف معوّق، وإلى أن نسبة تشغيلهم لا تتجاوز واحداً في المائة، وفق المنظمة التونسية للدفاع عن حقوق الأشخاص المعوقين. 
وقبل أكثر من عام أنشأت المنظمة التونسية للدفاع عن حقوق الأشخاص المعوقين منصة رقمية بهدف تعزيز حظوظ الأشخاص ذوي الإعاقة في الاندماج في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وقامت بتوعية أكثر من 50 صاحب مؤسسة في مختلف القطاعات بأهمية تشغيل هؤلاء الأشخاص، وعقدت اجتماعات وجلسات مع أصحاب القرار لحثهم على تأييد هذا الحق، لكن نسبة تشغيل المعوقين ظلت دون المطلوب في القطاعين الخاص أو العمومي، واستمرت مواجهة كلّ صاحب مشروع منهم مشكلات في التمويل وانعدام المساعدات الحكومية. 

الصورة
تطالب منظمات بتعزيز حظوظ المعوقين في الاندماج بالحياة (العربي الجديد)
تطالب منظمات تونسية بتعزيز حظوظ المعوقين في الاندماج (العربي الجديد)

وطالبت المنظمة التونسية للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أخيراً وزارة الشؤون الاجتماعية برفع يدها عن قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة وربطها بهيكل وطني، كما لوّحت بتنفيذ حراك احتجاجي خلال الفترة المقبلة للمطالبة بتشغيل نسبة مهمة من ذوي الإعاقة. 
وتعتبر المنظمة أنّ وزارة الشؤون الاجتماعي غير قادرة على مراقبة تفعيل القوانين في الإدارات التونسية لمصلحة الأشخاص ذوي الإعاقة، وفرض تنفيذها، رغم وجود ترسانة مهمة من القوانين التي تصب في مصلحة ذوي الإعاقة، والتي لم تطبق على أرض الواقع. ويقول رئيس المنظمة يُسري المزاتي لـ"العربي الجديد": "يواجه غالبية ذوي الإعاقة في تونس مشكلات كبيرة في الحصول على عمل، في وقت تمنع فيه إشكالات عدة المؤسسات من تمكينهم اقتصادياً. كما لا تتوفر الاعتمادات اللازمة لتمويل مشاريعهم الصغيرة، ما جعل نسبة بطالة ذوي الإعاقة تناهز 40 في المائة، مع ترجيح ارتفاعها".
على صعيد آخر، دعت المنظمة التونسية للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى ضمان تمثيل الأشخاص ذوي الإعاقة في البرلمان التالي، وقالت، في مذكرة أرسلتها إليه، إنّ "المرسوم رقم 55 الصادر عام 2022 ويتعلق بتنقيح القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، لم يهتم بتاتاً بتمثيل الأشخاص ذوي الإعاقة في مجلس النواب المقبل، كما لم يدعم التدابير التيسيرية التي تضمن المشاركة السلسة والمستقلة لهذه الفئة في العملية الانتخابية".

وأسفت المنظمة لعدم اهتمام الرئيس سعيد بهواجس الأشخاص ذوي الإعاقة على مستوى الخطاب السياسي والقرارات المتخذة، ودعته إلى اتخاذ تدابير قانونية لضمان تمثيل الأشخاص ذوي الإعاقة، علما أن هذا الأمر ممكن دستورياً ومفيد عملياً، إذ يمكن أن يخصص بعض المقاعد للأشخاص ذوي الإعاقة، وأن يعينهم بنفسه، أو عن طريق أي آلية يراها مناسبة، وتنسجم مع نص الدستور.

وتتابع: "من الناحية العملية، يمكن اعتماد تجارب مماثلة خاصة في مصر، أو أن يسمح رئيس الجمهورية بتعيين 10 نواب يمثلون الأشخاص ذوي الإعاقة". ويؤكد المزاتي أنّ "ضمان بعض المقاعد لذوي الإعاقة في البرلمان المقبل قد يجعل صوتهم مفيداً لجميع الذين يعانون من الإعاقة في الدفاع عن حقوقهم في التشغيل والصحة والتعليم، ويعملون في البرلمان على سن مشاريع قوانين تكفل تطوير وحماية هذه الحقوق".

المساهمون