تتّجه السلطات الصحية التونسية إلى الاعتماد على التوريد بصفة كليّة لتوفير حاجيات البلاد من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، بسبب صغر حجم السوق التونسية الذي يحول دون تطوير لقاح محليّ للوباء.
وأعرض مصنعو الدواء في تونس عن فكرة تصنيع لقاح كورونا محلياً، لعدم تلقي عروض من المختبرات العالمية لنقل تكنولوجيات تصنيع هذا الصنف من اللقاح، نتيجة ضعف جاذبية السوق وصغر حجمها مقارنة بأسواق أخرى ذات كثافة سكانية عالية.
وفسّرت رئيسة غرفة مصنعي الدواء في تونس، سارة المصمودي، إلغاء فكرة تصنيع الأمصال المضادة لكورونا بـ"عدم تلقي المصانع لعروض تصنيع من قبل المختبرات العالمية، مؤكدة أن صغر حجم السوق التونسية يحدّ من تنافسيتها مقارنة بالأسواق الأخرى".
وأكدت المصمودي لـ"العربي الجديد" أنّ "سوقاً تعد نحو 11 مليون نسمة لا تملك القدرة على منافسة أسواق البلدان ذات الكثافة السكانية العالية التي تقدر حاجياتها من اللقاح بعشرات الملايين"، مشيرة إلى أن "المختبرات العالمية تنقل تكنولوجيات التصنيع حسب مصالحها الربحية، ما يجعل تونس خارج كوكبة الدول المتنافسة على التصنيع في المرحلة الحالية" .
لكن المصمودي أفادت في سياق متصل بأنّ "تونس لا تنقصها الكفاءات وامتلاك التقنيات لتصنيع اللقاح، غير أن صغر حجم السوق يكبح تنافسيتها"، مشيرة إلى أن أربعة مصانع يمكنها الشروع في تعبئة لقاحات كوفيد - 19 لامتلاكها تقنيات تصنيع الأمصال".
ومنذ إطلاق الحملة الوطنية للتطعيم ضد كورونا، تعتمد السلطات الصحية على اللقاحات الموردة من جلّ المختبرات العالمية، حيث تمت تغطية حاجيات البلاد من مختلف الأصناف التي جرى توريدها عبر الطلبيات الخاصة أو التي حصلت عليها تونس في شكل هبات ومساعدات من دول أجنبية، أو في إطار منظومة "كوفاكس" التي ترعاها منظمة الصحة العالمية.
وفي وقت سابق، قال وزير الصحة علي مرابط إنّ تصنيع اللقاح المضاد لفيروس كورونا في تونس مسألة ممكنة. وأضاف مرابط، في تصريح إعلامي، أن "تونس لها تجربة في صناعة اللقاحات على غرار لقاح السلّ وداء الكلب، وتصنيع لقاح كوفيد-19 وارد وممكن".
وتكشف البيانات الرسمية لوزارة الصحة أنّ عدد اللقاحات التي تم استعمالها منذ إطلاق حملة التطعيم ضد الوباء 10,3 ملايين جرعة، حصل عليها أكثر من 5 ملايين مواطن، فيما بلغ عدد المسجلين على المنصة الإلكترونية لوزارة الصحة قرابة الـ7 ملايين.
ولا يزال نحو مليون تونسي ممن تجاوزوا سن الأربعين خارج دائرة التطعيم لرفضهم تلقي اللقاح، وهم بحسب وزارة الصحة الأكثر عرضة لمخاطر الموجة الخامسة من الفيروس.
وتعدّ صناعة الدواء والأمصال في تونس من الصناعات المتطورة، إذ تغطّي أكثر من 53 بالمائة من حاجيات البلاد من الصناعات الصيدلية، كما يتم تصنيع 77 بالمائة من الأدوية محلياً، مما يعزّز كفاءة وخبرة المصنعين التونسيين الذين يصدّرون الأدوية إلى عدة دول أفريقية، من بينها الكاميرون وساحل العاج وكوت ديفوار والسينغال.