في مخزن صغير تجمع رفيقة التليلي وزميلاتها كلّ ما يصلهن من مساعدات تتمثل في ملابس وأغطية وأحذية وفرش، تمهيداً لتوزيعها على عائلات محتاجة في مناطق داخلية بتونس.
تقول لـ"العربي الجديد": "أنظم مع خمسة متطوعين آخرين مع بداية فصل الشتاء سنوياً حملة دفيني لجمع المساعدات، خصوصاً للأطفال والتلاميذ في الأرياف والقرى. ونطلق حملتنا عبر نشر تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي للتعريف عن طبيعتها والفئة التي نستهدفها، فيتفاعل العديد من المتبرعين معنا، ويقدمون ملابس وأحذية وأغطية وفرشاً، كما يقدم بعضهم أموالاً لجلب كل ما يحتاجه الأطفال والمحتاجون من ملابس شتوية".
تضيف: "نختار مناطق ريفية وقرى جبلية يحتاج فيها الناس إلى مساعدات، باعتبارها تشهد انخفاضاً شديداً في درجات الحرارة وموجات برد متواصلة طوال أكثر من أربعة أشهر. نجمع في البداية معلومات عن هذه العائلات يوفرها عمدة المنطقة للحصول على قائمة بالأشخاص الأكثر حاجة لمساعدات، وأهم ما يحتاجونه من ملابس وأغطية ووسائل تدفئة".
وتنظّم العديد من الجمعيات الخيرية في تونس سنوياً حملات مماثلة ترفع شعار "دفيني"، وبينها جمعية "كافل اليتيم" و"تونس الخير" والجمعية الخيرية التونسية وغيرها. وتنفذ الحملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي للوصول إلى أكبر عدد من المتطوعين، وتترافق مع جولات في الشوارع للتعريف بالحملات والمناطق التي سيتجهون إليها. وتجمع هذه الجمعيات التبرعات مهما كان نوعها في مخزن معد لهذا الغرض، ثم تنقل لتوزيعها على محتاجين.
ويقول الناشط سيف الدين الكريفي لـ"العربي الجديد": "يختار المتطوعون سكان منطقة ريفية كل أسبوعين خلال الشتاء، لتقديم مساعدات أدوية وأغطية وملابس وغيرها، علماً أن كل الملابس والأغطية يجري فرزها وتنظيفها وتعقيمها قبل تقديمها إلى المحتاجين. كما تجمع العديد من أنواع الأدوية الخاصة بنزلات البرد، لأن غالبية المناطق الريفية لا تتوفر فيها صيدليات أو تشكو من نقص كبير في الأدوية التي يحتاجها المرضى، خصوصاً في فصل الشتاء".
ويتحدث متطوع يُدعى عبد الرحمن نصر لـ"العربي الجديد" عن أنّ "التونسيين يتضامنون كثيراً مع غيرهم لذا لا نجد مشاكل في جمع ما يكفي من تبرعات وحتى أكثر، وفي توفير أي شيء من ملابس وأغطية وحتى الأدوية. ويساهم كثيرون في الحملات التي لا تكلّفهم الكثير، كما نجمع أموالاً ترسل إلينا ونوزّعها على محتاجين لتلقي علاج أو ترميم بيوتهم قبل حلول فصل الشتاء".
ولا تقتصر حملة "دفيني" على الجمعيات، إذ يطلق نشطاء ومتطوعون مبادرات فردية لجمع تبرعات في مناطق عدة، ويتجولون في مقاه ومطاعم وأماكن عامة أخرى لجمع تبرعات وأموال من الناس الذين يتواصلون معهم أكثر أيضاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ينشرون حملاتهم بهدف الوصول إلى أكبر عدد من المتبرعين.
بدورها تنتقل رحمة التي تعيش في منطقة سوسة الساحلية، على حسابها الخاص، إلى مناطق ريفية تبعد أكثر من 400 كيلومتر خلال فصل الشتاء، لتوصيل مساعدات إلى محتاجين، في مهمة قد تستغرق أكثر من أسبوع.
وتساعد رحمة مع متطوعين آخرين عائلات معوزة منذ أكثر من أربع سنوات. وتوضح لـ"العربي الجديد" أنها تنفّذ الحملات مع رفاقها النشطاء مرتين في فصل الشتاء، حيث يجمعون ما يستطيعون من مساعدات، خصوصاً الملابس ووسائل التدفئة التي تعمل بالغاز، وأغطية، ويوزعونها على أكثر العائلات حاجة، وذلك بعد زيارة العديد من المناطق الريفية، والاطّلاع على أوضاع بعض العائلات فيها. وهم يستأجرون شاحنة خاصة لنقل البضائع، وينقلون المساعدات فيها. وتوزع المساعدات عادة في مدارس بعد إعلام الناس مسبقاً بالمكان.
وتشير رحمة إلى أنها تحاول مع رفاقها النشطاء توفير احتياجات كل الفئات العمرية، و"المشاكل الأهم التي يواجها سكان الأرياف تشمل تأمين الغاز، وارتفاع تكلفة الكهرباء، لذا قد يفتقرون إلى وسائل تدفئة. وحتى التي يحصلون عليها من خلال المساعدات لا يستعملونها كثيراً نظراً إلى افتقادهم الغاز الطبيعي الذي بات توزيعه في المناطق الريفية يشهد الكثير من المشاكل، رغم أنّ العديد من المناطق، لا سيما في الشمال الغربي، تواجه موجة برد شديدة بسبب الثلوج". تضيف: "تحتاج العديد من العائلات إلى أدوية خاصة بنزلات البرد، لكن بعض المتطوعين لا يتنبهون إلى هذه الحاجة. ونحن نحاول قدر الإمكان جمع كميات من الأدوية لتوفيرها خصوصاً للأطفال وكبار السن".
ويحدد المعهد الوطني للإحصاء عدد التونسيين تحت خط الفقر بنحو 1.7 من أصل 12 مليون، ويشير إلى أن نسب الفقر تتفاوت بين منطقة أخرى، وينتشر خصوصاً في محافظات الشمال الغربي والجنوب التونسي، حيث تبلغ نسبته 54 في المائة في بعض المناطق.