تونس: حملات أمنية واسعة على ورش صناعة قوارب الهجرة السرية

16 اغسطس 2023
رغم المخاطر ما زال المهاجرون يحاولون العبور لأوروبا عبر قوارب الموت (Getty)
+ الخط -

تشن تونس حملات أمنية واسعة النطاق على ورش تصنيع القوارب المعدة للهجرة السرية، بعدما تحوّل هذا النشاط إلى تجارة مربحة لشبكات الاتجار بالبشر التي تسهل اجتياز المهاجرين للحدود البحرية عبر قوارب متهالكة، غالبا ما تنتهي بهم جثثا أو مفقودين في البحر المتوسط.
وأعلنت الصفحة الرسمية للحرس الوطني ليل أمس الثلاثاء تقديم 20 شخصا للقضاء بعد القبض عليهم بتهمة الوساطة في عمليات اجتياز للحدود وتورطهم في اجتياز ناجم عنه الموت، إلى جانب حجز 50 مركبا بحريا ومبلغا ماليا بقيمة 650 ألف دينار أي ما يعادل 216 ألف دولار.
وأعلنت الصفحة ذاتها عن إحباط 18 عملية اجتياز للحدود البحرية خلسة ونجدة وإنقاذ قرابة 630 مجتازا في ليلة واحدة، من بينهم 550 مهاجرا من دول أفريقيا جنوب الصحراء والباقون تونسيون.

وتنشط في تونس تجارة المراكب القديمة وغير الصالحة للاستعمال، وتشكل ركيزة تنفيذ رحلات الهجرة السرية في اتجاه أوروبا، ما يتسبب في غرقها وموت ركابها على بعد أميال قليلة من سواحل البلاد.
ويعتمد منظمو هذه الرحلات عادة على مراكب وقوارب لا ترصدها شاشات رادار المراقبة، وتفتقر إلى سجلات لدى مصالح الموانئ والحرس البحري، وترصد في عرض البحر لدى تنفيذ عمليات اعتراض أو محاولات إنقاذ إذا تعطلت أو غرقت.
ويقرّ الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بصفاقس، رضوان المصمودي بـ"ارتفاع أعداد المحالين على القضاء الذين تسلمهم القوات الأمنية بتهمة المشاركة في صناعة مراكب معدّة للهجرة غير النظامية"، مؤكداً أن "نشاط صناعة القوارب الحديدية برز خلال العام الأخير وأصبح يشكل خطرا كبيرا على حياة المجتازين".
وأفاد المصمودي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "أغلب المحالين على العدالة بتهمة صنع مراكب معدة للهجرة يحملون جنسيات تونسية"، لافتاً إلى أن "هذه الصناعة أصبحت مدرة لكثير من الأموال بالتوازي مع نشاط تجارة المحركات المهربة التي تُستعمل لتشغيل القوارب".
وتابع: "الحملات الأمنية على ورش صناعة القوارب كشفت وجود مخازن ومنازل تخصص لبناء هياكل سفن من مواد حديدية خفيفة غالبا ما تغرق على بعد أميال قليلة من السواحل التونسية"، مضيفا أن "هياكل السفن تصنع أيضا داخل منازل آهلة بالسكان للتمويه والتغطية على جرائم المساعدة على اجتياز الحدود وتكوين وفاقات إجرامية لتهريب البشر".

وأشار في سياق متصل إلى أن "هذا الصنف من الجرائم يرتقي إلى مستوى الجناية التي تتراوح فيها العقوبة ما بين 6 و20 سنة حسب ظروف التشديد التي يقيمها القضاء، خاصة في الحالات التي ينتج عنها غرق المركب وتسجل فيها وفيات للمجتازين".

وتفيد بيانات الأمم المتحدة بأنّ أكثر من 1800 شخص لقوا حتفهم منذ يناير/كانون الثاني 2023 في المنطقة الوسطى من البحر الأبيض المتوسط التي تُعَدّ أخطر طريق للهجرة في العالم. فيما أعلنت سلطات تونس عن انتشال ما يزيد عن 900 جثة لمهاجرين من جنسيات مختلفة طفت على سواحلها منذ بداية العام الحالي.
ويستقر المهاجرون الأفارقة غالباً في محيط الموانئ استعداداً للحظة الصفر لانطلاق القوارب نحو إيطاليا. لكن هذه الرحلات يمكن أن تنتهي بهم جثثاً طافية على سطح البحر أو أرقاماً في سجلات المفقودين.
وقال وزير الداخلية التونسي في تصريحات سابقة إن عدد المهاجرين غير النظاميين من جنسيات أفريقية في بلاده يقدر بنحو 80 ألفا، من بينهم ما يزيد عن 17 في مدينة صفاقس التي تعد نقطة العبور الأساسية نحو الضفة الشمالية للمتوسط.
ومنذ فترة تشهد تونس تصاعدا لافتا في وتيرة الهجرة السرية إلى أوروبا، خصوصا باتجاه سواحل إيطاليا، على وقع تداعيات الأزمات الاقتصادية والسياسية في البلد الأفريقي ودول أخرى.
ومن أجل جمع الأموال، يعمل مهاجرو دول جنوب الصحراء في ورش البناء وقطاع الزراعة أو يؤدون أشغالاً عامة، من أجل ادخار عائدات عملهم لتنفيذ رحلات الهجرة.

المساهمون