في يوم واحد، تمكّنت أربعة طواقم طبية من منح الحياة لأربعة مرضى يعانون من قصور في أعضاء حيوية في أجسادهم بعد نجاح أربع عمليات متزامنة لزرع أعضاء أخذت من جسد رجل سمح بالتبرع بأعضائه بعد موته سريرياً نتيجة إصابته بجلطة دماغية. وسجلت مستشفيات تونسية نجاحاً لافتاً بعدما تمكنت الطواقم الطبية من زراعة 4 أعضاء لمرضى بالقصور الكلوي وفشل في القلب والكبد.
وتمكّنت الطواقم الطبية، بعد تلقّي المركز الوطني للنهوض بزرع الأعضاء إشعاراً بموافقة عائلة المتوفى على التبرّع بأعضائه، من تهيئة المرضى في وقت قياسي بعد استقدامهم على عجل من محافظات مختلفة. ويقول مدير مستشفى سهلول شوقي حمودة إنه جرى نقل القلب بسرعة قياسية إلى مستشفى الرابطة في العاصمة تونس، وجرت عملية الزرع الأولى هناك، في وقت زرعت كليتان لفتاتين كانت إحداهما تصارع الموت، في حين تم زرع الكبد في المستشفى نفسه الذي توفي فيه المتبرع.
ويقول حمودة لـ"العربي الجديد"، إن الطواقم الطبية كانت في سباق مع الوقت لإنجاح عمليات زراعة الأعضاء الأربعة وتحقيق أمنية المتوفى وعائلته بأن تنقل الأعضاء إلى أجساد جديدة لإكمال مسيرة الحياة. يضيف: "عندما كانت عائلة المتبرع تودعه في مثواه الأخير، كان الأطباء في قسم جراحة القلب في الرابطة يتابعون نبض القلب في الجسد الجديد، بالإضافة إلى بقية عمليات زراعة الكبد والكليتين".
وتمثل زراعة الأعضاء التي بدأت في تونس في سبعينيات القرن الماضي واحدة من الاختصاصات الحصرية للقطاع الصحي الحكومي بمقتضى قانون أصدره البرلمان عام 2004. ويتولى المركز الوطني للنهوض بزرع الأعضاء إعداد قوائم المتبرعين والمسجلين على لوائح الانتظار.
وغالباً ما تمنح زراعة الأعضاء أملاً جديداً للمرضى، إلا أنها ترتبط بتوفر المتبرعين. ومنذ عام 1986، أجريت 2033 عملية زرع كلى في تونس، بالإضافة إلى 17 عملية زرع قلب منذ أول عملية زرع قلب أجريت في البلاد عام 1993 في المستشفى العسكري الأصلي للتعليم بتونس. كما أجريت 70 عملية زرع كبد منذ عام 1998، من بينها عمليات زرع لـ14 طفلاً.
ويقول المشرفون على المركز الوطني للنهوض بزرع الأعضاء إنّ نسبة التبرع في تونس ضعيفة في مقابل الحاجة الكبيرة، وتقدر بنحو 200 عملية زراعة كبد، و50 عملية زراعة قلب، و20 عملية زراعة رئة سنوياً، علماً أن هناك 1644 مريضاً مسجلاً بالمركز الوطني للنهوض بزرع الأعضاء. ويخضع 14 ألف مريض بالقصور الكلوي لعمليات الغسيل الكلوي ويزداد هذا الرقم سنوياً بنحو 500 مريض.