أعلنت تونس عزمها بدء ترحيل مهاجرين سريّين نحو بلدانهم، في خطوة هي الأولى من نوعها، وسط انتقادات المنظّمات المدنية لسياسة فرض الحلول بالقوة على فئات مستضعفة.
ويوم الجمعة الماضي، أقر مجلس وزاري مصغّر، خصّص للنظر في أوضاع المهاجرين السريين، الشروع في ترحيلهم "نظراً لأوضاعهم غير القانونية، على أن تبدأ الإجراءات في أقرب وقت"، وفقا لبيان لرئاسة الحكومة.
وجاء في البيان نفسه أنّ المجلس الوزاري نظر في أوضاع شباب يقيمون في ضاحية المرسى، وتم الاتفاق على ضرورة الشروع في ترحيلهم بعد التداول بحضور كافة الأطراف المعنية، من وزارة العدل ووزارة الشؤون الخارجية ووزارة الداخلية".
وتبرّر تونس ترحيل المهاجرين السريين بإشغالهم المركب الذي تشرف عليه وزارة شؤون الشباب والرياضة بطريقة غير شرعية منذ خمس سنوات، ما تسبب في تعطيل نسق عمل المركب بسبب رفضهم التام مغادرة المكان.
ووصف المتحدث باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، قرار ترحيل المهاجرين بأنه "الإجابة القمعية لمظلمة إنسانية"، مؤكداً أن "المقيمين في المركب الشبابي هم من طالبي اللجوء المتبقين من مخيّم الشوشة، الذي جرى تركيزه جنوبي تونس لإيواء الفارين من الثورة الليبية عام 2011".
وقال بن عمر لـ"العربي الجديد" إن "ترحيل مهاجرين سريين سابقة خطيرة تقدم عليها الحكومة التونسية، ولم تتجرأ أي سلطة سابقة على القيام بهذه الخطوة"، مؤكداً أن "هذه الخطوة التي وصفها بالخطيرة تأتي بينما كانت المنظمات المدنية تنتظر من السلطات فتح ملف المهاجرين، من أجل إيجاد حلول قانونية لهذه الفئة التي تعاني من كل أشكال الهشاشة". أضاف: "كان يُنتظر العمل على إيجاد حل لهذه المظلمة الإنسانية منذ سنوات، إلا أن الحكومة تجرأت على اتخاذ قرار قمعي بطرد طالبي اللجوء إلى وجهة غير معلومة".
وأشار بن عمر إلى أن "منظمات المجتمع المدني لجأت إلى جميع الأطراف، أي الحكومة التونسية ومنظمات أممية والاتحاد الأوروبي وكل الدول التي كانت طرفاً في الأزمة الليبية، في محاولة لإيجاد حل، ولو استثنائي، للمجموعة المتبقية، من دون جدوى".
في المقابل، قال المنتدى في بيان: "أي محاولة لفرض حل بالقوة على فئة مستضعفة استمرت معاناتها أكثر من عشر سنوات هو تنصل للجميع من مسؤولياته". ودعا إلى "حل استثنائي لهذه الوضعية الاسثنائية بما يستجيب لانتظارات طالبي اللجوء القاطنين بالمركب الشبابي بالمرسى".
كما دعا المنتدى "منظمات المجتمع المدني للتعبئة ضد السياسات التمييزية والقمعية للحكومة التونسية إزاء المهاجرين. يوماً بعد يوم، تزداد سياسة الحكومة التونسية توحشاً".
ومنذ عام 2017، تشغل مجموعة من المهاجرين السريين من جنسيات مختلفة مركباً شبابياً، بعدما قررت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إغلاق مخيم الشوشة جنوبي تونس، وإخلائه بالقوة. وكانت قد فتحته لاستقبال الفارين من الحرب الليبية.
ومنذ ما يزيد عن خمس سنوات، يطالب المهاجرون الذين انتقلوا إلى العاصمة تونس بتسوية أوضاع إقامتهم ومنحهم حق اللجوء. وعلى الرغم من الوجود الكثيف للمهاجرين السريين في تونس، لا تملك الدوائر الرسمية والمنظمات الراعية للمهاجرين أرقاماً رسمية، بينما يقدر عدد المهاجرين المقيمين في البلاد بطريقة قانونية بـ60 ألف مهاجر.
وفي وقت سابق، قال رئيس بعثة منظمة الهجرة الدولية في تونس عزوز السامري إن "تونس تحتاج إلى مساعدة دولية وخطة حكومية لتقبل الوضع الجديد للمهاجرين، وتساعد على التمكين الاقتصادي والاجتماعي لهذه الفئة التي لم يتم حصر عددها بعد".
وأكد السامري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن المنظمة بصدد التنسيق مع السلطات التونسية، من أجل إنجاز أول مسح ميداني لحصر عدد المهاجرين السريين على أرضها ومراكز توزعهم داخل البلاد، بعد توسّع كبير في حضور المهاجرين من دول جنوب الصحراء عرفته تونس على امتداد السنوات الأخيرة.