تونس تدرس قانوناً ينهي معاناة عاملات المنازل

04 مارس 2021
فاقمت الجائحة المعاناة (Getty)
+ الخط -

يتواصل الجدل في تونس حول قانون تنظيم "العمل المنزلي" والعمل على إنهاء معاناة هذه الفئة الاجتماعية الهشة، وإيجاد الضمانات القانونية لإيقاف الانتهاكات القانونية والإنسانية بحقها.

وعجزت السلطات التونسية عن إحصاء عدد العاملين في البيوت والمنازل، إذ تتضارب الأرقام بين تفقديات التشغيل بوزارة المرأة والمنظمات غير الحكومية، وتتراوح أعدادهم بين 80 إلى 100 ألف عاملة وعامل في البيوت، وذلك بسبب لجوء غالبية أرباب البيوت إلى توظيف العاملات على خلاف الصيغ القانونية ومن دون عقود عمل وبأجور منخفضة.

وتؤكد تقارير هيئة مكافحة الاتجار بالبشر، التي اعتمدت إحصاءات من المحاكم التونسية وزيارات ميدانية، أنّ هناك نسباً مهمة من العاملات المنزليات تعرضن للعنف المادي والمعنوي والتحرش الجنسي و الاستغلال الاقتصادي، مسلطة الضوء على أشكال من الاتجار بالبشر من خلال وسطاء يقومون بتوظيف قاصرات في سن 12 و13 سنة، ينتمين لعائلات فقيرة ومعوزة، يتم جلبهن من محافظات داخلية للعمل في العاصمة والمدن الكبرى مع الإقامة، في مخالفة للقوانين التونسية والمواثيق الدولية التي تحظر تشغيل الأطفال واستغلالهم اقتصادياً.

ويهدف القانون الذي يناقشه البرلمان التونسي إلى تنظيم قطاع العمل في المنازل، الذي يعرف انتهاكات وتجاوزات قانونية وإنسانية غير مسبوقة، من بينها الاستغلال لساعات طويلة وفي أشغال مرهقة وتشغيل القصر والعمل بالمناولة، إلى جانب أشكال من العنف المادي والمعنوي والتحرش الجنسي.

ويسعى القانون الجديد إلى تنظيم الحقوق والواجبات للعاملات بالمنازل، بتحديد الأجر الأدنى المضمون والتمتع بالتغطية الاجتماعية، إلى جانب الخضوع لتفقدية الشغل ومراقبي الضمان الاجتماعي الذي يخولهم القانون الدخول للمنازل والإطلاع على الخروقات وظروف الإعاشة والمبيت للعاملات.

كما يحدد القانون ساعات العمل بـ48 ساعة في الأسبوع، على ألا تتجاوز 60 ساعة عمل باحتساب الساعات الإضافية، مع التمتع بيوم عطلة أسبوعية وبعطلة الأمومة والرضاعة والعطل السنوية، كما ضبط عقوبات للمخالفين والوسطاء والمستغلين للقصر.

وقالت وزيرة المرأة والأسرة وكبار السن إيمان الزهواني هويمل أمس الأربعاء، أمام البرلمان، إنّ الوزارة "كانت دائماً سباقة للإحاطة بالفئات الهشة، وتأتي هذه المبادرة القانونية لسد الفراغ التشريعي في هذا القطاع"، مشيرة إلى أنه "تم العمل على هذا القانون بالشراكة مع المجتمع المدني انطلاقاً من الدراسات والمعاهدات".

وتابعت هويمل أنه تم تشكيل لجنة بدعم من مكتب العمل الدولي بتونس، تتكون من الاتحاد العام التونسي للشغل والوزارات وهيئة مكافحة الاتجار بالبشر وجمعيات المجتمع المدني.

وحول استنكار النواب عدم إشراك المعنيين بهذا القطاع، بينت الوزيرة أنه "لم يتم الاستماع مباشرة إلى العاملين في هذا المجال خلال إعداد القانون، ولكن تم الاعتماد على دراسات انطلق من خلالها الاستماع إلى هذه الفئة".

وحول الانتهاكات، قالت هويمل إنه "من الضروري التعاون من أجل نشر ثقافة المساواة وفرض تكافؤ للفرص بين جميع العاملين في هذا القطاع"، مشيرة إلى الفجوة بين القوانين وتطبيقها، مستشهدة بالصعوبات التي عرفتها مجلة الأحوال الشخصية في تونس عند صدورها، ومؤكدة أن القوانين يجب أن تكون قاطرة لتغيير المجتمع.

وبينت أنه كان من الأجدى عرض المبادرة على المجلس الوطني للحوار الاجتماعي.

وانتقد برلمانيون من مختلف الكتل ما وصفوه بالتسرع في عرض القانون وعدم اكتمال بنيته القانونية وغموض بعض أحكامه، فيما تمسك كثيرون بإعادته للجنة لتوسيع النقاشات حوله.

واعتبرت وزيرة التشغيل السابقة والنائبة عن حزب "النهضة" سيدة الونيسي، في كلمتها، أنّ "عاملات المنازل من أكثر القطاعات الخدماتيّة التي تضررت جراء وباء كورونا وإجراءات الحجر الصحي، ورغم ذلك، فهي من أقل الفئات التي سنحت لها الفرصة لإيصال أصواتهم و طلباتهم".

واعتبرت النائبة عن "الكتلة الديمقراطية"، ليلى الحداد، أن هذا القانون "بالغ الأهمية باعتبار المنظومة القانونية ذات العلاقة بهذا المجال ضعيفة جداً والمهن المرتبطة به محل وصم اجتماعي".

وأضافت أن "مهنة العمل بالمنازل اقترنت بصورة نمطية سلبية"، معتبرة أن هذا القانون "سيعيد الاعتبار لهذه الفئة، وهو ذو بعد ثوري لتنصيصه على حماية هذه الفئة الهشة".

وحذرت مما وصفته بـ"الإجحاف الشديد على كاهل المؤجر، ما قد يخلق عزوفاً في تشغيل العاملات بالمنازل، وهو ما يستوجب خلق توازن بين المؤجر والأجير في علاقة بين الحقوق والواجبات"، منتقدة عدم إشراك أصحاب الشأن في القانون.
 

المساهمون