تشهد تونس تصاعداً في عدد الإصابات بمرض السرطان، وسط توقعات بارتفاع عدد المصابين إلى 41 ألف شخص في غضون عام 2040، ما يزيد الضغوط على المنظمات المدنية التي تُعنى بالمرضى.
وخلال العام الماضي سجلت تونس أكثر من 22 ألف إصابة جديدة بأمراض السرطان، احتلّ فيها سرطان الرئة المرتبة الأولى لدى الذكور، وسرطان الثدي المرتبة الأولى لدى الاناث.
وتقول رئيسة جمعية مرضى السرطان، روضة زروق، إن "تونس، كبقية دول العالم، تعرف تصاعداً في أعداد الإصابات السنوية بأمراض السرطان"، مؤكدة أن "ارتفاع أعداد المرضى يضع القطاع الصحي والمنظمات المدنية المهتمة برعاية المرضى أمام مسؤوليات كبيرة ومكلفة نتيجة الكلفة الصحية والاجتماعية الباهظة لهذا المرض".
وأكدت زروق لـ"العربي الجديد" أن "السرطان مرض يتوسع عالمياً، وهو ما يفسر الأرقام المقلقة التي باتت تسجل سنوياً في تونس"، معتبرة أن "التقصي المبكر للمرض حلّ فعّال للحد من كلفته على جميع الأصعدة".
وأشارت إلى أن "انتشار السرطان في تونس موزَّع على كل محافظات البلاد بنسب مختلفة، حيث تتصاعد الأعداد المكتشفة أكثر جنوبيّ البلاد وفي الشمال الشرقي"، مضيفة: "يواجه مرضى السرطان صعوبات النفاذ إلى العلاج في الوقت المناسب بسبب نقص الأدوية وطول إجراءات الحصول على موافقات التكفل بصرف الدواء من صندوق التأمين على المرض".
استنفار للحدّ من انتشار السرطان
وأوضحت زروق أن "جمعية مرضى السرطان رفعت منذ عام 2012 مئات القضايا لدى القضاء من أجل ضمان حصول المرضى على التكفل بصرف الدواء، لكن المسار القضائي قد يطول، وهو ما يسبّب تعكر حالة المريض وتقدم انتشار الأورام "، معتبرة أن "أدوية المناعة المهمة لمرضى السرطان مكلفة جداً".
ترى زروق أن تصاعد أعداد المرضى يجب أن يقابله استعداد رسمي ومدني لتوفير الرعاية اللازمة للمرضى، مؤكدة أن للسرطان كلفة اجتماعية باهظة قد تصل حد الانهيار الأسري.
وقالت رئيسة قسم الوبائيات بالنيابة في معهد صالح عزيّز، المتخصص في الأمراض السرطانية، هيام الخياري، لوكالة الأنباء الرسمية "وات"، الأحد الماضي، إن "تونس سجلت في العام الماضي 22 ألفاً و201 إصابة جديدة بأمراض السرطان، حيث توزعت بين 11 ألفاً و 773 إصابة لدى الذكور و10 آلاف و328 إصابة لدى الإناث".
ويُتوقع أن يتضاعف عدد الإصابات الجديدة بالسرطان بحلول عام 2040 مقارنة بعام 2020، لتبلغ حوالى 41 ألفاً و353 إصابة، بحسب وثيقة لمعهد صالح عزيّز.
وتُعَدّ الرعاية الصحية بتوفير العلاجات اللازمة ورعايتهم نفسانياً واجتماعياً من أبرز التحديات التي تواجهها المنظمات المدنية المهتمة بالمرضى، إذ تقدم منظمات مدنية في تونس أشكالاً متعددة من المساعدة والرعاية لمرضى السرطان بالتعاون مع القطاع الصحي الحكومي، من أجل توفير الأدوية ومبيتات لإيواء المرضى القادمين من المحافظات الداخلية، إلى جانب القيام بحملات التقصي المبكر.
ومنذ عام 2021 أعلنت السلطات الصحية التونسية حالة الاستنفار القصوى من أجل الحد من انتشار سرطان الثدي في صفوف النساء، بعد تصاعد الأرقام المرجحّة إلى التضاعف في غضون السنوات العشر القادمة، وذلك ببلوغ 5 آلاف حالة سنوياً.
وبدأت تونس خطتها الرابعة لمكافحة مرض السرطان بداية 2021 ــ 2030، معتمدة على النتائج المحققة في ثلاث خطط وطنية سابقة معتمدة على وجود المهارات الطبية وشبه الطبية التي تضمن الوقاية والرعاية لمرضى السرطان.
وبيّنت البحوث التي أجرتها جمعيات علمية أن الطلب على خدمات السرطان آخذ في الازدياد، وسيتسارع خلال السنوات العشر المقبلة، وهو ما يسبب زيادة العبء الاقتصادي المرتبط بالسرطان.
وذكرت الجمعيات العلمية في آخر تقرير أصدرته عام 2021 أن من أوجه القصور في مكافحة المرض، محدودية القدرة على تلبية الطلب على العلاج، نتيجة نقص الموارد البشرية ونقص البنية التحتية وعدم التنسيق بين مختلف المصالح الصحية، وهو ما يؤدي أحيانًا إلى فترات انتظار غير مقبولة للتشخيص والعلاج.
أضاف التقرير أن الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية غير عادل نسبياً للأشخاص المحرومين اجتماعيّاً والبعيدين جغرافيّاً عن المدن الجامعية الكبيرة والذين لا يستطيعون دفع تكاليف النقل للحصول على العلاج في المراكز المتخصصة.