تسعى تونس عبر مقاربات مختلفة، كالشعر والفن والتثقيف، قبل الذهاب نحو العقوبات وتطبيق القوانين، للحدّ من العنف ضدّ المرأة، بمشاركة المجتمع المدني.
واستحسن التونسيون الشكل التثقيفي المبتكر الذي اتّبعته وزارة المرأة للتوعية من مخاطر العنف ضدّ النساء والفتيات، حيث عمدت إلى إرسال رسائل نصية للعموم تتضمن بيت شعر حول المرأة ومحاسنها ومناقبها، منذ بداية الحملة الدولية "16 يوماً من النشاط لمناهضة العنف ضد المرأة"، التي تمتدّ على مدى 16 يوماً.
وانطلقت الحملة في تونس، في 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تحت شعار "#16_يوم 16 يوم وكل يوم"، وتنوّعت الرسائل النصية، التي استقبلها التونسيون باستغراب بداية ليستحسنوا فيما بعد مضمونها لطرافته.
ومن بين الرسائل التي أرسلتها وزارة المرأة، "سقيته ماء القصائد قلبيَ.. حتى انتهى في الهوى شاعرا.. الشاعرة فاطمة بن فضيلة"، وكذلك بيت آخر "إلى وجْهِك المفعمِ بالضّوء.. كانتْ تستديرُ كلّ صباحٍ أزهارُ عبّاد الشمسِ.. الشاعر محمد الغزي".
وتتواصل الحملة في تونس كما في سائر دول العالم حتى 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري، في ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وذلك تحت شعار "العالم البرتقالي: معاً لننهي العنف ضدّ المرأة الآن".
وفي السياق، أكّدت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، آمال بلحاج موسى، وهي شاعرة معروفة في تونس، أنّ "ظاهرة العنف ضدّ المرأة في تونس في تزايد"، مشيرة إلى أنّ "الوزارة تلقّت حوالي 15 ألف مكالمة على الخط الأخضر 1899".
وأضافت الوزيرة، في تصريحات خلال مشاركتها في ندوة فكرية وطنية، تحت عنوان "نحو مقاربة نقدية لكيفية معالجة ظاهرة العنف المسلّط على المرأة" في 29 و30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أنّ هذا الرقم "تضاعف 7 مرات مقارنة بالسنوات الماضية".
وأوضحت الوزيرة أنّ "العنف الأكثر هيمنة هو العنف الزوجي، بنسبة 78%، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنّ العنف يطال الأطفال بنسبة 12%".
وفي مواجهة ظاهرة العنف، أكّدت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، "ضرورة تثمين القانون عدد 58 لسنة 2017 الذي يُعتبر الأول عربياً".
وأضافت في المقابل أنّ "الإشكال يكمن في المسار التطبيقي لهذا القانون باعتبار ضرورة تكوين القضاة حوله، إضافة لضرورة توفير الموارد البشرية في مختلف الوزارات والمحاكم من أجل ضمان حسن تطبيق القانون".
وشدّدت موسى، "على ضرورة اعتماد مقاربة أخرى للتعامل مع مسألة العنف ضدّ المرأة خاصة وأنّ العنف يمثّل ظاهرة يشتكي منها المجتمع التونسي".
وأكدت الكاتبة العامة لجمعية تونسيات، منى بحر، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ "المجتمع المدني في تونس مستعد لأي جهد وطني للقضاء على جميع أشكال ومظاهر العنف المسلّط على المرأة في تونس، وحتى في باقي دول العالم".
وذكّرت بالنضالات التي بذلتها الجمعيات من أجل إقرار قانون القضاء على العنف ضد النساء في تونس، وأضافت أنّ "القانون وحده غير كاف للحدّ من هذه الممارسات وللقضاء عليها".
وأشارت بحر إلى أنّ 'القانون الموجود جيد ولكن الإشكال هو في أنّ السلطات والدولة لا تمتلك الإمكانات المالية والبشرية الكافية والكفيلة بتطبيقه"، وأضافت أنّه "يوجد 80 مركزاً فقط لتلقي شكاوى النساء المعنّفات، وهو عدد غير كاف مقارنة بحجم تونس".
ولفتت إلى أنّ " إقفال مراكز تلقي الشكاوى الخاصة بجرائم العنف الأسري في أيام العطل ونهاية الأسبوع، دليل آخر على ضعف الإمكانات"، وأشارت إلى أنّ العنف غير مرتبط بأيام العمل الإدارية، فإن أوصدت هذه المؤسسات أمام المعنّفات فإنّ ذلك قد يفتح الأبواب لتطور العنف".
وشددت على أنّه "من المهم إيجاد مقاربات جديدة لمناهضة العنف ضدّ المرأة من خلال الاستباق والتحسيس والتوعية، سواء بإبراز مخاطر هذا السلوك أو التحسيس بحقوق المعنفات والقوانين الضامنة لذلك".