تونس تؤيد وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وسط مطالب بإلغائها

18 ديسمبر 2024
من أمام سجن الكاف في تونس، 7 فبراير 2011 (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تونس تدعم وقف تنفيذ عقوبة الإعدام دولياً وصوتت لصالح قرار أممي، لكنها لم تلغِ العقوبة من قوانينها، مما يثير انتقادات المجتمع المدني الذي يطالب بإلغاء شامل.
- الائتلاف المدني لإلغاء عقوبة الإعدام يعتبر موقف تونس إيجابياً لكنه غير مكتمل دون التصديق على البروتوكول الثاني، ويسعى لمعالجة الأسباب الجذرية للجرائم مثل الاختلال النفسي.
- تونس علقت تنفيذ الإعدام منذ 1991، مع وجود 53 محكوماً حالياً. في 2023، صدرت 49 حكماً جديداً، والمجتمع المدني يضغط لإلغاء العقوبة دستورياً.

ثبتت تونس، أمس الثلاثاء، موقفها من توقيف تنفيذ عقوبة الإعدام بالتصويت لمصلحة مشروع قرار اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي يدعو دول العالم إلى "وقف تنفيذ عقوبة الإعدام" رغم عدم استجابة السلطات لمطالب إلغاء العقوبة من المنظومة القانونية التي يطالب بها المجتمع المدني. ومنذ عام 2012، تواصل تونس التصويت لمصلحة وقف تنفيذ عقوبة الإعدام في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بينما يتواصل تأجيل التصويت على البروتوكول الثاني للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي يجبر الدول الموقعة عليه على الإلغاء التام لعقوبة الإعدام من قوانينها السارية في الأحكام الجزائية.

ويصف رئيس "الائتلاف المدني لإلغاء عقوبة الإعدام" (مدني) شكري لطيف، تأييد تونس موقفها لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة بـ"الإيجابي"، مؤكدا أن "تونس تؤيّد هذا الموقف منذ سنة 2012 تاريخ تصويتها لأول مرة على القرار". ويؤكد لطيف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هذه الخطوة تبقى منقوصة وهشة ما لم توافق السلطات على التصويت على البروتوكول الثاني للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي يفضى إلى إلغاء شامل لهذه العقوبة من ترسانة القوانين التونسية".

وأفاد المتحدث بأن تونس وقّعت على البروتوكول الأول للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية منذ سنوات، وقد جرى بمقتضى ذلك تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام، غير أن ذلك يظل غير كاف في ظل مطالب بالإلغاء الشامل للعقوبة. وتنصّ المادة السادسة من البروتوكول الأول للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أنه لا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام أن يحكم بهذه العقوبة، إلا جزاء على أشد الجرائم خطورة وفقا للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة وغير المخالف لأحكام هذا العهد ولاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها". كما "لا يجوز تطبيق هذه العقوبة إلا بمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة".

وأشار لطيف إلى أن "الائتلاف يدفع منذ سنوات نحو إلغاء عقوبة الإعدام وتوجيه الجهود مستقبلا نحو اجتثاث الأسباب المؤدية إلى ارتكاب جرائم إرهابية وجنائية تستوجب إصدار القضاء إحكاما بإعدام مرتكبيها"، وذلك عقب تصاعد الجرائم البشعة الناجمة عن الاختلال النفسي واستهلاك المخدرات. ويرى شكري لطيف أن "عقوبة الإعدام رغم قسوتها لم تحد من الجرائم الجنائية، وهو ما يتطلب تغيير استراتيجيات التعامل مع مسببات الجريمة واجتثاث جذورها الأساسية".

وعلى امتداد سنوات، خاض المجتمع المدني المناهض لعقوبة الإعدام نضالات لإلغاء هذه العقوبة، غير أن القضاء التونسي يواصل اعتمادها كآلية عقاب ضد مرتكبي جرائم إرهابية أو الجرائم الجنائية رغم تعليق التنفيذ منذ ما يزيد عن 30 عاما. ونفّذت تونس آخر حكم إعدام سنة 1991 ضد ما يُعرف بسفاح نابل الذي اتهم باغتصاب وقتل 13 ضحية. ورغم أن تونس تعلّق تنفيذ عقوبة الإعدام منذ عام 1991، إلا أن رئيس الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام يعتبر "هذا التعليق هشا ما لم تتم دسترته"، مشددا على أن "الوقت قد حان لمكافحة أسباب الجرائم التي تستوجب الإعدام بالتوازي مع المطالبة بإلغاء تنفيذ العقوبة شكل واضح وصريح".

ووفق دراسة أنجزها في وقت سابق "المعهد العربي لحقوق الإنسان" و"الرابطة التونسية لحقوق الإنسان"، إلى جانب "الائتلاف التونسي لمناهضة عقوبة الإعدام"، سجّلت تونس تنفيذ 135 حكم إعدام، منها 129 إعداماً زمن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وستة إعدامات نُفذت زمن الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

وتفيد معطيات المنظّمات الحقوقية بأنّ عدد المحكومين بالإعدام الذين تواصلت معهم بلغ 53 شخصاً، منهم ثلاثة في قضايا إرهاب، والبقية في قضايا حق عام، ووجّهت تهم القتل العمد لـ47 منهم، والمشاركة في القتل للستة الآخرين. كما تظهر ذات البيانات أنّ 94% من المحكومين بالإعدام هم من الرجال، فيما تبلغ نسبة النساء 6%. وتتراوح أعمارهم بين 20 و52 عاماً، 60.5% منهم غير متزوجين، و26.4% منهم متزوجون، بينما 9.4% مطلقون و3.7% أرامل. وعام 2023، أصدرت الهيئات القضائية العام الماضي 49 حكما في قضايا إرهابية، وجنائية تتعلّق بالقتل العمد، من بين مرتكبيها أشخاص يعانون من الأمراض النفسية العميقة والاختلال العقلي، بحسب بيانات صادرة عن منظمات مدنية.