أعلنت تونس انتشال تسع جثث بعد غرق قارب هجرة غير نظامية قبالة سواحل جرجيس في ولاية مدنين جنوب شرقي البلاد، وقد قُدّر عدد الأشخاص على متنه بـ52 مهاجراً من جنسيات أجنبية.
وكان المسؤول في الحرس الوطني التونسي حسام الدين الجبابلي قد أفاد في تصريح لوكالة رويترز، في وقت سابق من اليوم الخميس، بأنّ خمسة مهاجرين أفارقة على أقلّ تقدير لقوا حتفهم بعد غرق قاربهم قبالة تونس في أثناء محاولتهم الوصول إلى سواحل إيطاليا. أضاف أنّ خفر السواحل التونسي انتشل جثث هؤلاء، وأنقذ 44 شخصاً آخرين كانوا على متن القارب نفسه.
من جهتها، حدّثت الإدارة العامة للحرس الوطني في تونس بياناتها، مساء اليوم الخميس، معلنةً ارتفاع الجثث المنتشلة من خمس إلى تسع. وهي كانت قد أعلنت، قبل ذلك بساعات، أنّ دورية بحرية تابعة لمركز بحري الجدايرية بمنطقة جرجيس عثرت على قارب "بحالة انسياب بعد تعرّضه لعطب (تسرّب مياه) على بعد 4 أميال" من الساحل.
وأوضحت الإدارة العامة للحرس الوطني أنّ المهاجرين غير النظاميين على متن القارب المرصود أبحروا من سواحل دولة مجاورة، من دون الإفصاح عن اسم الدولة.
لكنّ رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبد الكبير قال لـ"العربي الجديد" إنّ "القارب المنكوب انطلق من سواحل مدينة بوكماش الليبية، وقد تعرّضت لعطب في أثناء الرحلة عند اقترابه من سواحل جرجيس، فيما كان ينوي الوصول إلى السواحل الإيطالية".
أضاف عبد الكبير أنّ "52 مهاجراً غير نظامي يحملون جنسيات مختلفة كانوا على متن القارب التي نشب فيه حريق تسبّب في وفاة تسعة منهم"، مشيراً إلى أنّهم وفدوا خصوصاً من بنغلادش ومصر والسودان.
أمّا المتحدث الرسمي باسم محكمة مدنين لسعد الحرّ، فقد أشار لوكالة فرانس برس إلى أنّ "المهاجرين، جميعهم من الرجال، يحملون جنسيات مختلفة منها المصرية والسورية والباكستانية والبنغلادشية". ورجّح الحرّ أنّ يكون المتوفّون، من بين هؤلاء المهاجرين، قد لقوا حتفهم "اختناقاً برائحة الوقود في قاع القارب" المؤلّف من طبقتَين.
وقد أشارت الإدارة العامة للحرس الوطني إلى أنّ عملية الإنقاذ وانتشال الجثث أتت من خلال "تنسيق مع جيش البحر والحماية المدنية"، مشيرةً إلى أنّ الزوارق السريعة المستخدمة في العملية نقلت جثث المهاجرين الخمس (قبل ارتفاع عددها إلى تسع) وكذلك مهاجر في حالة صحية حرجة إلى المستشفى الجهوي.
وتابعت أنّ المهاجرين غير النظاميين أُدخلوا إلى البلاد عبر الميناء التجاري في جرجيس، بحضور ممثّل النيابة العمومية، وبالتنسيق مع الصحة العمومية للكشف على هؤلاء. ولفتت إلى أنّ "الوحدات البحرية ما زالت تتابع الموضوع".
وكان المتحدث الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر قد صرّح لوكالة رويترز، أوّل من أمس الثلاثاء، بأنّ عدد المهاجرين الذين لقوا حتفهم أو فُقدوا قبالة سواحل تونس بلغ 1313 مهاجراً في عام 2023 الماضي، الأمر الذي يسلّط الضوء على تفاقم أزمة المهاجرين في البلاد.
وإذ قال بن عمر إنّ هذا العدد غير مسبوق، أوضح أنّه يمثّل نحو 75 في المائة من إجمالي عدد القتلى والمفقودين قبالة سواحل إيطاليا وليبيا ومالطا.
وشهدت تونس في عام 2023 كوارث غرق متكرّرة لقوارب متهالكة قبالة سواحلها، علماً أنّها كانت تغصّ بمهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء يأملون الوصول إلى إيطاليا خصوصاً. وقد سجّلت تونس تصاعداً لافتاً في وتيرة الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، على وقع تداعيات الأزمات الاقتصادية والسياسية في البلاد ودول أفريقية أخرى، ولا سيّما دول جنوب الصحراء.
وقد تحوّلت تونس، بدلاً من ليبيا، إلى نقطة انطلاق رئيسية للفارين من الفقر والصراعات المختلفة في دول من أفريقيا والشرق الأوسط بحثاً عن حياة أفضل في أوروبا، وذلك عبر رحلات هجرة غير نظامية. وتعلن السلطات التونسية أسبوعياً إحباط محاولات هجرة غير نظامية إلى سواحل أوروبا، وضبط مئات المهاجرين من تونس أو من دول أفريقية أخرى.
يُذكر أنّ المفوضية الأوروبية كانت قد أعلنت، في سبتمبر/ أيلول 2023، تخصيص 127 مليون يورو (نحو 137 مليون دولار أميركي) مساعدات لتونس، تندرج ضمن بنود مذكرة التفاهم الموقّعة بين تونس والاتحاد الأوروبي، جزء منها للحدّ من توافد المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا.
(رويترز، فرانس برس، الأناضول، العربي الجديد)