تونس: المدّ البحري المرتفع يُهدّد جُزراً بالاندثار

29 نوفمبر 2022
جزر وأرخبيلات تونسية مهددة بالمد البحري على حساب اليابسة (Getty)
+ الخط -

دقّت منظمات مدنية وبيئية تونسية، ناقوس الخطر مُنبّهة من مخاطر الزحف البحري على جزر وأرخبيلات في البلاد باتت تشهد مظاهر بيئية ناجمة عن اكتساح مياه البحر لليابسة والأراضي الزراعية القريبة من الشواطئ.

وأعلنت منظمات مدنية بجزيرة قرقنة جنوب شرقي تونس، مؤخراً، عن تسجيل ارتفاع غير مسبوق لمياه البحر خلال نهاية الأسبوع الماضي لتغمر المياه المالحة المنازل والحقول، مُحذرة من تغيرات بيئية عميقة تشهدها الجزر التي باتت مهددة بالاندثار.

وكانت رياح عنيفة نهاية الأسبوع الماضي، قد تسببت في رفع مستوى سطح البحر وارتفاع منسوب المد البحري بشكل لم تعرفه جزيرة قرقنة سابقا، إذ تجاوزت مياه البحر السباخ لتغمر المنازل والحقول، ونتجت عنها أضرار مادية كبيرة لأهالي المنطقة الذين يعيشون من الزراعة.

وقال الناشط بجمعية "القراطن" للتنمية المستدامة والثقافة والترفيه، أحمد السويسي، إن "جزر وأرخبيلات قرقنة تعيش على وقع تغيرات متسارعة وخطيرة في غياب التخطيط اللازم لحماية السكان والأراضي الزراعية من المد البحري".

وأكد السويسي لـ"العربي الجديد" أن الجزيرة عاشت خلال نهاية الأسبوع الماضي مظاهر بيئية لم تعرفها المنطقة سابقا، مشيرا إلى أن المد البحري المرتفع كان مدمرا هذه المرة.

وأضاف المتحدث، أن ظواهر مماثلة برزت منذ أكثر من 10 سنوات، غير أن المدّ البحري أصبح أعنف بكثير، لافتا إلى أن كل الجزر والأرخبيلات التونسية مهددة بتقدم البحر على حساب اليابسة، ما قد يسبب هجرة اضطرارية للسكان المحليين بعد خسارة أراضيهم الزراعية.

ولفت الناشط إلى أن السكان المحليين واعون بخطورة التحولات البيئية التي تشهدها المنطقة، ويبذلون جهوداً للتصدي لتقدم البحر عبر غرس أشجار ونباتات مقاومة للملوحة، غير أن هذه المجهودات قد تصبح عديمة الجدوى مع ارتفاع مخاطر المد البحري، بحسب قوله.

وحول الجهود الرسمية في مكافحة المد البحري المتصاعد على سواحل تونسية، قال السويسي إن السلطات لم تنفذ أي مشروع للحد من هذا المد منذ سنة 2012، منتقدا غياب دراسات ميدانية وعلمية للظواهر البيئية الجديدة التي تهدد سكان الساحل التونسي.

وتحدث السويسي عن بروز ظواهر مماثلة في محافظات عديدة ومنها بنزرت والمنستير، مشددا على أهمية التدخل السريع لحماية السواحل قبل فوات الأوان، وذلك بالتدخل في الشواطئ التي تعد الأكثر تهديدا واستهدافاً من الزحف البحري.

واعتبر أن خطر المد البحري يزحف بنسق سريع تجاوز حتى أكثر التقديرات العلمية تشاؤما التي تحدثت عنها دراسات أنجزت من قبل مكاتب وهيئات أجنبية.

ويستغل مزارعون تونسيون في مناطق ساحلية عديدة المد البحري في ريّ مساحاتهم الفلاحية في نظام زراعي يعرف باسم "النظام الرملي".

غير أن الخبير البيئي حمدي حشاد قال لـ"العربي الجديد"، إن مياه البحر سترتفع وتغزو المناطق المحيطة بالمزارع التي تروى فيها النباتات عبر المد البحري وهو ما سيؤثر سلبا على خصوبة الأرض وبذلك تملح التربة وتكون نهاية هذا النظام الفريد.

المساهمون