حذّرت التنسيقية الوطنية للحركات الاجتماعية في تونس من انفجار اجتماعي شعبي بسبب الملفات العالقة والمطالب المتراكمة التي ما زالت من دون تسوية. ووجّهت التنسيقية التي تضمّ عدداً من الجمعيات، أمس الخميس، رسالة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيّد، أعلنت فيها أنّه في ضوء عدم التفاعل مع المطالب الاجتماعية العالقة سوف يتمّ اللجوء إلى التصعيد والعودة إلى الاحتجاجات.
وأوضحت التنسيقية الوطنية في بيان أنّ المنضوين في إطارها "يمثّلون جملة من الحركات الاجتماعية ويدافعون عن ملفات عالقة منذ سنوات". وقد أكّدوا أنّهم "سطّروا ربيع هذا الوطن، وناضلوا من أجل مستقبل أجمل، ومن أجل وطن يعيد للفرد هيبته، ولا يُحرَم فيه المواطن من مواطنته أو بالأحرى من حقوقه".
أضافت أنّهم "المعطّلون والمعطّلات قسرياً عن العمل، ضحايا التهميش الممنهج والتشغيل الهشّ والسياسات اللاعادلة، ضحايا المماطلة والوعود الزائفة، وهم أيضاً أبناء الجهات المنسيّة عنوان الفقر والتهميش، تلك الجهات التي لم تحظَ يوماً بنصيبها من التنمية وظلّت تطارد سراب التمييز الإيجابي فلم تنل من المشاريع غير الوبال وتحوّلت إلى بؤر للتلوّث والعطش والاحتقان الاجتماعي".
وأشارت التنسيقية الوطنية إلى أنّ هؤلاء مشمولون بـ"ملفّ الدكاترة الباحثين الذي يراوح مكانه منذ سنوات في ظلّ التهميش الممنهج للبحث العلمي وللكفاءات، ويمثّلون ملفّ المعطّلين عن العمل المعنيّين بتطبيق القانون 38 والذي تمّ تجميده من دون تقديم بديل جاد يُنهي مأساتهم ويُنهي بطالتهم إلى حدود هذه اللحظة، وهم أيضاً ملفّ قدماء الاتحاد العام لطلبة تونس المفروزين أمنياً، وملفّ الآلية 20 الذي يُعتبر عنواناً للتشغيل الهشّ ولسياسة المماطلة المنتهجة من قبل كلّ الحكومات التي تعاقبت إلى حدود هذه اللحظة، والملفّ الخاص ببعض معطّلي سيدي بوزيد ممّن وقّعوا عقود عمل في وزارة التربية منذ 15 مايو/ أيار 2017، لكن من دون مباشرة للعمل، وهو ما يُعتبر فضيحة قانونية وأخلاقية من الدولة تجاه أبناء شعبها المفقرين، وملفّ عمّال الحضائر الذين تجاوزوا 45 هاماً والذين يطالبون بتطبيق الإجراءات مفسها التي اتّبعتها الحكومة في ما يخصّ الحضائر لمن هم دون 45 عاماً، وملفّ شهداء وجرحى الثورة الذي ما زال ينتظر الإنصاف والاعتراف التام بحقّ من دفعوا دماءهم فداءً للثورة حتى بعد صدور المرسوم رقم 20 المتعلق بمؤسسة فداء للإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة وأوّلي الحق من شهداء الثورة وجرحاها والذي رافقه كثير من الجدال".
وشدّدت التنسيقية في بيانها على "ضرورة إيجاد حلول فورية وعاجلة للملفّات العالقة منذ سنوات رغم الاتفاقيات الممضاة والوعد المصرّح بها، و تقديم استراتيجية واضحة للمرحلة المقبلة وإيلاء المسألة الاجتماعية الأولوية القصوى بحيث تتلازم وجوباً مسارات الإصلاح السياسي والقضائي والمؤسساتي، إلى جانب إيلاء المسألة البيئية الأهمية اللازمة وتطبيق القوانين التي تحمي البيئة وتحدّد المسؤوليات وتردع المخالفين".
وفي هذا السياق، قال عضو التنسيقية الوطنية للحركات الاجتماعية، بوبكر العكرمي، لـ"العربي الجديد" إنّ "التنسيقية الوطنية للحركات الاجتماعية تضمّ تنسيقيات اجتماعية عديدة، وقد اختارت التذكير بمطالبها في رسالة موجّهة إلى رئيس الجمهورية بعد عقدهم مؤتمراً صحافياً قبل أسابيع لم يلقَ أيّ تفاعل. وبالتالي تأتي هذه الخطوة الثانية للمطالبة من جديد بالاستحقاقات الاجتماعية، خصوصاً أنّ الوقت يمرّ والاحتقان يزيد على الرغم من مرور نحو 10 أشهر على 25 يوليو/ تموز 2021 (تاريخ فرض سعيّد التدابير الاستثنائية في البلاد) من دون تغيّر أيّ شيء".
أضاف العكرمي أنّ تلك الجهات ترى أنّها "جزء من الحوار الوطني، وثمّة ملفات حامية يجب التطرّق إليها"، مشدّداً "نحن دعاة حوار ولدينا تصوّرات وحلول وبالتالي لا نطرح مشاكلاتنا فقط بل نحمل عدداً من الأفكار للملفات العالقة والتي يمكن حلّها". وأشار إلى أنّه "حتى الأوّل من مايو تاريخ عيد الشغّالين (العمّال) في تونس، في حال لم يحصل أيّ تفاعل مع مطالبنا، فسوف يكون تصعيد وسوف تعود الاحتجاجات. ونحن الآن نعمد إلى كلّ الحلول الممكنة آملين بحلحلة هذه الملفات".
وأوضح العكرمي: "سبق أن خضنا معارك مع الحكومات السابقة، خصوصاً أنّ الانفجار الاجتماعي وشيك، فقد عادت محاكمات العطش في الجنوب بسبب انقطاع المياه الصالحة للشراب وضدّ نشطاء في طبرقة، بالإضافة إلى مشكلات التلوّث في قابس ومكبّات النفايات العشوائية، وما قد تطرحه من تحديات".
من جهته، أوضح المتحدث باسم التنسيقية الوطنية للحركات الاجتماعية، عبد الحق البسدوري، لـ"العربي الجديد" أنّ "رسالتنا اليوم موجهّة أساساً إلى رئيس الجمهورية. فقد سبق أن وجّهنا أخرى إلى الحكومة في المؤتمر الصحافي الأخير. ونحن كنّا قد ظننا أنّ رسالتنا سوف تصل، إذ إنّ الدولة تستمع للحراك الاجتماعي وتهتم بمشكلات الشعب، لكنّ الحكومة لم تتفاعل مع ندائنا، فكانت صماء ولم يحصل أيّ تجاوب".
وأشار البسدوري إلى أنّ "السلم العام غير مرتبط بالانتخابات وبصناديق الاقتراع، بل بالسلم الاجتماعي". وأضاف أنّ "الحكومة والوزراء بمعظمهم يعودون إلى رئيس الجمهورية، فهو الحاكم الأصلي وهو الذي يمثّل رأس السلطة"، مشدداً "ونحن ما زلنا في هدنة اجتماعية طوعية، وإلا فالانفجار آتٍ لا محالة".