استمع إلى الملخص
- التحديات في تصنيف الأمراض المهنية: الاعتلالات العضلية والعظمية هي الأبرز، بينما لا يُعترف بالانهيار النفسي كمرض مهني، مما يستدعي تحديث جداول الأمراض المهنية.
- نقص الدقة في الإحصاءات والرقابة: تقرير 2021 يبرز ضعف دقة الإحصاءات والرقابة على الصحة المهنية، مع عدم تنفيذ مهام تفقدية في 11% من المؤسسات، مما يتطلب تحسين الرقابة وتحديث البيانات.
تفيد وزارة الصحة في تونس بأن 30% من المواطنين يعانون من اضطرابات نفسية، ويعاني 40% من هؤلاء من أمراض عضوية نتجت من مشاكل نفسية، مثل آلام الرأس والظهر واضطرابات الجهاز الهضمي التي تصنّف أيضاً ضمن حالات القلق والاكتئاب المنتشرة في البلاد.
ورغم ارتفاع نسبة من يعانون من اضطرابات نفسية من جراء ضغوط الشغل، لا تدرج المخاطر النفسية ضمن جداول الأمراض المهنية في تونس، والتي تؤكد وزارة الشؤون الاجتماعية أن عددها 86، ويجرى تحديثها كل ثلاث سنوات.
وفي عام 2020، أدرج فيروس كورونا في جداول الأمراض المهنية بسبب إصابة العديد من الطواقم الطبية وتلك التي عملت في الإسعاف والدفاع المدني بالمرض خلال العمل. وتشير الوزارة إلى أن الأمراض المهنية شهدت خلال عام 2023 ارتفاعاً بنسبة 25% مقارنة مع عام 2022.
يُعاني أشرف (اسم مستعار) من أمراض نفسية منذ ثلاثة سنوات تطلبت خضوعه لعلاج مستمر في مستشفى للأمراض العقلية والنفسية، ورغم مطالبته بالحصول على تعويض، باءت محاولته بالفشل لأنّ الأمراض النفسية غير مدرجة في قائمة الأمراض المهنية.
يقول لـ"العربي الجديد": "أعمل ممرضاً في مستشفى عمومي، وأعاني من ضغوط كبيرة ناتجة من طول ساعات العمل ونقص الكادر شبه الطبي، والتعامل مع حالات مرضى مؤثرة جداَ، ما انعكس علي، وجعلني أصاب بأمراض نفسية استدعت أن أتلقى علاجاً في مستشفى الرازي. وحصلت مرات على تقارير طبية طالبت بأن أحصل على راحة قد تدوم أحياناً أكثر من شهرين، لكنني لم أنل كل مستحقاتي الشهرية خلال تلك الفترات لأن أمراضي النفسية غير مدرجة في قائمة الأمراض المهنية".
المخاطر النفسية غير مدرجة ضمن جداول الأمراض المهنية في تونس
ويقول رئيس الجمعية التونسية لطب الشغل، نزار العذاري، لـ"العربي الجديد": "الاعتلالات العضلية والعظمية تمثّل أبرز الأمراض المهنية المصرّح بها، وتعتبر الأكثر انتشاراً في تونس، ومن مظاهر خطورة هذه الاعتلالات عدم تشخيصها مبكراً بدقة، ما يؤثر بشكل كبير على صحة العامل، ويجعلها تتحوّل إلى مرض مزمن، حتى إذا ترك العامل الوظيفة التي تسببت في هذه الاعتلالات".
يتابع: "تحتل أمراض الحساسية المرتبة الثانية في قائمة الأمراض المسجلة لدى المهنيين بنسبة 8%، في حين ظهر مصطلح (بارن آوت)، وهو الانهيار النفسي الناتج عن العمل، ما يؤكد أهمية دور طبيب الشغل في تشخيص الحالات وتوجيهها للعلاج النفسي، لكنه غير معترف به كمرض مهني في تونس، ولم يُدرج بعد في قائمة الأمراض المهنية باعتبار أن تصنيفات القائمة ترتبط بالحالات وعددها، ومدى ارتفاعها في عدة قطاعات".
ووفق الصندوق الوطني للتأمين على المرض، يحق للمتضررين من حوادث الشغل والأمراض المهنية الحصول على الإسعاف العلاجي الذي تتطلبه حالاتهم، وآلات تقويم وتعويض الأعضاء. ولدى تشخيص مرض مهني، يجب أن يُعلم المتضرر صاحب العمل الذي تعرّض فيه لمرض مهني، وذلك خلال خمسة أيام من تاريخ المعاينة الطبية. وإذا استحال ذلك، يستطيع أن يُعلم المتضرر الصندوق الوطني للتأمين على المرض خلال الفترة نفسها.
أما صاحب العمل، فيجب أن يُعلم الصندوق الوطني للتأمين على المرض خلال أيام العمل الثلاثة الموالية لتبلغه بالمرض. وإذا حصل انتكاس للمريض أو بعد التئام الجرح، يجب أن يقدم صاحب العمل خلال الأيام الخمسة التي تلت إعلامه شهادة طبية تثبت حالة المتضرر والعواقب المنتظرة للانتكاسة.
ويملك المتضرر من حادث شغل أو مرض مهني الحق في العلاج بقدر ما تقتضيه حالته الصحية، ويتكفّل الصندوق الوطني للتأمين على المرض بالمصاريف الخاصة بعلاج المتضرر على صعيد إجراء الفحوصات والإقامة في المستشفى والأدوية التي يحصل عليها من المؤسسات الصحية العمومية أو المصحات الخاصة المتعاقدة مع الصندوق، وأيضاً من أطباء متعاقدين مع الصندوق.
وأورد تقرير نشرته دائرة المحاسبات في عام 2021، أن "الإحصاءات السنوية الخاصة بالفترة بين عامي 2015 و2019 لعدد الخاضعين لنظام حوادث الشغل والأمراض المهنية افتقرت إلى الدقة والشمولية، إذ لم تتضمن عمال المؤسسات الذين لم تصرّح المؤسسات بحالاتهم ضمن الفترات القانونية، أو تلك التي صرحت بعدد أقل من الحقيقي، كما لم تحتسب نسبة زيارات التفقد في مجال الصحة والسلامة المهنية في مؤسسات القطاع الخاص".
وتحدثت دائرة المحاسبات في التقرير عن ضعف الرقابة على المؤسسات في مجال الصحة والسلامة المهنية بسبب عدم تنفيذ إدارة طب الشغل أي مهمة في هذا الشأن في 11% من المؤسسات الأعلى تسجيلاً لحوادث الشغل القاتلة والأكثر تصريحاً بالأمراض المهنية خلال الفترة بين عامي 2015 و2019، وعدم إخضاع 23% من باقي المؤسسات إلاّ لمهمة تفقد وحيدة خلال ذات الفترة.