بدأ القضاء التونسي، اليوم الثلاثاء، بحثا تحقيقيا في جريمة قتل يرجح أن يكون مرتكبوها مهاجرين من دول جنوب الصحراء وقعت، أمس الاثنين، في محافظة صفاقس جنوب شرق البلاد التي يتركز فيها أكبر عدد من المهاجرين.
وشهدت مدينة صفاقس، ليل أمس، توترا كبيرا في أعقاب جريمة طعن نتجت عنها وفاة مواطن من أبناء المنطقة، ما تسبب في حالة احتقان كبير في صفوف الأهالي، استوجبت تدخلا أمنيا لتهدئة الأوضاع.
وقال المتحدث باسم محكمة صفاقس 1 فوزي المصمودي، "إن الجهة تعيش منذ ما يزيد على ثلاثة أيام تواتر أحداث العنف الذي بات متصاعدا، ما أسفر عن إزهاق روح بشرية بعد الاعتداء على مواطن تونسي بآلة حادة".
وأكد المصمودي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن جريمة القتل سبقتها أحداث عنف وإضرام النار في ممتلكات خاصة في منطقة "الربط" بمحيط المدينة العتيقة بصفاقس".
وأفاد المتحدث باسم المحكمة الابتدائية بصفاقس، بأن "المنطقة التي شهدت الجريمة ليل الاثنين تعرف تواجدا كثيفا للمهاجرين الذين يخيّرون الإقامة في الأحياء القريبة من مناطق الاجتياز نحو دول شمال المتوسط"، مضيفا: "تعهد القضاء بفتح بحث تحقيق وتم الاحتفاظ بثلاثة شبان وهم مهاجرون من دول جنوب الصحراء يشتبه في ارتكابهم جريمة القتل إلى جانب الاحتفاظ بـ 22 مهاجراً آخر بسبب الإقامة غير الشرعية".
ولفت إلى أن "الضحية الذي سقط ليل الاثنين من ساكني المنطقة ويبلغ 42 عاما"، مشيرا إلى أن "المعطيات الأولية تشير إلى عدم وجود معرفة سابقة بين القتيل ومرتكبي الجريمة، غير أن اشتباكا تطور لأسباب لم تُعرف بعد انتهى إلى قتل الضحية".
وأفاد المصدر القضائي بأن "المشتبه بهم الثلاثة الذين تم إيقافهم يحملون الجنسية الكاميرونية"، موضحا أن "باقي الإيقافات وعددها 22 تعلّقت بجريمة اجتياز الحدود خلسة والإقامة غير الشرعية" وفق قوله.
ووصف المصمودي الوضع في محافظة صفاقس بـ"الحذر رغم سيطرة الأمن على الاشتباكات التي حدثت بين الأهالي وعدد من المهاجرين"، داعيا إلى "ضرورة تدخل المجتمع المدني لتهدئة الأوضاع وإيجاد حلول جذرية لوضعية المهاجرين".
وأشار إلى أن "الأحياء القريبة من مناطق الاجتياز سبق أن شهدت جريمتي قتل خلال المدة الماضية، راح ضحيتهما تونسي ومهاجر من دول جنوب الصحراء".
وتعد محافظة صفاقس، ثاني كبرى المدن التونسية، ونقطة انطلاق عدد كبير من عمليات العبور السرية للمهاجرين نحو السواحل الإيطالية عبر البحر الأبيض المتوسط، ولطالما انتقد سكان المدينة الوجود المتزايد للمهاجرين السريين فيها، مطالبين برحيلهم.
والأحد الماضي، تظاهر مئات التونسيين في المحافظة ضدّ وجود مهاجرين سريين من دول أفريقيا جنوب الصحراء في مدينتهم.
وعلّق المتحدث باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر على جريمة صفاقس، قائلا: "الوضع في صفاقس مأساوي ومرشح لسيناريوهات أبشع".
وقال بن عمر في تدوينة على صفحته الرسمية على "فيسبوك" إن "انتقال خطاب الكراهية من الافتراضي إلى الواقع الميداني بتصوير المهاجرين كتهديد صحي وأمني نتيجة غياب الدولة وانفلات الخطاب الإعلامي نحو التهييج، مضيفا: "في غياب الدولة تتعمد مجموعات منفلتة إخلاء منازل المهاجرين بالقوة وما ينتج عن ذلك من عنف".
وحمّل بن عمر الاتحاد الأوروبي مسؤولية أزمة المهاجرين في تونس نتيجة سياسات إغلاق الحدود، مطالبا بفتح مسارات آمنة لنقل المهاجرين واللاجئين العالقين في تونس داعيا الدولة إلى تحمل مسؤولياتها وتعيين محافظ على صفاقس وتركيز خلية أزمة من أجل إدارة إنسانية للأزمة وليست إدارة أمنية كما يتم حاليا وفق قوله.
وأعلنت السلطات التونسية، أمس الأول الأحد، عن إحباط 65 عملية هجرة غير نظامية وضبط 2068 شخصاً في أثناء محاولتهم الإبحار إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط في خلال عطلة عيد الأضحى.
وأفادت الإدارة العامة للحرس الوطني في تونس، في بيان نشرته على صفحتها الرسمية، بأنّ "وحدات إقليم الحرس البحري في الوسط (المناطق البحرية في صفاقس وقرقنة والمهدية) تمكّنت من إحباط 47 عملية اجتياز للحدود البحرية خلسة، وإنقاذ 1,879 مجتازاً من بينهم 1,858 من جنسيات دول أفريقيا جنوب الصحراء و21 تونسياً".