تونسيون يتخلون عن ملابس وحلويات العيد

تونسيون يتخلون عن ملابس وحلويات العيد

21 ابريل 2023
الإقبال على تأمين مستلزمات العيد ضعيف (العربي الجديد)
+ الخط -

لا حديث للتونسيين إلا عن غلاء المعيشة وارتفاع سعر ملابس عيد الفطر والحلويات، الأمر الذي أجبر العديد من العائلات على التخلي عن شرائها، أو البحث عن ملابس مستعملة أو الذهاب إلى الأسواق الشعبية. كذلك أجبرت الأوضاع الصعبة عائلات عدة على التخلي عن بعض الأشياء التي يمكن تصنيفها ضمن الكماليات، كالألعاب والإكسسوارات والحقائب أو زيارة الأماكن المخصصة لألعاب الأطفال خلال فترة العيد. هكذا تُحرم عائلات كثيرة فرحة العيد بسبب الغلاء وتتالي المناسبات وتكاليف الدراسة وغيرها من النفقات الأساسية، كالإيجار ورسوم الكهرباء والمياه وغير ذلك. خلال جولة لـ"العربي الجديد" وسط العاصمة تونس، وتحديداً في شارع مدريد، تتحدث الخمسينية سميرة الدريدي، وهي ربة بيت وأم لثلاثة أبناء في كفالتها، عن أن "الغلاء جعلها غير قادرة على شراء أشياء عدة، واضطرت إلى التخلي عن العديد من مستلزمات العيد"، مضيفة أن "العيد يتزامن مع نفقات عدة كدفع الإيجار ورسوم الماء والكهرباء. النفقات كثيرة والراتب قليل بالكاد يكفي لتسديد جل هذه المصاريف". وتقول إن "معظم الراتب تبخر لتأمين احتياجات شهر رمضان". 
تضيف الدريدي أنها "بالكاد أمنت تكاليف الطعام لأسرتها خلال رمضان، وتخلّت عن اقتناء حلويات العيد"، مشيرة إلى أنه لكون أعمار أبنائها تراوح ما بين 15 و18 عاماً، فقد أرجأت اقتناء الملابس لما بعد عيد الفطر، علّ الأسعار تنخفض قليلاً. وتشير إلى أن "الحياة باتت أصعب بالنسبة إلى الفئات محدودة الدخل، والزوّالي (الفقير) لا يستطيع مجاراة هذا الواقع"، مؤكدة أن "العيد سيكون مختلفاً هذا العام على غرار شهر رمضان". من جهتها، تقول سعاد (67 عاماً)، وهي ربة منزل، إنها "لن تعدّ حلويات العيد أو تشتري أي شيء. وعلى الرغم من أنه ليس لديها أبناء، لكنها لاحظت مدى ارتفاع الأسعار خلال تجوالها في السوق". وترى أنه "ليس بمقدور التونسيين فعل أي شيء. الدخل محدود، وبالكاد يتدبرون الأمور الأساسية. البعض يشتري الأساسيات من المحال التجارية والآخرين من الباعة الجوالين"، مؤكدة أن "تونس تغيرت وربما كانت سابقاً أفضل معيشياً". وتسأل: "إن كانت عدة منتجات أساسية غائبة، كالدقيق والزيت والسكر، فكيف ستُعَدّ الحلويات أو شراء منتجات أخرى إضافية تعتبر الآن من الكماليات؟"، مؤكدة أنه "سيُستغنى عما يعتبر غير أساسي، ويُكتفى بالضروريات".                       

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويقول سالم الجريدي (48 عاماً)، الذي يعمل في شركة مختصة بالمصاعد، إن لديه طفلين، وقد تمكن من شراء ما يلزمهما من حاجيات العيد، مؤكداً أنّه "لم يجد ملابس ذات جودة، فاقتنى ما يراه مناسباً لطفليه". وفي ما يتعلق بحلويات العيد، يقول إن عائلته "تُعدّ الحلويات في البيت، كالمقروض والبسكويت والغريبة التونسية، وقد يقتني بعض الحلويات الجاهزة، كما دأبت العادة"، مضيفاً أنه "من محافظة قابس جنوبيّ تونس، ومن عاداتهم إعداد أكلة من منطقته، وهي البركوكش القابسي، وذلك يوم العيد، وهي أكلة تقليدية تعتمد على الحبوب". 

الصورة
يكتفي البعض بإعداد الحلويات المنزلية (العربي الجديد
يكتفي البعض بإعداد الحلويات المنزلية (العربي الجديد)

وترى نادية (63 عاماً) أن العيد مناسبة لجمع الأسرة. وبحكم أنها جدة الآن، فإن جميع أولادها وأحفادها يجتمعون في بيتها باستثناء من يعيش منهم خارج تونس. تعدّ الملوخية والحلالم (حساء بالخضار) وتشتري الحلويات، وخصوصاً كعك الورقة الذي يحبه أبناؤها، والمشروبات. تضيف أن "كل عائلة تنفق ما تراه مناسباً بحسب الإمكانات المتاحة. صحيح أن الغلاء طاول أغلب الأشياء والمشتريات، وأصبحت أسعار بعض السلع أغلى بثلاثة أضعاف، إلا أن الجميع يحاول الإنفاق بحسب ميزانيته". تضيف أنها "كانت تشتري لأبنائها ملابس العيد عندما كانوا أطفالاً، وها هم اليوم يقتنون ملابس العيد لأطفالهم"، مشيرة إلى أن "عناء البحث عن ملابس العيد تقلص بحكم التطور والتجارة الإلكترونية التي سهلت على العائلات عملية البحث. لذلك، يقتنون الملابس اليوم من شبكات التواصل الاجتماعي التي سهلت كثيراً عمليات الشراء". 

الصورة
قلة يشترون الألعالب لأطفالهم بسبب الأوضاع المعيشية (العربي الجديد)
قلة يشترون الألعالب لأطفالهم بسبب الأوضاع المعيشية (العربي الجديد)

واختارت عائلات إعداد حلويات العيد في البيت لأنها تظل أقل كلفة من تلك الجاهزة. وتؤكد شهرزاد بن منصور، وهي خياطة من حي التحرير في العاصمة، أنها "دأبت منذ سنوات على إعداد الحلويات بنفسها، وشراء الحمص لإعداد الغريبة والجلجلان للبسكويت"، مبينة أن شقيقاتها يجتمعن في منزل والدتها ويشتركن في إعداد الحلويات ثم يحملن الأطباق إلى المخبز. وهذه من العادات التي تحافظ بعض الأسر عليها وترافقها الكثير من الأجواء المميزة وتظل مناسبة لجمع الأسرة".

وفي ما يتعلق بألعاب العيد، يؤكد تاجر ألعاب مستعملة بسوق شعبي بباب الخضراء في العاصمة، يُدعى سامي الحاج عمر (51 عاماً)، أن "الأسعار مقبولة، لكن لم يعد المواطن يرغب في شراء الملابس والألعاب كما في السابق. من جهة أخرى، لا يمكن البعض مجاراة المتطلبات المعيشية"، مشيراً إلى أن الأطفال يرغبون في الحصول على ألعاب العيد، لكن ليس بمقدور الكثير من الآباء شراؤها. يضيف: "في كل عام نقول إنه قد تتحسن القدرة الشرائية ويعود الإقبال كالسابق. لكن للأسف يزيد التراجع لأن الأسعار ترتفع"، موضحاً أن "أسعار الألعاب المستعملة تراوح ما بين دولار و10 دولارات. مع ذلك، قلة يقبلون على الشراء". ويقول إن "طفلته الصغيرة فقط حظيت بملابس العيد"، مشيراً إلى أن "التفاوت الطبقي أصبح لافتاً في تونس بين فئة ميسورة لديها الإمكانات المادية، وطبقة فقيرة كادحة همها الوحيد تحصيل لقمة العيش. أما بقية الأشياء فهي غير أساسية".

المساهمون