يواجه تونسيون في المهجر تعقيدات تجديد جوازات سفرهم التونسية، الأمر الذي يعرقل برامج إجازات بعضهم الصيفية فيما يجعل المهاجرين المقيمين منهم في بلدان أوروبية بطريقة غير نظامية في وضع دقيق، وسط مطالب بإيجاد حلول جذرية لمشكلات تأخّر إصدار تلك الجوازات على مستوى البعثات الدبلوماسية التونسية.
ويشكو تونسيون في دول عديدة، لا سيّما الأوروبية منها، من الصعوبات التي يختبرونها لتجديد جوازات سفرهم، أو استخراج أخرى جديدة بعد فقدان القديمة التي عبروا بواسطتها إلى أوروبا بطرق غير نظامية في معظم الأحيان.
وأجمع مهاجرون تونسيون في شهادات لهم جمعها "العربي الجديد" على أنّ تجديد جوازات السفر منتهية الصلاحية صار يستغرق أشهراً في بعض الأحيان، الأمر الذي يفاقم وضع المهاجرين غير النظاميين الهشّ، ويحرمهم من الاستفادة من فرص تسوية أوضاع إقاماتهم التي تتيحها دول الاستقبال في مناسبات عدّة.
وبيّن هؤلاء التونسيون في شهاداتهم نفسها أنّ المهاجرين يضطرون إلى قطع مسافات طويلة في بعض الأحيان من أجل الاتصال بقنصليات بلادهم من أجل طلب تجديد الوثائق الرسمية، الأمر الذي يجعل المهمّة مكلفة بالنسبة إليهم، لا سيّما في بلدان أوروبية حيث الممثليّات الدبلوماسية ضعيفة.
وقد طالب التونسيون المهاجرون أنفسهم بإيجاد حلول سريعة لمشكلات تجديد جوازات السفر واستخراجها قبل بداية موسم الإجازات الصيفية، الأمر الذي يسمح لهم ببرمجة العودة إلى بلادهم قبل رفع شركات الطيران والناقلات البحرية أسعار حجوزات السفر.
وأقرّ عضو البرلمان التونسي رياض جعيدان لـ"العربي الجديد" بأنّ "ثمّة صعوبات في (عمليات) تجديد واستخراج وثائق للتونسيين في المهجر"، مشيراً إلى أنّ هذا الموضوع "سوف يُدرَج على رأس جدول أعمال لجنة التونسيين في الخارج في مجلس نواب الشعب التي سوف تعقد أولى جلساتها الأسبوع المقبل".
أضاف جعيدان أنّ "نواب دوائر الخارج في البرلمان الجديد سوف يطلبون لقاءً رسمياً مع ممثلين من وزارتَي الخارجية والداخلية، من أجل إيجاد حلول نهائية للصعوبات التي تعترض التونسيين في دول المهجر في ما يتعلق بتجديد وثائقهم الرسمية".
وأكّد جعيدان أنّ "هذه المشكلات تزيد من هشاشة أوضاع المهاجرين غير النظاميين، لا سيّما في فرنسا وإيطاليا، إذ يُحرَم بعضهم من الاستفادة من فرص تسويات إقاماتهم"، شارحاً أنّ "المهاجرين الذين يصلون بطرق غير نظامية لا يحملون بمعظمهم جوازات سفر".
ورأى جعيدان أنّ "البعثات الدبلوماسية التونسية والمكاتب القنصلية مطالبة بتسهيل شؤون التونسيين في المهجر، مهما كانت أوضاعهم، من أجل الاستفادة من هذه الفئة التي تدعم أرصدة الدولة من العملة الصعبة". وأشار إلى أنّ "القنصليات التونسية بمعظمها لا تملك سجلات عن الأعداد الدقيقة للتونسيين من بلدان إقاماتهم"، مشدّداً على "أهمية تحديث السجلات للحصول على معطيات دقيقة حول حجم الجالية التونسية في المهجر ووضع خطط للاستفادة منها".
وفسّر جعيدان تعطّل الإجراءات في تجديد جوازات السفر بـ"البحث الذي تجريه مصالح وزارة الداخلية في ملفات الملاحقين في قضايا عدلية في تونس أو المشتبه فيهم في قضايا إرهابية أحياناً".
وفي الأعوام الماضية، زاد عدد التونسيين الذين هاجروا نحو وجهات مختلفة في العالم بصورة لافتة، علماً أنّ البلدان الأوروبية وبلدان الخليج العربي تُعدّان وجهتَيهم الأساسيتَين.
وكان ديوان التونسيين في الخارج قد أفاد، في شهر إبريل/ نيسان الماضي، بأنّ فرنسا تصدّرت قائمة "دول المهجر" للتونسيين بالخارج، في ما يتعلّق بقيمة التحويلات البريدية بنسبة 45.8 في المائة، أي ما يزيد عن مليار و71 مليون دينار تونسي (نحو 65.5 مليون دولار أميركي).
وبحسب أرقام كشف عنها الديوان، فإنّ نحو مليون و384 ألف تونسي يقيمون حالياً في فرنسا، أي ما يمثّل 49 في المائة من مجموع الجالية التونسية المقيمة في الخارج. ويحتلّ التونسيون المقيمون في إيطاليا المرتبة الثانية، وتحويلات هؤلاء تُقدَّر بنسبة 11.2 في المائة، أي ما يقارب 261 مليون دينار (نحو 86 مليون دولار) من مجموع التحويلات المالية إلى تونس، يليهم التونسيون المقيمون بألمانيا مع نسبة تحويلات 6.2 في المائة، أي ما يناهز 145 مليون دينار (نحو 48 مليون دولار).
وتبلغ نسبة التحويلات المالية من البلدان الأوروبية 72.2 في المائة، أي ما يعادل ملياراً و477 مليون دينار (نحو 49 مليون دولار) من مجموع التحويلات، في حين تبلغ النسبة الواردة من البلدان العربية 17.9 في المائة. أمّا البلدان الأفريقية فتصل نسبة التحويلات منها إلى 3.8 في المائة، وأميركا إلى 5.5 في المائة، وآسيا وأستراليا إلى 0.6 في المائة.