رغم أن القوانين التي تنظم العملية التعليمية في إسرائيل تنص على حظر كل أشكال التمييز بين الطلاب، فإن الواقع مختلف، فكثير من المدارس التابعة للتيار الحريدي تصر على التمييز؛ وتقوم بفصل الطلاب من أصول شرقية عن أقرانهم من أصول غربية في صفوف مستقلة.
انتقدت "جمعية حقوق الإنسان" في إسرائيل، وزارة التعليم التي تغض الطرف عن إصرار مدارس التيار الحريدي على الفصل بين الطلاب على أسس عرقية، وأشارت في رسالة بعثت بها إلى وكيل الوزارة، أساف تسلال، إلى أن مدرسة "بيت يعكوف نفيه" الابتدائية في القدس المحتلة، تفصل الطلاب من أصول شرقية عن الطلاب من أصول غربية. ونقل موقع "والاه"، عن الرسالة: "الفصل على أساس عرقي يتناقض مع مبدأ المساواة، ويمثل تمييزاً يضر بكرامة الأطفال، كما يفضي إلى تعزيز شعور الطلاب بالحرمان والدونية".
وفي أغسطس/آب 2009، أصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا قراراً يحظر على وزارة التعليم السماح بالفصل بين الطلاب على أساس عرقي، رداً على دعوى تقدمت بها منظمة "شباب على طريق الشريعة" ضد المدرسة الابتدائية في مستوطنة "عمانوئيل" الواقعة شمال غربي محافظة سلفيت، لأنها أجبرت الطالبات من أصول شرقية على الدراسة في صفوف منفصلة.
ورغم أن المحكمة العليا تحوز على صلاحيات المحاكم الدستورية، وتعد قراراتها ملزمة للحكومة والبرلمان وجميع مؤسسات الدولة، فإنه لم يجر احترام القرار.
وحسب صحيفة "هآرتس"، فإن مدارس بني براك، وإليعاد، وبيتار عيليت، ويهود، وموديعين عيليت، والكثير من مستوطنات القدس المحتلة، وهي المناطق التي يقطنها التيار الحريدي، تواصل الفصل بين الطلاب على أساس عرقي، وبعضها تعده من ضمن شروط العملية التعليمية، حتى إن مدرسة في القدس المحتلة رفضت السماح لثلاثين طالبة من أصول شرقية بالانضمام إليها، فبقين في بيوتهن لمدة ثلاثة أسابيع، قبل أن تتمكن وزارة التعليم من العثور على مدرسة مستعدة لاستقبالهن.
وعندما تتدخل وزارة التعليم لإجبار المدارس الحريدية على السماح للطلاب من أصول شرقية بالانضمام إليها، تلجأ إدارات هذه المدارس إلى إجراءات استثنائية. ووفق تقرير نشرته جمعية "حيدوش" لحرية الأديان والمساواة، فقد رفضت مدرسة ابتدائية في مستوطنة "بيتار عيليت" التي يقطنها التيار الحريدي، السماح لطالبين من أصول شرقية بالانضمام إليها، مما دفع جمعيات لمطالبة وزارة التعليم بالضغط على إدارة المدرسة لتغيير قرارها، فوافقت المدرسة، لكنها خصصت لهما صفاً مستقلاً، بحجة أن الصفوف الأخرى استوفت العدد المحدد من الطلاب.
وفي حالات أخرى، عندما تخضع المدارس الحريدية للضغوط، فإن أولياء أمور الطلاب من أصول غربية يتدخلون عبر منع أبنائهم من التوجه إلى المدارس، في خطوة تهدف إلى الضغط على إدارات المدارس للعدول عن قرارها.
وحسب منظمة "حيدوش"، فقد حدث هذا الأمر في مدينة "إليعاد"، حيث منع أولياء أمور الطالبات من أصول غربية بناتهم من التوجه إلى المدرسة، بعدما قبلت تسع طالبات من أصول شرقية، استجابة لقرار "لجنة الاستئناف" التابعة لوزارة التعليم، ونظراً لأن جميع طالبات المدرسة من أصول أشكنازية، فقد توقف التعليم فيها، ما منح إدارتها مبرراً لإقامة دعوى قضائية ضد وزارة التعليم وبلدية المدينة وأولياء أمور الطالبات التسع، مطالبة بالتراجع عن قرار السماح لهن بالدراسة فيها.
وتشير "حيدوش" إلى أنه على الرغم من تدخل وزارة التعليم والحكم المحلي، والقضاء أحياناً، لإنصاف الطلاب من أصول شرقية، فإن سلوك تلك المؤسسات يشجع على ممارسات الفصل والتمييز بين الطلاب على أساس عرقي.
وتلفت المنظمة إلى أن أحد أبرز ما يدلل على تشجيع الفصل بين الطلاب على أساس عنصري، قرار اللجنة التي تختار المرشحين للحصول على وسام "عزيز القدس"، والذي تمنحه بلدية الاحتلال للقيادات اليهودية التي لها إسهامات في الشأن العام، وقد سبق منحه في عام 2015، لحاخام لعب دوراً كبيراً في تكريس التمييز بين الطلاب على أساس عرقي، وهو الحاخام يشيعاهو ليبرمان، والذي يدير مؤسسات تعليمية حريدية. ويصر ليبرمان على عدم السماح للطلاب من أصول شرقية بالدراسة في مدارسه، ورغم تقديم استئناف ضد قرار منحه الوسام، فإن بلدية الاحتلال أصرت على قرارها.
ورغم أن اليهود من أصول شرقية يشتكون دائماً من التمييز ضدهم لأسباب عرقية، فإن ما يثير الاستهجان في سلوك إدارات المدارس الحريدية هو أن رفض استقبال طلاب من أصول شرقية يتناقض مع خطابها الذي يروج لـ "روح الأخوة اليهودية".