عادت مشكلة تلوث المياه إلى الواجهة في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة شمال شرقيّ سورية، وسُجلت قبل أيام حالات تسمّم نتيجة تلوث مياه الشرب بمياه الصرف الصحي، فشبكة المياه قديمة ومتضررة بشكل كبير وبحاجة إلى صيانة.
الطبيب عكيد علي، اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي، المقيم في القامشلي، قال لـ"العربي الجديد" إنّ تلوث المياه يكون من مصدرين أساسيين، يتعلق الأول بالصرف الصحي حين تختلط مياهه بمياه الشرب أو الأنهار أو الينابيع، والثاني من مكبات النفايات ومخلفات المصانع الكيماوية القريبة من مصادر مياه الشرب. مضيفاً: "تؤثر المياه الملوثة في الكائنات الحية كافة، وبخاصة الإنسان، إذ تسبب له الكثير من الأمراض التي تنتقل بطريقة مباشرة أو غير المباشرة عبر الخضر والفواكه الملوثة بالطفيليات والجراثيم".
وتابع الطبيب: "من بين الأمراض التي يسببها تلوث المياه، الحمّى التيفية والكوليرا، إضافة إلى التهاب الكبد من النوع A، ويكون العلاج بالسوائل من طريق الفم أو الوريد أو الأدوية المضادة للالتهاب، لكن تظل الوقاية أفضل حل، من خلال الابتعاد عن مصادر المياه الملوثة والاعتماد على المياه المعقمة وإبعاد مكبات النفايات والمصانع عن مياه الشرب، والأهم النظافة الشخصية وغسل الفواكه والخضار".
ومنذ بداية الأسبوع، سُجلت إصابات تسمم جراء تلوث المياه في حيّ الهلالية في مدينة القامشلي، وهو من الأحياء الفقيرة والمهملة خدمياً، وكان سبب التلوث اختلاط مياه الصرف الصحي بمصادر مياه الشرب.
وطالب الأهالي بعد الانتباه لتغير في رائحة الماء، الجهات المسؤولة في الإدارة الذاتية بإجراء فحص لشبكة المياه، ليتبين وجود التلوث.
المسؤول في دائرة مياه القامشلي، واصل أسعد، أكد في تصريحات صحافية سابقة، أن "مياه الشرب ضمن جغرافية مجلس حيّ (الشهيد آرام) أصبحت صالحة للشرب بعد انتهاء الورشات من أعمال صيانة لخطَّي مياه الشرب والصرف الصحي"، حيث ملأت بعض العائلات في الحيّ خزاناتها من الشبكة مع اكتفاء بعض العوائل باستخدام المياه للتنظيم، للتأكد من صلاحيتها.
عبد الله الحسين، من سكان الحيّ، قال لـ"العربي الجديد"، إن المشكلة ظهرت في الحيّ منذ أربعة أيام، مضيفاً: "بدأت المياه تصل إلى الحيّ برائحة كريهة، وهنا عرفنا أنها ملوثة، كنا نظن أن هناك أنبوباً مكسوراً، وهناك أشخاص أصيبوا بجراثيم، وهم يخضعون للعلاج من ذلك الوقت. البلدية والصحة أخذتا عينة من الماء، وتبيّن فعلاً أن المياه ملوثة".
الناشط الإعلامي مدين عليان، أوضح خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن شبكة المياه في مدينة القامشلي قديمة جداً، وهي متضررة كثيراً، وغالباً ما يحدث فيها تسرب الملوثات لمياه الشرب، لافتاً إلى أن الشبكة بحاجة لصيانة عاملة ودورية، خصوصاً قبل فصل الشتاء، حيث تتكرر الإصابات بتلوث المياه. وأكد أن شبكة المياه في حيّ الهلالية من أقدم الشبكات في مدينة القامشلي، ويجري إصلاحها بالتنسيق مع منظمة "اليونيسف".
عبد السميع الحمّود من سكان حيّ الهلالية، أشار خلال حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أنه أصيب وأولاده بإسهال حاد جراء شرب المياه الملوثة، وعولجوا باستخدام الأملاح، وقال: "شعرت بمغص شديد، ومن ثم إسهال، وظهرت الأعراض على أولادي أيضاً، أصبنا بالتعب، وعند ذهابنا إلى المشفى أخبرونا أننا تعرضنا لتسمم، حيث تأكدنا أن المياه هي السبب".
وفي مارس/ آذار الماضي، سجلت حادثة تلوث مياه في حيّ حلكو بمدينة القامشلي، كذلك تعاني أحياء قناة السويس، والهلالية، والسياحة، وجرنك في مدينة القامشلي من أزمة في مياه الشرب منذ عام 2018، بسبب الانقطاع المتكرر للمياه، وقلة الكميات الواصلة إلى هذه الأحياء، وسُجل فيها اختلاط للمازوت بمياه الشرب بعد تسرب المازوت من محطة الضخ.