استمع إلى الملخص
- الحرب أثرت بشكل مباشر على إمكانية تقدم الطلاب لامتحانات الثانوية العامة، مما حرم نحو 40 ألف تلميذ من فرصة التقدم لهذه الامتحانات وتعميق شعورهم بالظلم.
- وزارة التربية والتعليم الفلسطينية وجهات أخرى تسعى لإيجاد حلول، مثل إدراج تلاميذ غزة في مصر ضمن جدول الامتحانات، لتخفيف الأثر السلبي للحرب على التعليم.
منذ انطلاق الحرب الإسرائيلية الأخيرة، قبل نحو تسعة أشهر، انقطع تلاميذ غزة عن المدرسة. فضاع عامهم الدراسي، فيما يرى تلاميذ الثانوية العامة أنّ مستقبلهم تشظّى.
بعد عام دراسي وقع بدوره ضحيّة عدوان الاحتلال على قطاع غزة، إذ حُرم التلاميذ والطلاب الفلسطينيون المحاصرون والمستهدفون بآلة الحرب الإسرائيلية من التعليم وسط القصف والتهجير في حين تضرّرت المنشآت التربوية أو دُمّرت كلياً أو حُوّلت إلى مراكز إيواء للنازحين، كان من الطبيعي عدم إجراء امتحانات الثانوية العامة ولا أيّ امتحانات أخرى، مدرسيّة كانت أم جامعية.
وإلى جانب كلّ ما تعرّض له تلاميذ غزة الذين كانوا قد بدأوا في التخطيط لدراستهم الجامعية المقبلة، هم خسروا عاماً دراسياً كاملاً. ويحكي تلاميذ فلسطينيون في الثانوية العامة (التوجيهي) في قطاع غزة عن غصّة وعن معاناة مضاعفة، إذ من شأن ذلك التأثير على مستقبلهم وأحلامهم ولا سيّما أنّ التحاقهم بالجامعة أُرجئ إلى أجل غير معلوم. وممّا يزيد ألم هؤلاء التلاميذ وشعورهم بالقهر أنّ العملية التعليمية في الضفة الغربية المحتلة استُكملت في العام الدراسي 2023-2024، وقد انطلق زملاؤهم ومواطنوهم في امتحانات الثانوية العامة في 22 يونيو/ حزيران الجاري، مع العلم أنّ هذا الأمر يُعَدّ سابقة.
بحرقة وحسرة تقول التلميذة الفلسطينية سندس حسام، من مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، لـ"العربي الجديد" إنّها لم تتخيّل للحظة أن ينتهي العام الدراسي من دون إيجاد حلّ لأزمة تلاميذ الثانوية العامة وإعلان وزارة التربية والتعليم عن بدائل لإنقاذ هذا العام، وأن تستمرّ الحرب طوال هذه المدّة. تضيف سندس، التلميذة في الفرع الأدبي، أنّها حاولت منذ بداية الحرب مواصلة تعلّمها ولو بالحدّ الأدنى، آملةً أن ينتهي العدوان قبل الامتحانات الرسمية، لكنّ الأمور أتت بخلاف ذلك. وتخبر سندس: "كان حلمي إنهاء الثانوية العامة بتفوّق وإدخال الفرحة إلى قلب عائلتي، خصوصاً أنّني ابنة وحيدة". وتدعو "أصحاب الضمائر الحيّة وأحرار العالم للتحرّك بصورة عاجلة لإنقاذ ما تبقّى من قطاع غزة مع استمرار القتل والتدمير".
التلميذ الفلسطيني أحمد البنا من تلاميذ غزة الذين خسروا عامهم الدراسي وشهادتهم. هو يؤيّد ما قالته سندس حسام، ويعبّر عن أمله بـ"توقّف الحرب قبل فوات الأوان وقبل قتل ما تبقّى من طموحات وأحلام". ويخبر أحمد، التلميذ في الفرع الصناعي من مدينة غزة شمالي قطاع غزة، وهو نازح في مخيّم النصيرات وسط القطاع منذ الشهر الثاني من الحرب المتواصلة، أنّه سبق أن عاش ستّ حروب إسرائيلية على قطاع غزة، "لكنّ ما نشهده هذا المرّة حرباً ضروساً أتت على كلّ شيء، حتى أنّ التعليم المدرسي والدراسة الجامعية توقّفا وهو أمر لم يحدث قطّ". ولا يخفي أحمد أنّه محبط إزاء انطلاق امتحانات الثانوية العامة في الضفة الغربية المحتلة، مشيراً إلى أنّه حاول في بداية نزوحه توفير بعض من الكتب المدرسية "على أمل توقّف الحرب واستمرار العملية التعليمية". ويحكي عن امتحانات الثانوية العامة التي من شأنها "تحديد مصير كلّ واحد منّا، فهي الخطوة الأولى في طريق المستقبل العلمي والعملي".
من جهته، يصف التلميذ الفلسطيني أيمن السيد، من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، إنهاء العام الدراسي من دون امتحانات رسمية في قطاع غزة بأنّه "كارثة كبيرة"، مضيفاً أنّها "تعادل ربّما الموت والدمار". ويرى أيمن، التلميذ في الفرع العلمي، أنّ "الأحلام تبدّدت مع استمرار الحرب فيما راح الطموح يتلاشى شيئاً فشيئاً"، مشيراً إلى أنّه كان يحلم بـ"إنهاء العام الدراسي الحالي بتفوّق والالتحاق بالجامعة لدراسة الطبّ". ويتابع أيمن أنّ "تعطّل العملية التعليمية بفعل الحرب ألحق ضرراً كبيراً بالتلاميذ الذين كانوا قد بدأوا عامهم الدراسي الأخير قبل الجامعة. فالثانوية العامة أشبه بخطوة أولى في طريق المستقبل الذي بات مجهولاً في قطاع غزة المنكوب". ويشدّد أيمن على ضرورة أن يجد المعنيون وأصحاب القرار حلاً لتلاميذ الثانوية العامة في غزة، الذين حُرموا من استكمال تعليمهم المدرسي كما أقرانهم في أيّ مكان من العالم.
في الإطار نفسه، تعبّر التلميذة الفلسطينية فاطمة الغول، من مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، عن تذمّرها من جرّاء حرمان تلاميذ غزة من امتحانات الثانوية العامة، وسط الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ أكثر من ثمانية أشهر. وتلفت فاطمة، التلميذة في الفرع الشرعي، إلى أنّ "التلاميذ الفلسطينيين بمعظمهم ألهتهم ظروف الحرب عن استيعاب الكارثة التي حلّت بهم من جرّاء تأخّرهم عن زملائهم هذا العام، أو أعوام أخرى في حال استمرّت الحرب". وتشير فاطمة إلى أنّ "لدى تلاميذ كثيرين عزيمة وإصرارا على النجاح، من خلال مواصلتهم تعليمهم من دون امتحانات رسمية، موضحةً أنّ "ثمّة تلاميذ مستمرّون في التعلّم بأنفسهم حتى لا يضطروا إلى الانقطاع عمّا بدأوه".
بالنسبة إلى فاطمة، فإنّ توقّف العملية التعليمية ودفع الفلسطينيين في قطاع غزة إلى الجهل "هدف من أهداف الاحتلال في حربه". وتتابع فاطمة، النازحة مع عائلتها إلى مواصي خانيونس جنوبي القطاع، أنّه بعد تهجير عائلتها عقب اجتياح جيش الاحتلال مدينة رفح مسقط رأسها، حملت كتبها ومستلزمات التعلّم، آملةً أن يلاقي المعنيون حلاً لأزمة تلاميذ الثانوية العامة.
تجدر الإشارة إلى أنّ وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية أفادت بأنّ نحو 40 ألف تلميذ في الثانوية العامة حُرموا من التقدّم للامتحانات الرسمية بسبب الحرب على قطاع غزة. وبحسب بيانات المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فإنّ أكثر من خمسة آلاف من تلاميذ المدارس استشهدوا، كذلك استشهد 240 مدرّساً، إلى جانب آلاف الجرحى. وفي سياق متصل، عمدت سفارة فلسطين لدى القاهرة إلى إدراج تلاميذ الثانوية العامة من قطاع غزة الذين لجأوا إلى مصر في جدول الامتحانات، وأعلنت عن توزيع أرقام الجلوس واللجان بحسب ترتيبات معيّنة.