يجد مئات تلاميذ البكالوريا (الثانوية العامة) في تونس أنفسهم محرومين الانتساب إلى جامعات أجنبية، نتيجة عدم حصولهم على الكشوف الفصلية لمعدّلاتهم التي تُعَدّ من الوثائق الأساسية في طلبات التسجيل التي يقدّمها التلاميذ للجامعات في الخارج.
والتلاميذ الراغبون في الالتحاق بجامعات أجنبية يبدأون، في العادة، بإرسال طلبات تسجيلهم الأوليّة ما بين إبريل/ نسيان ومايو/ أيار من كلّ عام، في انتظار تأكيد التسجيل بعد الخضوع لامتحانات البكالوريا المقرّرة في بداية يونيو/ حزيران والنجاح فيها.
وتطلب الجامعات الأجنبية كشوف العلامات والمعدّلات كوثائق أساسية لتقييم ملفات التلاميذ التي تصل إليهم، غير أنّ تمسّك النقابات بقرارها القاضي بحجب المعدّلات يمنع مئات التلاميذ من التسجيل الأوّلي في تلك الجامعات استعداداً للدراسة في الخارج.
يقول رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ رضا الزهروني، إنّ "تأخّر الحل الشامل لأزمة التعليم في تونس يضيّع على تونسيين كثيرين فرص الالتحاق بجامعات أجنبية"، مشيراً إلى "شكاوى عديدة ترد إلى الجمعية من أجل التدخّل لإيجاد حلول لهذه الأوضاع العالقة".
ويشدّد الزهروني لـ"العربي الجديد" على أنّ "الجمعية تتمسّك بحلول جذرية وشاملة لأزمة حجب معدلات أكثر من 2.3 مليون تلميذ في المرحلتَين الابتدائية والثانوية"، ويؤكد أنّ "التأخير في حلّ الأزمة لا يخدم مصالح التلاميذ، ولا سيّما هؤلاء الذين يخضعون لامتحانات وطنية".
ويحذّر الزهروني من أنّ "تدارك التسجيل الأولي في بعض الجامعات قد يصير مستحيلاً، ولا سيّما في عدد من الاختصاصات في الأسابيع المقبلة، وذلك مع انتهاء المدّة المحدّدة لدراسة ملفات المتقدّمين للالتحاق بالكليات التي تشهد إقبالاً كبيراً من طلاب مختلف دول العالم". يضيف أنّه "على الرغم من النتائج الدراسية المميّزة لعدد كبير من التلاميذ التونسيين، فإنّ وضع التعليم في بلادهم لا يخدم مصلحتهم ويعرقل تطوّرهم العلمي في الخارج".
ولا يرى الزهروني حلولاً لأزمة حجب المعدّلات من خارج التسويات الرسمية ما بين السلطة والنقابات، شارحاً أنّ "مسار التقاضي الذي سلكه عدد من أولياء أمور التلاميذ قد يتأخّر نتيجة طول إجراءات التقاضي لدى المحاكم للحصول على أحكام باتة قابلة للتنفيذ".
ومن المفترض أن يُصدر القضاء التونسي، غداً الجمعة، حكماً في الطور الاستئنافي في قضية رفعها أولياء أمور تلاميذ وجمعيات تونسية ضدّ نقابات التعليم، لإجبارها على وقف عملية حجب المعدلات.
وتتمسّك نقابات التعليم التي دخلت قبل أشهر في مفاوضات مع وزارة التربية بحجب معدلات التلاميذ وعدم تسليمها للإدارة لإنجاز الكشوف الفصلية، احتجاجاً على عدم التوصّل إلى اتفاقات بشأن مطالب المدرّسين المادية والمهنية.
ويوم الاثنين الماضي، أفادت وزارة التربية في بلاغ لها بأنّها "لن تتوانى عن اتخاذ التدابير الإدارية والقانونية المناسبة"، خصوصاً في ما يتعلق بواجبات الكادر التربوي "على قاعدة العمل المنجز".
ودعت الوزارة جميع أفراد الكادر التربوي الذين لم يتمكّنوا من تنزيل معدّلات الفصلَين الأوّل والثاني، إلى تحمّل مسؤولياتهم الوطنية والتربوية والإدارية وكذلك تسليم معدّلات التلاميذ للإدارة في أجل قريب، وذلك بهدف ضمان إنهاء السنة الدراسية (2022-2023) بنجاح.
وفي هذا الإطار، قالت الكاتبة العامة المساعدة للجامعة العامة للتعليم الثانوي جودة دحمان، اليوم الخميس، إنّ "جامعة التعليم الثانوي التي تعقد هيئتها الإدارية ما زالت تمدّ يدها للحوار والتفاوض من أجل الوصول الى حلّ". يُذكر أنّ الجامعة العامة للتعليم الثانوي تعقد اجتماعاً لهيئتها الإدارية، اليوم الخميس، من المنتظر أن تسفر عن قرار نهائي بشأن مصير معدّلات التلاميذ والسنة الدراسية برمّتها.
وشدّدت دحمان، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية (وات)، على "تفهّمنا صعوبة المرحلة والضغط المسلط على الجميع"، مضيفة أنّ الهيئة الإدارية التي أبقت اجتماعاتها مفتوحة منذ الأسبوع الماضي ستبحث عن "حلول ما زالت ممكنة ومرضية للطرفَين".