- تقليص تمويل برنامج الأغذية العالمي أدى إلى انخفاض المستفيدين من المساعدات الغذائية بـ80%، مع وجود أكثر من 1800 مخيم يضم 2.2 مليون نازح ومليون فقير لا تشملهم المساعدات، مما يزيد من الضعف في المجتمعات الأكثر احتياجًا.
- العواصف المطرية وغياب الاستجابة الإنسانية تزيد من سوء الأوضاع في المخيمات، حيث يعيش الناس في خيام مهترئة، وتخفيض تمويل الإحالات الطبية يهدد حياة الأطفال والمرضى، مشيرة إلى الحاجة الماسة لتحسين الاستجابة الإنسانية.
يواجه النازحون في مخيمات سورية أوضاعاً إنسانية صعبة جداً في ظل التراجع الحاد في نسبة الاستجابة الإنسانية العام الماضي وصولاً إلى 61 في المائة، وسط توقعات بتراجع هذه النسبة تراجعاً أكبر هذا العام، بحسب ما أفاد تقرير أصدرته منظمة "كير" الدولية التي تعمل على مكافحة الفقر.
وقال مدير المنظمة في سورية، جوليان فيلدفيك، في التقرير: "في بلد يعيش 90 في المائة من سكانه تحت خط الفقر، ستسبب فجوات التمويل آثاراً كارثية على المجتمعات، وفي تدهور الوضع الإنساني".
وأدى تخفيض تمويل برنامج الأغذية العالمي إلى تقليص عدد الأفراد المستفيدين من المساعدات الغذائية نحو 80 في المائة في أنحاء سورية هذا العام. وخلّف ذلك تأثيرات خطيرة جداً على تغذية الأطفال، ما يشير إلى تداعيات الأوضاع الصعبة على المجتمعات الأكثر ضعفاً، والتي تحتاج إلى مساعدات إنسانية.
ويعتقد مدير فريق "الاستجابة الطارئة"، دلامة علي، بأن نسبة العجز في الاستجابة الإنسانية تتجاوز 61 في المائة بكثير، ويقول لـ"العربي الجديد": "هناك أكثر من 1800 مخيم في شمال غربي سورية تضم 2.2 مليون نازح. وهناك مليون فقير لا تشملهم المساعدات الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة أو جمعيات خيرية عربية أو أوروبية. ويواجه الناس عموماً أوضاعاً صعبة في المخيمات".
مليون فقير لا تشملهم أي مساعدات إنسانية في شمال غربي سورية
يتابع: "كانت عائلة الأرملة تحصل على سلتين غذائيتين بقيمة نحو 100 دولار شهرياً، تكفي أفرادها إلى حدّ ما، لكن قيمة هذه السلة انخفضت كثيراً خلال السنوات الماضية، وباتت 20 دولاراً حالياً، وتوزع على 50 ألف عائلة فقط في المنطقة ضمن 6 شروط، أحدها أن تضم العائلة أرملة".
ويعتبر أنه "مع غياب السلة ودعم الخبز والمياه تتجه الأمور نحو الأسوأ. أعرف نساءً يتسوّلن ثمن الخبز بعدما فقدن كل شيء، وقد أوصلهن الفقر إلى مرحلة التسوّل، وهو يجلب معه المرض والجهل والسرقة. لا استجابة إنسانية واضحة، والوضع يتجه إلى الفقر. 33 في المائة من الناس تحت خط الجوع، وواضح أن مخاطر كثيرة تترتب على تخفيض الدعم الإنساني".
ويتحدث مدير مخيم المشاميس في ريف إدلب شمال غربي سورية، حسين أبو علي، لـ"العربي الجديد"، عن أن المخيم تضرر من العاصفة المطرية التي ضربت المنطقة أخيراً، ويؤكد أن معظم الناس يعيشون في خيام مهترئة لم تستبدل منذ 4 سنوات، وهذا من نتائج غياب الاستجابة الإنسانية. وشخصياً لم يبقَ لدي أغراض، إذ جرف سيل المياه الخيمة، وأيضاً الخزانات في المخيم التي تعوّض جزئياً مشكلة غير دعمه بالمياه".
بدورها، حذرت منظمة "أطباء بلا حدود" من زيادة تخفيض تمويل الإحالات الطبية مرضى مخيمات شرقي سورية إلى المستشفيات خارج المخيمات. وحذرت في تقرير من أن "هذا الأمر يهدد حياة المرضى، ومعظم أطفال".
ودقت المنظمة ناقوس الخطر مشيرة الى أن النقص الحاد في التمويل أوقف نظام الإحالات الطبية الحيوية الذي تموّله منظمة الصحة العالمية في 11 مخيماً شمال شرقي سورية، بينها مخيم الهول، ما زاد عدد الوفيات التي يمكن تجنبها.
ويعتبر رئيس بعثة "أطباء بلا حدود" في شمال شرقي سورية، ألين ميرفي، في حديثه لـ"العربي الجديد، أنّ "نقص تمويل منظمة الصحة العالمية يعني وقف إحالات المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية متخصصة أو معقدة. وفعلياً يجب أن تتخذ منظمة الصحة العالمية خيارات صعبة في بيئة تشهد تخفيض التمويل الإنساني في كل المجالات".
ويؤكد أن "تخفيض التمويل يضع حياة الناس على المحك، علماً أنّ معظمهم من الأطفال الذين يعانون أمراضاً يمكن علاجها والوقاية منها، أو يحتاجون إلى رعاية متخصصة عاجلة وعمليات جراحية".
ويوضح مصدر خاص لـ"العربي الجديد" أن "نظام الإحالات الخاصة بسكان المخيمات التي تدعمها منظمات الأمم المتحدة وتعترف بها حكومة النظام السوري، يلحظ إرسال المرضى إلى مستشفيات في القامشلي أو الحسكة لتلقي العلاج في حال لم تتوفر في المخيم. ويشمل ذلك العمليات الجراحية التي يموّلها شركاء لمنظمة الصحة العالمية في المنطقة".
وفي تقرير سابق، قال فريق "منسقو استجابة سورية" إن "العديد من المنظمات والهيئات الإنسانية العاملة في المنطقة لا تقدّر حساسية الأوضاع الإنسانية الحالية التي تمر بها محافظة إدلب، والتي تشهد ازدياداً في الحاجة إلى تقديم المساعدات الإنسانية بصورة أكبر من السابق، وهي لا تملك رؤية واضحة لتخفيف حدة الأزمة التي تزداد يوماً عن يوم".