تقرير يحذر من انتشار ظاهرة زواج الأطفال في ريف مصر وصعيدها

تقرير يحذر من انتشار ظاهرة زواج الأطفال في ريف مصر وصعيدها

27 ابريل 2024
ترتفع نسبة زواج الأطفال في ريف مصر، قرية شما المنوفية 21 أغسطس 2020(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- زواج الأطفال في مصر يعكس تحديات مجتمعية، ثقافية، واقتصادية، خصوصًا في المناطق الريفية وصعيد مصر، مع تفاقم المشكلة بسبب الفقر وانخفاض مستويات القراءة والكتابة.
- بعد ثورة يناير 2011، ظهرت مخاوف بشأن الزواج المبكر مع دعوات لإلغاء الحد الأدنى لسن الزواج، بينما تسعى الحكومة لمعالجة القضية بإصلاحات قانونية وحملات توعية.
- الفقر، الاضطرابات الاقتصادية والسياسية، والممارسات الثقافية تعيق جهود مكافحة الزواج المبكر، مع دعوات لتحسين التعليم والخدمات الصحية للفتيات والنساء المتأثرات.

قالت لجنة العدالة (كوميتي فور جستس) ومؤسسة نظرة للدراسات النسوية إن زواج الأطفال والزواج المبكر والزواج القسري في مصر تمثل تحديًا كبيرًا، وهو ما يعكس التعقيدات المجتمعية الأوسع المتشابكة بعمق مع الأبعاد الثقافية والاقتصادية والسياسية، وخاصة مع انتشاره في وصعيد مصر وريفها. وعلى الرغم من انتشار هذه القضية ليس فقط في مصر ولكن أيضًا في العديد من الدول العربية، إلا أن الأبحاث حول هذا الموضوع لا تزال قليلة نسبيًا، ما يعيق الفهم الشامل والتدخلات الفعالة.

زواج الأطفال في مصر

وقدمت "لجنة العدالة" و"نظرة" معلومات لإعداد تقرير الأمين العام إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة حول قضية زواج الأطفال والزواج المبكر والزواج القسري، مع التركيز الجغرافي على مصر، خلال تقريرهما حول مدى انتشار زواج الأطفال في مصر، وبشكل أكبر في المناطق الريفية، وخاصة في صعيد مصر، حيث يؤدي الفقر وانخفاض مستويات المعرفة بالقراءة والكتابة إلى تفاقم المشكلة. إذ أكد التقرير أن البعد الاقتصادي يلعب دوراً مهماً، حيث غالباً ما تنظر الأسر إلى الفتيات باعتبارهن عبئاً اقتصادياً ومصدراً محتملاً للدخل من خلال المهور. 

وتابع التقرير: "كما أدى صعود الإسلاميين السياسيين في أعقاب ثورة يناير/ كانون الثاني 2011؛ إلى زيادة المخاوف بشأن وضع مركز الزواج المبكر، مع مناقشات في وسائل الإعلام تدعو إلى إلغاء الحد الأدنى لسن الزواج وعدم الامتثال للقوانين القائمة التي تحظر الزواج قبل سن 18 عاما". مشيرا إلى أن هناك جهودًا مبذولة من قبل الحكومة المصرية لمعالجة توصيات التقرير الأخير للأمين العام بشأن مسألة زواج الأطفال والزواج المبكر والزواج القسري.

وأوضح التقرير جهود الحكومة المصرية للحد من تلك الظواهر المجتمعية تضمنت صياغة إصلاحات قانونية، مثلاً تعديل قانون الطفل 2008. كذلك، جرى تدشين استراتيجيات وطنية وحملات للتوعية، مع دعوات لرفع سن الزواج إلى 21 سنة، ومشاركة دينية من قبل نائب الإمام الأكبر لشيخ الأزهر، الذي أصدر فتاوى تحرم زواج الأطفال، مشددًا على أهمية الرضا في الزواج، ورغم كل تلك الجهود؛ إلا أن التقرير أكد أن آليات إنفاذ القوانين التي تحظر الزواج المبكر لا تزال ضعيفة، كما أن العائلات تتجاوز متطلبات السن القانوني من خلال أشكال الزواج غير الرسمية، مثل الزواج العرفي. 

علاوة على ذلك، أشار التقرير إلى أن الممارسات الثقافية الراسخة، بما في ذلك النظر إلى الفتيات على أنهن أعباء اقتصادية والتأكيد على شرف الأسرة، لا تزال تؤدي إلى إدامة الزواج والزواج المبكر. وتشكل هذه المعايير عوائق كبيرة أمام التغيير. "ويساهم الفقر وعدم الاستقرار الاقتصادي في انتشار الزواج المبكر. كذلك، فإن الاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار في مصر أدت إلى تعطيل تنفيذ المبادرات الرامية إلى مكافحة الزواج المبكر؛ ما أدى إلى تحويل الاهتمام والموارد بعيدًا عن معالجة هذه القضية بشكل فعال" حسب التقرير.

الاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار في مصر أدى إلى تعطيل تنفيذ المبادرات الرامية إلى مكافحة الزواج المبكر

أيضًا، تطرق التقرير إلى إنشاء الحكومة المصرية المرصد الوطني المصري للمرأة (ENOW)، ولكنه أكد في الوقت نفسه أنه لا يوجد حتى الآن نهج شامل خاص للرصد والتقييم، وتُقدم فقط تقارير تقييم متفرقة لا تشمل جميع النساء المصريات، وخاصة عديمات الجنسية واللاجئات والمدافعات عن حقوق الإنسان، والنساء الناجيات من عنف الدولة، كما لا يوجد نظام هيكلي لجمع البيانات المصنفة حول زواج الأطفال مع عدم وجود تحليل يعالج الأسباب الجذرية ويقدم توصيات وتدابير لمنعه.

وطالبت المؤسستان، في ختام تقريرهما المشترك، بتقديم معلومات عن التدابير الرامية إلى معالجة الأسباب الجذرية لزواج الأطفال والزواج المبكر والزواج القسري، بما في ذلك الأعراف الاجتماعية وعدم المساواة بين الجنسين والقوالب النمطية، كما طالبتا بمعلومات حول ضمان الوصول إلى التعليم والعمل اللائق والحماية الاجتماعية والخدمات الصحية، بما في ذلك الصحة الجنسية والإنجابية، للفتيات والنساء المتأثرات أو المعرضات للخطر، المتزوجات بالفعل أو المرتبطات بزيجات غير رسمية، اللاتي فررن من هذا الزواج أو هذا الارتباط، واللواتي انحل زواجهن، والفتيات الأرامل أو النساء اللاتي تزوجن كبنات؛ مع ضمان تدابير الحماية وسبل الانتصاف وخدمات الدعم للناجيات؛ وأيضًا تنفيذ ميزانيات مراعية للأطفال والجنسين لدعم التدابير الفعالة للقضاء على زواج الأطفال والزواج المبكر والزواج القسري.

ووفقاً لتعداد مصر لعام 2017، يتبين أن واحدة تقريبا من بين كل عشرين فتاة في الفئة العمرية من 15-17 عام متزوجات أو كن متزوجات فيما سبق، وبالنسبة للفتيات اللاتي تتراوح اعمارهن بين 15-19 سنة، يرتفع المعدل إلى واحدة من بين كل عشر مع وجود فارق كبير بين المناطق الريفية والحضرية، وسبق أن حذر صندوق الأمم المتحدة للسكان من تفاقم هذه الظاهرة، حيث يتوقع أن يصل عدد حالات الزواج المبكر إلى أكثر من 15 مليوناً حول العالم بحلول عام 2030.