تفشي كورونا يزيد اضطرابات الأكل في الولايات المتحدة

05 سبتمبر 2021
إجبار طفلة على أكل تفاحة في مدرسة بكاليفورنيا (سارة ريجيفيرتز/Getty)
+ الخط -

منذ الأيام الأولى لانتشار فيروس كورونا، ابدى باحثون قلقهم من أن الضغوط المتزايدة للإغلاق والقيود المفروضة على رعاية الصحة العقلية ستزيد مخاطر اضطرابات الأكل لدى المراهقين والشباب.
يروي لالا تانمي داس، التلميذ في كلية الطب والطبيب المناوب في غرفة الطوارئ النفسية بأحد المستشفيات، لصحيفة واشنطن بوست الأميركية، تجربته مع مرضى يعانون من اضطرابات الأكل، ويقول: "انتشرت الاضطرابات بين الشباب في أنحاء الولايات المتحدة الأميركية. وبالنسبة إلى كثر فإن عدم قدرتهم على الحصول على رعاية صحية في الوقت المناسب فاقم مشكلاتهم في شكل كبير، وأدى الى تغيّرات في السلوك وصولاً إلى التفكير بالانتحار، أو بالتسبب في أذى شخصي".
يضيف: "في إبريل/ نيسان الماضي، التقيت فتاة في الـ16 من العمر عانت من اضطرابات في الأكل عزتها إلى تعلمها عن بعد، وتحديقها بشاشة الكمبيوتر ساعات عدة يومياً، ما جعلها تشعر بأنها تفقد السيطرة على الأحداث المحيطة بها. من هنا اعتبرت أن الطريقة الوحيدة التي تسمح باستعادتها شعورها بالفاعلية تتمثل في تغيير عاداتها الغذائية، فباتت لا تأكل في أحيان كثيرة أكثر من 100 سعرة حرارية يومياً. ثم حاول أفراد من أسرتها إدخالها في برنامج علاج في مصح متخصص، لكنهم اكتشفوا أنهم يحتاجون إلى الانتظار أشهراً عدة لإيجاد مكان لها".
يضيف: "لم يقبل معظم الأطباء النفسيين المدرجين ضمن شبكة التأمين الصحي للفتاة معالجتها، فساءت حالتها، وبادرت إلى قطع شرايين يديها وقدميها بشفرة حلاقة. حاولت مرات البحث عن مسكنات ألم كي لا تستيقظ في اليوم التالي، وراودتها أفكار متكررة بالسير وسط حركة المرور. لكن والديها لاحظا في ظهيرة أحد الأيام أن الدم يتجمع في كاحليها، علموا أنها ليست آمنة في المنزل، وأحضروها إلى غرفة الطوارئ النفسية".

زيادة الحالات
توقع أطباء وباحثون أن القيود المفروضة على النشاط البدني وتفاقم القلق وزيادة الوقت الذي يقضية الأشخاص أمام الشاشات، وزيادة التعرض لوسائل التواصل الاجتماعي، قد تتسبب في تقلبات الوزن والانشغال بالمظهر، ما يزيد اضطرابات الأكل.
وأكدت شبكة مكاتب لرعاية الأطفال منتشرة في ولاية بنسلفانيا تضاعف عدد الأطفال الذين يعالجون من اضطرابات الأكل من  9 عام 2019  إلى 19 في عام 2020، في حين ضم مركز لويزفيل الوحيد المتخصص في اضطراب الأكل بمدينة كنتاكي أكثر من 130 مراهقاً وبالغاً بعد انتشار الفيروس.
وتؤكد مديرة مركز لويزفيل، شيري ليفينسون، أن وباء كورونا كان السبب الرئيس في ارتفاع عدد المرضى الذين يعانون من اضطربات الأكل، علماً أن قوائم الانتظار زادت أيضاً عدد المرضى المراهقين في برنامج اضطرابات الأكل التابع لعيادة "يو شيكاغو" الطبية المتخصصة في الاضطرابات النفسية، إذ استقبلت أكثر من 40 خلال الجائحة، بعدما كان عددهم لا يتجاوز 5 سنوياً.
وسجلت المراكز الـ30 لشبكة "ايتينغ ريكوفيري" التي تتوزع على سبع ولايات أميركية، زيادة بنسبة 90 في المائة في عدد مكالمات المرضى الجدد، ما مثل نحو ألفي مكالمة جديدة خلال يناير/ كانون الأول وفبراير/ شباط 2021، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2020.

ويواصل المدير الطبي الإقليمي لمركز تعافي الأكل ورئيس قسم الطب النفسي في جامعة ماريلاند، هاري برانت، مع فريقه الطبي تقديم خيارات علاج عالي الجودة. ويشرح لـ"واشنطن بوست"، أن "الفرق الطبية تحاول توفير مساحات إضافية لاستقبال أطفال مراهقين، لأننا نعلم أن تشخيصهم يكون أفضل عندما نستطيع معالجتهم بسرعة".

حل العودة إلى المدرسة
وتشير قصص أخرى إلى معاناة شبان كُثر من اضطرابات الأكل بعدما فقد أولياء أمورهم وظائفهم، وواجهوا مشكلات انعدام الأمن الغذائي. وقد فقد أحدهم أكثر من 30 رطلاً، على مدار شهرين وشعر بدوار. ودفع ذلك طبيب الأطفال والباحث في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، جيسون ناغاتا، الذي يتمتع بخبرة كبيرة في معالجة اضطرابات الأكل، إلى المطالبة "بضرورة عودة الأطفال إلى المدارس، وإلا فإن تداعيات سلبية كثيرة ستنعكس على الصحة النفسية للأطفال".
ورأى رئيس طب المراهقين في مستشفى "ماس جنرال"، سكوت هادلاند، أنه "عندما يفقد المراهق السيطرة على جوانب عدة في حياته، وهو أمر شائع في ظل قيود الوباء، قد يلجأ إلى تناول الطعام. ومع تفاقم اضطرابات الطعام، تزداد اضطرابات تعاطي المخدرات مع اشتداد القلق الذي يواكبه توفير مواد كثيرة مثل الكحول والماريجوانا والنيكوتين والأفيون راحة مؤقتة".
من هنا وجد خبراء ان استئناف الحياة الطبيعية قد يخفف من الاضطرابات، وأن التطعيم ضد الفيروس، وإعادة التعليم في الفصول، سيسمح بلعب المدرسين دوراً حاسماً في تحديد اضطرابات تناول الطعام، والتدخل لاحتواء سلبياتها، كما نصح خبراء الأهل بإشراك أبنائهم المراهقين بانتظام في محادثات حول صورتهم الذاتية، ومخاوف الوزن، والأمراض النفسية المصاحبة، ومحاولة الحصول على تقييم أطباء لأطفالهم.

المساهمون