تحول التسرب المدرسي إلى ظاهرة في مناطق سيطرة النظام السوري، رغم إلزامية التعليم في سورية حتى الصف التاسع، والقوانين التي تعاقب ذوي الطالب المتسرب إلا أن هذه القوانين تبقى فقط قوانين ورقية في الوقت الحالي.
ويرى المدرس عمار العبدالله أن "التسرب ظاهرة قديمة موجودة من قبل عام 2011، ولا تقتصر على الطلاب في صفوف التعليم الأساسي، بل تشمل الطلاب في مرحلة التعليم الإبتدائي، وكلما زادت الصفوف، زاد التسرب المدرسي"، مضيفاً: "في جبلة كانت الظاهرة تزداد منذ عام 2013 مع وصول الكثير من النازحين إلى المدينة، خصوصاً ضمن الفئات الفقيرة التي تقيم في ضواحي المدينة، حيث تفضل الكثير من العوائل الفقيرة إرسال أبنائها لجمع المخلفات البلاستيكية والعمل في الصناعة وحتى الأفران. ومن أسباب التسرب أيضاً، ضعف التعليم واكتظاظ المدارس وبعد المدارس عن الطلاب".
ويوضح العبدالله لـ"العربي الجديد" أنه "منذ مدة لم يكن في جبلة سوى مدرسة واحدة للبنات، وكانت بعيدة ولا يرسل الأهالي بناتهم إليها، والمدرسة الثانية كانت قيد الترميم بسبب الزلزال".
التسرب المدرسي ومبررات النظام السوري
ويبرر معاون وزير التربية في حكومة النظام السوري التسرب المدرسي بوجود العديد من الأزمات التي أدت إلى تدمير البنى التحتية، ومحدودية التنقل والنزوح المتكرر وانعدام الأمن وخروج المدارس عن الخدمة والأسباب الاقتصادية والمعيشية من الأسباب الكثيرة، وفقاً لتصريحاته التي نقلتها صحيفة الوطن المقربة من النظام، أمس الثلاثاء.
ووفق وزارة تربية النظام السوري، بلغت نسبة التسرب للعام الدراسي 2022/2023 (4.28 بالمئة)، مقارنة بالعام 2021/2022، إذ كانت (3.98 بالمئة)، علماً أنها راوحت خلال سنوات الحرب بعد عام 2014 بين 6.17 بالمئة، وصولاً إلى 17.46 بالمئة.
يقول ربيع اليوسف المقيم في ريف دمشق لـ"العربي الجديد" إن أولاده يعملون في العطلة الصيفية لتغطية مصاريف العائلة، مضيفاً أنه غالباً ما يترك الأطفال المدرسة بعد الصف السادس، وهذا الأمر شائع، الطفل الذي يرسب لسنتين أو أكثر ضمن المرحلة الابتدائية يعتبر ميؤوساً من استمرار تعليمه.
يستأنف قائلاً: "كان ينبغي للدولة إذا أرادت الحفاظ على الطلاب ومنع التسرب المدرسي، أن توفر للطلاب لقمة العيش"، مضيفاً: "أشجع أولادي على الدراسة، لكن إن خُيِّرنا بين الدراسة ولقمة العيش ورغيف الخبز بالتأكيد سنختار لقمة العيش ورغيف الخبز لكونه لا خيار آخر لنا".
يذكر أن حكومة النظام السوري بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي طبقت خطة "الغذاء من أجل التعليم في سورية، وذلك منذ عام 2009، حيث قدم البرنامج الطحين إلى العوائل الفقيرة، لقاء عدم تسرب أبنائها من التعليم وإرسالهم إلى المدارس".